فوائد مختصرة من باب صلاة الكسوف للعثيمين
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
فوائد مختصرة من باب صلاة الكسوف من فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام للعلامة العثيمين
- التصنيفات: طلب العلم -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذه بعض الفوائد من باب صلاة الكسوف من كتاب فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام للعلامة العثيمين رحمه الله وهي فوائد مختصرة لا تتجاوز الفائدة الواحدة ثلاثة أسطر, أسأل الله الكريم أن ينفع بها
- الكسوف وأسبابه:
& يقال الكسوف والخسوف بمعنى واحد, وقيل: الكسوف للشمس, والخسوف للقمر لقوله تعالى ﴿فإذا برِق البصر*وخَسَفَ القمرُ﴾ ولكن الأظهر أن معناهما واحد
& فأسباب كسوف الشمس هو أن القمر يحول بينها وبين الأرض, ولذا فإن الكسوف لا يكون إلا في آخر الشهر, لإمكان حيلولة القمر بين الشمس والأرض.
& أسباب كسوف القمر هو حيلولة الأرض بين الشمس والقمر ويكون ذلك في ليالي الإبدار ولا يكون أبدًا في غير ليالي الإبدار لأن ضوء القمر مستفاد من الشمس إذًا سبب الكسوف معلوم من الناحية الحسية....وهو معلوم من طريق الحساب
& هناك سبب شرعي لا يُعلم إلا عن طريق الوحي وهو الأهم وهو تخويف الله العباد بهذا الكسوف...فالتخويف معناه: أن الله ينذر العباد من أن تقع بهم عقوبة...فهو إنذار قد يقع المنذَر به وقد لا يقع.
& هذا السبب الشرعي هل يعارض السبب الحسي؟ الجواب: لا لأن الفاعل واحد, فالذي جعل القمر يحول بين الشمس والأرض, أو الأرض تحول بين الشمس والقمر هو الله, والمخوف هو الله, فلا تنافي بين هذا وهذا.
- إخبار الناس بالكسوف:
& ما حكم إخبار الناس بوقوع الكسوف؟ الجواب: إبراز هذا للناس وإخبارهم به لا ينبغي, لأنه يضعف في قلوبهم الهيبة والخشية والخوف, مثل لو جاءك عدو على بغتة أو جاءك عدو وأنت قد علمت به, فإن الأول يكون أشد ترويعًا.
- لا يعمل بالحساب في صلاة الكسوف:
& لا يعمل بالحساب في صلاة الكسوف لقوله: ( إذا رأيتموهما ) وعلى هذا فلو أن الحُسّاب أطبقوا على أن الليلة سيكون كسوف إلا أن السماء صارت غيمًا ولم يتبين فإننا لا نصلى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علّق ذلك بالرؤية.
- النداء لصلاة الكسوف:
& مشروعية النداء لصلاة الكسوف بهذا اللفظ الصلاة جامعة ويكرر بحسب الحاجة, و " الصلاة جامعة " معناها اجتمعوا على هذه الصلاة, يعني جامعةً للناس.
- حكم صلاة الكسوف:
& الصلاة فيها خلاف فمن أهل العلم من قال بوجوبها وأنها فرض عين...وأنا متردد بين كونها فرض كفاية أو فرض عين...أما الاقتصار على أنها سنة فقط فهذا ضعيف
- صفة صلاة الكسوف:
& لما كان الكسوف آية من آيات الله وليس من الأمور العادية وإنما هو شيء خارج عن العادة لا يقدر عليه إلا الله عز وجل كان من الحكمة أن تكون له صلاة من آيات الله خارجة عن المعتاد في الصلوات.
& المشروع أن يصلي في كل ركعة ركوعين لقولها: ( فصلى أربع سجدات) والسجود لا يتغير, بل في كل ركعة سجودان فقط.
& استمرار الصلاة والدعاء حتى ينكشف لقوله: ( «حتى تنكشف» ) و( «حتى تنجلي» )ـ
& قوله: (( «فصلى فقام قياماً طويلًا نحوًا من قراءة سورة البقرة » )) وهذا هو القيام الأول...يعني بنحو جزأين ونصف تقريبًا, والمعروف من قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يرتلها وعلى هذا فتستوعب ساعة ونصف ساعةٍ تقريبًا هذا في القيام الأول
& قوله: (( «ثم ركع ركوعاً طويلًا » )) يعني قريبًا من قيامه.
& هذا الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم قد تستوعب أربع ساعات أو أكثر... والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه وهم قائمون, وقد ذكر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه كان في يومٍ حارٍ...فانظر إلى الصبر العظيم على طاعة الله.
& ينبغي تطويل القراءة بل تطويل صلاة الكسوف ولو شق على بعض الناس لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أطال, ومثل هذا يشق على بعض الناس, وقد ثبت في الصحيح أن بعضهم سقط من الغشي.
& ينبغي في صلاة الكسوف أن تكون كل ركعة أقصر مما قبلها, وكل قراءة وركوع أقصر مما قبله.
& إذا قال قائل: بم تدرك الركعة هل بالركوع الأول أم بالثاني؟....القول الصحيح أنه لا يكون مُدركًا للركعة إلا بإدراكه الركوع الأول.
- الخطبة بعد الكسوف:
& مشروعية الخطبة بعد الكسوف وهذه الخطبة هل هي خطبة راتبة أما راتبة عارضة ؟ فيه خلاف...مذهب الشافعي أنه يشرع أن يخطب لها لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم... والمشهور من مذهب الحنابلة أن هذه الخطبة خطبة عارضة لا لازمة للصلاة
& القول بأن الخطبة خطبة راتبة لا عارضة قول قوي.
& حتى لو قلنا: إن الخطبة عارضة لا راتبة فإنه ينبغي أن يخطب, لأن الناس عندهم جهل عظيم...لا سيما أنه ينشر...ويبين للناس عن الكسوف ووقته, فيأتي الناس للكسوف وكأنهم منفتحون له منشرحو الصدور ما كأنه أمر يخشى منه أو يفزع منه.
& إذا قام أحد بعد صلاة الكسوف ووعظ كان في هذا خير.
- الصلاة لبقية الآيات:
& لو حدثت صواعق عظيمة متتابعة خاف الناس منها فإنهم يصلون, ولو حدث زلزل في الأرض فإنهم يصلون, ولو حدثت رياح قوية غير مألوفة فإنهم يصلون, وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
& وقال بعض العلماء: إنه لا يصلى إلا لكسوف الشمس والقمر فقط, لأنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وجدت الرياح والعواصف والرعد والبرق ولم يكن صلى الله عليه وسلم يصلي.
& وقال بعض العلماء: يصلى للزلازل فقط دون غيرها من الحوادث, واستدلوا بما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى للزلزلة, فقالوا: الزلازل يصلى لها وغيرها لا يصلى....والظاهر والله أعلم أن الاقتصار على ما جاء به النص أولى.
- متفرقات:
& حكمة الله عز وجل حيث وقع الكسوف في اليوم الذي مات فيه إبراهيم, ووجه ذلك: لأجل أن يكون القول بإبطال تلك العقيدة في وقته ومحله, وحدوث الشيء في وقته ومحله يكون له وقع في النفس أكثر.
& المعاصي تكون سببًا لعدم نزول المطر, أو سببًا للرياح المدمرة, أو سببًا للصواعق المهلكة, وما أشبه ذلك.
ــــــــــــــــ
& الله تعالى قد يزلزل بالأرض وتهلك وتدمر في لحظات آلاف الناس وآلاف المساكن, ولو أن الإنسان تصوّر كيف يكون بهذه الزلزلة التي مثل الشرارة يعني من سرعتها وتحدث هذا الأمر العظيم علم عظمة الله وازداد إيمانًا.
& الصواعق مثلًا لها أسباب ويخوف الله بها العباد, والزلازل لها أسباب حسية معلومة, ويخوف الله بها العباد, وكذلك الرياح وغيرها, فالأسباب الكونية لا تنافي الحِكم الشرعية, لأن الفاعل واحد وهو الله عز وجل.
& لقسوة قلوبنا وعتو نفوسنا في الوقت الحاضر إذا جاءت مثل هذه الأعاصير العظيمة قيل: هذه تقلبات الطقس فلا يضيفون هذا الأمر إلى الله عز وجل ولا يخشون ولا يخافون لأن القلوب قاسية لا ينفع فيها شيء.
& شدة مخافة الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه وعقابه ولهذا كان إذا رأى غيمًا صار يُقبل ويُدبر...فتقول له عائشة رضي الله عنها يا رسول الناس إذا رأوا ذلك يستبشرون؟ فقال: (يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح)
& كل من كان بالله أعرف كان منه أخوف, لأن الإنسان إذا نظر في ذنوبه وإلى تقصيره خاف من الله عز وجل, ولولا أن الإنسان يعتمد على عفو الله وسعة رحمته وإحسانه لهلك, لكن يرجو ويخاف.
& لا تنظر إلى تقصيرك باعتبار زمانك, فإنك إن فعلت فقد تُعجب بنفسك, لأنك قد ترى كل من حولك أقلً منك في عبادة الله, لكن انظر إلى تقصيرك بالنسبة لمن سبقك انظر إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم وحال الصحابة رضي الله عنهم.
& نحن إذا نظرنا إلى حال الصحابة وحال التابعين وجدنا أن بيننا وبينهم كما بين الثرى والثريا, وعرف تقصيرنا تمامًا.
ـــــــــــــــــــ كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ