النفس والليل
ما رأيك بركعتين لخالقِنا، وبعضٍ من آيات الذِّكر الحكيم.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
حيطٌ هادئ، سماء صافية، تتجوَّل الأفكار والذكريات فيه سابحةً في كلِّ اتجاه تتهادى فيه الأشجان.
الجسَد لا يقاوم أبدًا؛ لا أوجاع تؤلِمه، ولا ومضات سعادة تفرِحه، إنَّه مخدَّر تمامًا بطعم الهدوء والرَّاحة والسَّكينة، لم يَعد يأبَه لشيء، لا يريد أن يغادِر الحالَةَ التي هو فيها، كأنَّ الزمن توقَّف.
العيون تُفتح وتغلَق بهدوء واسترخاء، وكأنَّها باب الجسد الذي فقد السيطرةَ على نفسه،
ها هي النَّفس تَخرج من مَخبئها الذي تَكاد لا تُغادره إلَّا خلسة.
تتمايَل على جانبيها الأوجاع سَكرى من شدَّة التعب.
إنَّها تَلهو وكأنها طفل؛ ربَّما تحاول إعادة شحن بطاقة خاصة.
أحلام تتراءى من بَعيد، تنأى وتقترب.
ذكريات مبتسِمة، وأخرى حزِينة.
عالَم ليس فيه للعقل مجال؛ إنَّه عالَم اللَّيل، عالم النَّفس وحدها، هو عالمها الرائع الساحِر، الغامض المبهَم اللَّذيذ.
طاب الليل لها، وأحسَّت بلذَّة السكون، لصفاء روحها فيه، التفتَت فرأَت العينين مغلقتين، انحنَت هامسة في أُذن الجسد:
ما رأيك بركعتين لخالقِنا، وبعضٍ من آيات الذِّكر الحكيم.
انفتحَت العينان بوميضٍ ساحِر، دلفت إلى الداخل مسرعة قبل أن يَنهض.
______________________________________________________
الكاتب: د. مطيع عبدالسلام عز الدين السروري