موعظة في التفريط في الأعمال الصالحة
الدنيا أَضْغَاثُ أحلام، ودارُ فَنَاءٍِ لَيْسَتْ بدَارِ مَقَام، سَتَعْرِفُ وتفهم نُصْحِي لَكَ بعدَ أيام، وما غابَ عَنْكَ سَتَراه على التمام إذا كُشفَ الغِطاء عَنْكَ وَصَارَ بَصرُكَ حَديدًا، وهناك تَنْدَمُ ولاتَ ساعَة ندم.
- التصنيفات: التوبة - نصائح ومواعظ -
إخْوَانِي أَيْنَ أَحْبَابُكُمْ الذين سَلَفُوا؟
أَيْنَ أَتْرَابُكم الذين رحَلُوا وَانْصَرَفُوا؟ أَيْنَ أَصْحَابُ الأَمْوَالِ وَمَا خَلَّفُوا؟ نَدَمُوا وَاللهِ عَلَى التَّفْرِيط، يَا لَيْتَهُمْ عَرَفُوا هَوْلَ مَقَامِ يَشِيبُ منه الوليد، إذا {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19].
فَوَاعَجَبًا لَكَ كُلَّمَا دُعِيتَ إِلى اللهِ تَوَانَيْت، وَكُلَّمَا حَرَّكَتْكَ الْمَوَاعظُ إِلى الخيراتِ أَبُيت، وعلى غَيَّكَ وَجَهْلِكَ تَمَادَيْت، وَكَمْ حُذِّرت مَن الْمَنُون، فما التَفَتَّ إلى قول الناصِحِ وَتَركْتَهُ وما بَالَيْت!
يا مَنْ جَسَدُهُ حَيٌ وَلَكِنْ قلبه مَيْت، سُتَعَاين عند قُدُومِ هَادِم اللَّذاتِ مَا لا تَشْتَهِي وَتُرِيد {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19].
كم أَزْعَجَ الْمَوتُ نُفُوسًا مِنْ دِيَارِهَا، وَكَمْ أَتَلَفَ البَلَى من أجسادٍ مُنَعَّمَةٍ لَمْ يُدَارِهَا، وَكَمْ أَذَلَّ في التُّرَابِ وَجُوهًا نَاعِمَةً بَعْدَ رِفْعَتِهَا وَاسْتَقْرَارِهَا.
انتبه يا أخي، فالدنيا أَضْغَاثُ أحلام، ودارُ فَنَاءٍِ لَيْسَتْ بدَارِ مَقَام، سَتَعْرِفُ وتفهم نُصْحِي لَكَ بعدَ أيام، وما غابَ عَنْكَ سَتَراه على التمام إذا كُشفَ الغِطاء عَنْكَ وَصَارَ بَصرُكَ حَديدًا، وهناك تَنْدَمُ ولاتَ ساعَة ندم.
شِعْرًا:
قُلْ للَّذِي أَلِفَ الذَّنُوبَ وَأَجْرَمَـــا ** وَغَدَا عَلَى زَلاتِهِ مُتَنَدِّمًــــــــــــــــا
لا تَيْأَسَنْ واطْلُبْ كَرِيمًا دَائِمًــــا ** يُولِي الجَمِيلِ تَفْضُّلا وَتَكَرُّمَــــــــا
يَا مَعْشَرَ العَاصِينَ جُودٌ وَاسِـــعٌ ** عِنْدَ الإِله لِمَنْ يَتُوبَ وَيَنْدَمَـــــــــا
يَا أَيُّهَا العَبْدُ الْمُسِيء إلى مَتَــى ** تُفْنِي زَمَانَكَ فِي عَسَى وَلَرُبَّمَــــــا
بَادِرْ إِلى مَوْلاكَ يَا مَنْ عُمْــــــرُهُ ** قَدْ ضَاعَ فِي عِصْيَانِهِ وَتَصَرَّمَـــــا
وَاسْأَلَهُ توفِيقًا وَعَفْوًا ثَم قُــــلْ ** يَا رَبَّ بَصِّرْنِي وَزِلْ عَنِّي العَمَـــــا
ثُمَّ الصلاةُ على النبي أَجَلُّ مِـنْ ** قَدْ خَصَّ بالتَّقْرِيبِ مِنْ رَب السَّمَا
وَعَلى صَحَابتِهِ الأفاضَلِ كُلِّهِـم ** مَا سَبَّحَ الدَّاعِي الإِلهَ وَعَظَّمَــــــــا
اللَّهُمَّ انْظِمْنَا فِي سِلكِ حَزبِكَ الْمُفْلِحِينَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عَبِادَكِ الْمُخْلِصِينَ النَّبِيينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهداء والصالِحِينَ، وَاغْفِرَ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
_______________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالعزيز السلمان