اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد.
محمد سيد حسين عبد الواحد
أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن أحد اوضح (علامات الإيمان) وأحد أهم (دلائله) حب الله تعالى وحب النبي محمد صلى الله عليه وسلّم..
- التصنيفات: محبة النبي صلى الله عليه وسلم -
أيها الإخوة الكرام: في مجلس من المجالس.. رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه يحدثهم، فبينما هو كذلك إذ قاطعه أحدهم بسؤال يقول: يا رسول الله متى الساعة؟
فرغ السائل من سؤاله ولم يجد من رسول الله جوابا!!
فمن الصحابة من قال: سمع رسول الله السؤال وكرهه لذلك لم يجبه..
ومنهم من قال: لم يسمع الرسول السؤال ولو سمع رسول الله السؤال لأجابه..
«قال أنس بن مالك راوي هذا الحديث: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟»
«فقال الرجل ها أنا ذا يا رسول الله قال: تسأل عن الساعة؟ قال نعم، قال: وما أعددت لها؟»
«قال والله يا رسول الله ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أعددت لها حب الله ورسوله فقال النبي عليه الصلاة والسلام ( المرء مع من أحب) »
«قال أنس بن مالك راوي هذا الحديث: والله ما فرحنا بشيء بعد إسلامنا كفرحنا بقول النبي عليه الصلاة والسلام ( المرء مع من أحب) فإني أحب الله ورسوله وأحب أبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم.» ..
أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن أحد اوضح (علامات الإيمان) وأحد أهم (دلائله) حب الله تعالى وحب النبي محمد صلى الله عليه وسلّم..
نسأل الله بأسماءه الحسنى وصفاته العلا أن يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب كل عمل يقربنا إلى حبه.
لم ولن يكتمل الدين ظاهرا وباطنا ، ولم ولن تتم نعمة الإيمان في قلب أحد إلا بحب الله ورسوله ولن يذوق عبد للإيمان طعما، ولن يشم للإيمان رائحة إلا بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم..
عن عبد الله بن هشام رضى الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه» فقال عمر: فأنت والله أحب إلى من نفسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الآن يا عمر» .
لن يلام أحدهم أن كان يحب نفسه، لن يعتب على أحدهم أن كان يحب زوجه وماله وولده، لكن لا بد وأن تكون محبة الله ورسوله أكبر، لابد وأن تزيد محبة الله ورسوله على محبة النفس والمال والوالد والولد ، لابد وأن تتقدم محبة الله ورسوله على جميع المحاب..
قال النبي عليه الصلاة والسلام «(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواه، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)»
أيها الإخوة الكرام: في سورة التوبة آية يقول فيها رب العالمين سبحانه وتعالى {﴿ قُلْ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَٰنُكُمْ وَأَزْوَٰجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَٰلٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٍ فِى سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾}
هذه الآية تؤسس لمحبة الله تعالى والسعي في رضاه، وكذا لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولضرورة أن تكون مقدمة على كل ما سواها..
فإن كان الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة، والأموال، والتجارة، والمساكن- أَحَبَّ إِلَي المسلمين مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِ الله فليرتقبوا من الله تعالى عقابا في العاجل أو في الآجل..
إن كان الآباء والأمهات والأبناء والبنات والإخوة والأخوات والأزواج والزوجات والعشيرة، والأموال، والتجارة، والمساكن- أحسن في نفوسكم وأقرب إلى قلوبكم من طاعة الله وطاعة رسوله وأحسن في قلوبكم من الجهاد في سبيل ومن إعلاء كلمة الحق، فانتظروا حتى يحكم الله فيكم، وهو العذاب العاجل أو العقاب الآجل.
{ ﴿ قُلْ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَٰنُكُمْ وَأَزْوَٰجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَٰلٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٍ فِى سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾}
قال بعض العلماء: وليس المراد من هذه الآية: أن ينقطع المسلم عن الأهل والعشيرة والزوج والولد والمال والعمل والمتاع واللذة، وليس المراد من هذه الآية أن يترهبن المسلم أو أن يزهد في طيبات الحياة..
إنما تريد هذه العقيدة أن يفرغ لها القلب، ويخلص لها الحب، وأن تكون هي المسيطرة الحاكمة، وهي المحركة الدافعة. فإذا تم لها هذا فلا حرج عندئذ أن يستمتع المسلم بكل طيبات الحياة، وأن يستمتع بزينة الله والطيبات من الرزق. في غير سرف ولا مخيلة.
والآية العمدة في هذا هى قول الله تعالى {﴿ وَٱبْتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلْءَاخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِى ٱلْأَرْضِ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾}
من دلائل محبة الله ورسوله كثرة ذكر الله تعالى وكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم..
توءمان لا يفترقان: ذكر الله تعالى والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم..
بين الأذان والإقامة يجتمع ذكر الله تعالى مع الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم..
قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إِذَا سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ)
عند دخول المسجد، وعند الخروج منه يجتمع ذكر الله تعالى مع الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم..
قال النبي عليه الصلاة والسلام «( إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ)»
وعند رفع أكف الضراعة إلى الله تعالى بالدعاء والرجاء يجتمع ذكر الله تعالى مع الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم.. سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِلَ هَذَا ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ
يجتمع ذكر الله تعالى مع الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المواطن كلها إيمانا بالله تعالى وإيمانا برسوله المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلّم وحبا لله تعالى وحبا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم...
الكون كله بما فيه من شمس وقمر ونجوم وجبال وأنهار، الكون كله يسبح بحمد الله تعالى، {﴿ تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾}
والكون كله بما فيه من حجر وشجر يصلي ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال النبي عليه الصلاة والسلام «(إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ)»
وفي سورة الأحزاب {﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ ۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسْلِيمًا ﴾}
اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا وقدوتنا محمد صلى الله وسلم عليه عدد من صلى عليه وعدد من لم يصلي عليه وكما تحب يا رب أن تصلي عليه..
«عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ قَالَ أَجَلْ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا» ..
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتقبل منا حبنا وصلاتنا وسلامنا على قدوتنا وحبيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير...
الخطبة الثانية
بقى لنا في ختام الحديث عن هذه التوأمة بين ذكر الله تعالى وبين كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقى لنا أن نقول: لماذا أمرنا بكثرة ذكر الله تعالى؟
لماذا وردت الآية بهذه الصورة {﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾}
الحكمة من ذلك والله أعلم أننا أمرنا بذكر الله تعالى ذكرا كثيرا ندلل بذلك على إيماننا، ونبرهن بذلك على كامل خضوعنا واستسلامنا لربنا سبحانه وتعالى، ثم إننا بذكرنا لربنا نرفع درجاتنا، ونتكسب حسناتنا، ونقضي على سيئاتنا، ونبارك أموالنا وأولادنا وحياتنا كلها بكثرة ذكر الله سبحانه وتعالى...
أما رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أيضا بكثرة الصلاة والسلام عليه وجاءت الآية بهذه الصورة {﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ ۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ صَلُّوا۟ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا۟ تَسْلِيمًا ﴾}
الحكمة من ذلك والله أعلم أننا أمرنا بكثرة الصلاة والسلام على رسول اللّه إيمانا به وحبا له وإقرارا بفضله وعرفانا بجميله ومكافأة لإحسانه صلى الله عليه وسلّم
ثم إن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم بركة تغشانا في بيوتنا وفي مجالسنا، ثم إن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم سبب غفران الذنوب وستر العيوب ورضا علام الغيوب، ثم إن الهم ينفك، والعقد تنحل، بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ثم إن الأجور تكتب، والأوزار تمحى، والدرجات ترفع، والعبد في الملأ الأعلى يعرف بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم..
فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. آمين.