الغيرة على الأعراض

تلك الصفة العظيمة، والخلق النبيل الذي حضَّ عليه الإسلام ورغَّب فيه، وجعل الدفاع عنه والقتل في سبيل الذبِّ عنه شهادةً في سبيل الله

  • التصنيفات: أخلاق إسلامية - - آفاق الشريعة -

"الغيرة على الأعراض" تلك الصفة العظيمة، والخلق النبيل الذي حضَّ عليه الإسلام ورغَّب فيه، وجعل الدفاع عنه والقتل في سبيل الذبِّ عنه شهادةً في سبيل الله، وقبل أن أدخل في المقصود أوَدُّ أن أُعَرِّف معنى "الغَيْرَة" ومعنى "العِرْضِ"، فأقول مستعينا بالله جل جلاله:

 

الغَيْرَة: "كَرَاهَة الرجل اشْتِرَاك غَيره فِيمَا هُوَ حَقه"[1]، فحريم الرجل من عرضه، وهو شيء خاص به، والرجل الغيور يكره أن يُشرِك غيرَه في حريمه، ويغضب إن اعتدى أحدٌ عليهنَّ.

 

والعِرض: هو "مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان... وهو يشمل أُمُور الإنسان الَّتِي يرْتَفع بهَا أَو يسْقط بذكرها، وَمن جِهَتهَا يحمد ويذم"[2]، فظهر بهذا أن الغيرة على الأعراض تعني الدفاع والذود عن كل ما يخص الإنسان مما يلحقه الذم بسببه إذا لم يدافع عنه، والمقصود هنا في المقام الأول الدفاع عن حريم الإنسان من زوجة وبنت وأخت وأم وسائر النساء، وسواء كن قريبات في النسب أم لا.

 

والمحافظة على العرض إحدى الضرورات الخمس التي جاء الإسلام بالحفاظ عليها، وهي: الدِّين، والنَّفس، والمال، والعِرض، والعقل، وهذه الضرورات إذا اختلَّت حصل للناس خلل في أمر دينهم ودنياهم، حتى لا يصلح أمر الدين ولا أمر الدنيا إلا باعتبار هذه الضرورات، فإذا لم تُراعَ اختلَّ نظام الناس في حياتهم، وترتَّب على ذلك فساد أمر دينهم ودنياهم.

 

حفظ العرض من مقاصد الإسلام العظيمة:

وإذا نظرنا إلى آيات الكتاب العزيز، وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم نرى قدر الاهتمام العظيم الذي منحه الإسلام للمحافظة على العِرض، فنجد أن الإسلام يحرم الزنا ويعده من الكبائر والفواحش ويتوعَّد فاعله بالعذاب المهين، يقول ربنا –تبارك وتعالى-:  {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32] ففي الزنا هتك للأعراض، وانتهاك للحرمات، واختلاط للأنساب، وشيوع للرذائل وفساد للأخلاق، ووضع الإسلام حدًّا في الدنيا للزاني؛ فالجلد مائة جلدة للزاني غير المحصن، قال ربنا جل جلاله:  {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}  [النور: 2] والرجم حتى الموت للزاني المحصن: فقد قال عمر رضي الله عنه: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان، حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن، إذا قامت البيِّنة، أو كان الحَبَل أو الاعتراف - قال سفيان: كذا حفظت - ألا وقد «رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده» [3]، ولم يحرم الإسلام الزنا فقط، بل حرم كل ما يُقَرِّب منه؛ لأجل هذا حرم النظر إلى النساء بغير حاجة شرعية، وحرم الاختلاط، والتبرُّج، وسفر المرأة بلا مَحْرَم، وحذَّر من الدخول على النساء بلا مَحْرَم.

 

ومن عظمة الإسلام كذلك أن شرع آدابًا تحمل على الفضيلة، وتُحفظ بها العورات وتُستر؛ ولذلك شرع الاستئذان عند دخول البيوت؛ لأن للبيوت حرمة، فلا يحق اقتحامها بدون إذن أهلها، حفظًا وسترًا لهم، قال تعالى:  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}  [النور: 27- 28]. والغاية من تشريع الاستئذان حفظ العورات من النظر إليها، ففي الحديث أن: رجلًا اطلع في جحر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مِدْرًى -يعني مشطًا- يُخَلِّلُ بها رأسه، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لو أعلم أنك تنظرني لطعنت بها في عينيك»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإذن من أجل النظر» [4].

 

ولعظيم شأن الأعراض حرَّم الإسلام القذف -وهو رمي الغير بالفاحشة- وجعله من الكبائر المهلكات، بل ورتَّب عليه حدًّا في الدنيا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}  [النور: 4، 5]، وإنما رتَّب الله تعالى هذه العقوبات الثلاث على القاذف؛ لانتهاكه ما حرَّم الله، وانتهاك عرض أخيه، وتسليط الناس على الكلام بما تكلم به، وإزالة الأخوَّة التي عقدها الله بين أهل الإيمان، ومحبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وهذا دليل على أن القذف من كبائر الذنوب[5].

 

الغيرة على العِرض عند العرب خُلقٌ أصيل:

والعرب في جاهليتهم قبل الإسلام لم تكن عندهم هوادة في حفظ العرض، فلم يكن شيء يثير القوم كالاعتداء على نسائهم أو المساس بهن؛ ولذلك كانوا يتجشَّمون في الدفاع عنهنَّ كل صعب، ولا يضنون بأي غالٍ، لقد كانت الغيرة تولد مع القوم، وكأنَّهم رضعوها فعلًا مع لبان الأمهات، وفي بيئة العرب التي قامت فيها الأخلاق على الإباء والاعتزاز بالشرف، كان لا بُدَّ للرجال والنساء من العِفَّة ومن التعفُّف؛ لأن العدوان على العرض يجرُّ الويلات والحروب، وكان لا بُدَّ من الغيرة على العرض حتى لا يخدش، والعفة شرطٌ من شروط السيادة، فهي كالشجاعة والكرم.

 

وكان العربُ أغيرَ من غيرهم؛ لأنَّهم أشدُّ الناس حاجةً إلى حفظ الأنساب؛ ولذلك قيل: كل أمة وُضِعت الغيرة في رجالها، وضعت الصيانة في نسائها، وقد كانوا يفخرون بغضِّ البصر عن الجارات، ويعتبرون ذلك من العفة والغيرة على الأعراض، فقد كان كشفُ الستر بجارح النظرات، وهتك الأعراض بخائنة الأعين، وفضح الأسرار باستراق السمع، لا يترفع عنه إلَّا كل عفيف، وما أجمل قول عروة ابن الورد:

وإن جارتي ألوَتْ رياحٌ ببيتها  **  تغافلتُ حتى يستر البيت جانبه 

 

وقول عنترة:

وأغضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارتي  **  حتى يواري جارتي مأواها 

 

أين هؤلاء من بعض الشباب اليوم الذين يتسكَّعون في الأسواق، أو يتلصَّصون حول الحرمات، وبعض وسائل الإعلام تعرضُ المسلسلات الماجنة التي تدربُ الشباب على التحلُّل والعدوان.

 

لقد كانت عند العرب أخلاقٌ كريمة، بعث نبي الرحمة -عليه الصلاة والسلام- ليُتمِّمها، ويقوِّم ما انحرف منها، ويسمو بها وبأمثالها، ولقد بالغ العرب في غيرتهم حتى وصل بهم الأمر إلى كراهة ولادة البنات، ووَأْدهن أحياء خشية العار والشنار، فلما جاء الإسلام حثَّ على حفظ العرض والغيرة عليه، ونهى عن المغالاة في ذلك، فرغب في ولادة البنات وحرَّم وأْدَهُنَّ، ولقد حمد الإسلام الغيرة، وشجَّع المسلمين عليها، ذلك أنَّها إذا تمكنت في النفوس كان المجتمع كالطود الشامخ، حميةً ودفاعًا عن الأعراض، والمؤمنُ الحق غيورٌ بلا شطط، يغار على محارم الله أن تنتهك، وفي الحديث أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال كلامًا بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دلَّ على غيرته الشديدة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغيرُ منه، واللهُ أغيرُ مني»[6].

 

هذه هي الغيرة أيها الكرام، غيرةُ الإسلام على المحارم والأعراض، المنبثقة من غيرةِ رب العباد، قال تعالى:  {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}  [الأعراف: 33] [7]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أمة محمد، والله ما من أحد أغيرُ من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا» [8]، وقال -صلى الله عليه وسلم -: «لا أحد أغير من الله؛ ولذلك حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن» [9].

 

مما سبق ذكره يتبيَّن لنا عظيم أمر الأعراض، وأهمية الحفاظ عليها، والاستماتة من أجل الذود عنها، ولِمَ لا؟ وقد عَدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم القتل من أجلها شهادةً؛ ففي الحديث عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِل دون دَمِه فهو شهيد، ومن قُتِل دون أهله فهو شهيد» [10].

 

أيها الكرام، كيف نُربِّي أولادنا على الغَيرة؟

والجواب: أننا لن نستطيع أن نربي أولادنا على الغيرة إلا إذا استقمنا وإياهم على تعاليم الإسلام في شأن الحفاظ على الأعراض، والتي من شأنها أن تزرع فيهم حب الفضيلة والحياء، والغيرة على المحارم.

 

وهذه جملة من الآداب الشرعية في هذا الشأن يجب أن نربيهم عليها منذ نعومة أظفارهم:

• التزام الحجاب والبعد عن التبرُّج: لأن التبرُّج وباء خطير، وبلاؤه عظيم، فإن المرأة إذا خرجت من بيتها بلا احتشام فإنها تجلب أنظار الرجال إليها، وقد يتسبَّب ذلك في إيذائها، وهذا طريق من طرق نشر الفواحش والمنكرات في المجتمع، قال تعالى:  {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}  [الأحزاب: 59].

 

• غض البصرفإن المرأة لما كانت مأمورة بالحجاب والستر، فالرجل مأمور كذلك بغض بصره سواء احتجبت المرأة أو تبرَّجت، وهذا أزكى لقلبه، وأحفظ له من الفتنة، قال جل جلاله:  {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}  [النور: 30]، وعن جرير، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن نظرة الفجأة، فقال: «اصرف بصرك» [11].

 

• عدم الاختلاط: فإن اختلاط الرجال والنساء في مكان واحد مدعاة إلى ثوران الشهوة، ويؤدي إلى الفتنة، ومن دواعي الوقوع في الفواحش والآثام، وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال بالنساء حتى في أحبِّ البقاع إلى الله وهي المساجد، وذلك بفصل صفوف النساء عن صفوف الرجال، والمكث بعد السلام حتى تنصرف النساء، وتخصيص باب خاص للنساء، فعن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث يسيرًا قبل أن يقوم» قال ابن شهاب: «فأرى -والله أعلم- أن مكثه لكي يَنْفُذَ النساءُ قبل أن يدركهن من انصرف من القوم» [12]، وأخرج أبو داود في سننه تحت باب: اعتزال النساء في المساجد عن الرجال، حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء» قال نافع: "فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات"[13].

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ صفوف الرجال أوَّلُها، وشرُّها آخرُها، وخيرُ صفوف النساء آخرُها، وشرُّها أولها» [14]، وهذه الأحاديث من أعظم الأدلة على منع الشريعة الإسلامية للاختلاط، وأنه كلما كان الرجل أبعدَ عن صفوف النساء كان أفضل له وللمرأة كذلك.

 

• عدم خضوع المرأة بالقول عند حديثها مع الرجل: فالمرأة الحيِيَّة لا تكلم الرجل إلا لحاجة، ومع ذلك لا تخضع له بالقول ولا ترقق صوتها؛ حتى لا يطمع فيها من كان في قلبه مرض الفجور والزنا، قال الله جل جلاله:  {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}  [الأحزاب: 32]، ففي هذه الآية أرشدهن الله إلى قطع وسائل المحرم، فقال:  {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} ؛ أي: في مخاطبة الرجال، أو بحيث يسمعون فَتَلِنَّ في ذلك، وتتكلمْنَ بكلامٍ رقيق يدعو ويطمع  {الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} ؛ أي: مرض شهوة الزنا، فإنه مستعد، ينظر أدنى محرك يحركه؛ لأن قلبه غير صحيح، فإن القلب الصحيح ليس فيه شهوة لما حرم الله، فإن ذلك لا تكاد تُمِيلُه ولا تُحرِّكه الأسباب، لصحة قلبه، وسلامته من المرض، بخلاف مريض القلب الذي لا يتحمَّل ما يتحمَّل الصحيح، ولا يصبر على ما يصبر عليه، فأدنى سبب يوجد، يدعوه إلى الحرام، يجيب دعوته، ولا يتعاصى عليه، فهذا دليل على أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإن الخضوع بالقول، واللين فيه، في الأصل مباح، ولكن لما كان وسيلة إلى المُحرَّم، منع منه؛ ولهذا ينبغي للمرأة في مخاطبة الرجال، ألَّا تلِينَ لهم القول، ولما نهاهن عن الخضوع في القول، فربما توهم أنهن مأمورات بإغلاظ القول، دفع هذا بقوله:  {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}  [الأحزاب: 32]؛ أي: غير غليظ، ولا جاف كما أنه ليس بِلَيِّنٍ خاضع[15].

 

• عدم الخلوة بالمرأة أو مصافحتها: فالخلوة بالمرأة في مكان بعيد عن الأنظار، وصاحبه في مأمن من دخول أحد من الناس عليه داعٍ عظيمٌ من دواعي الفتنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يخلونَّ بامرأة ليس معها ذو مَحْرَم منها، فإن ثالثهما الشيطان» [16]، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم كذلك عن مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية -التي يحل له الزواج منها- فقال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بِمِخْيَطٍ من حديد خيرٌ له من أن يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له» [17].

 

أيها الإخوة المؤمنون، إن الالتزام بهذه الآداب الإسلامية الرفيعة ونحوها كفيلٌ بأن تنشأ أجيالنا على حب الفضيلة، والغيرة على الأعراض، وصيانة الحُرُمات، فنسعد في دنيانا وأُخْرانا.

 

وفي الختام أسأل الله أن يُوفِّقْنا لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يحفظ شبابنا ورجالنا، وبناتنا ونساءنا، من كل مكروه وسوء، إنه وليُّ ذلك ومولاه.

 

وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 


[1] الكليات للكفوي، ص 671.

[2] عمدة القاري للعيني: 1/297.

[3] صحيح البخاري ح 6829.

[4] سنن الدارمي، ح 2429، وأصله في الصحيحين.

[5] تيسير الكريم الرحمن للسعدي، ص 561.

[6] صحيح البخاري، ح 6846.

[7] الغيرة بين الجاهلية والإسلام للهبدان.

[8] صحيح البخاري، ح 1044.

[9] صحيح البخاري، ح 4634.

[10] سنن الترمذي، ح 1421، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

[11] سنن أبي داود، ح 2148، وإسناده صحيح.

[12] صحيح البخاري، ح 837.

[13] سنن أبي داود، ح 462، وقد رجح المصنف وقفه على عمر رضي الله عنه.

[14] صحيح مسلم، ح 132.

[15] تيسير الكريم الرحمن للسعدي، ص 663.

[16] مسند الإمام أحمد، ح 14651، وهو حديث حسن لغيره.

[17] معجم الطبراني الكبير، صحيح الجامع: 5045.