النكد الزوجي عدو الأسرة
يُعرَف النكد الزوجي - يا عباد الله - بأنه التعكير الدائم لصفوِ الآخر، وهو تمامًا كالحرب النفسية، ويرجع سببه إلى الفراغ أو سطحية التفكير عند من يختلقه...
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
إن بعض البيوت عندما تدخلها تجد فيها صمتًا مطبِقًا، وابتسامة مفقودة، وكآبة تُلقِي بظلالها على الوجوه والقلوب، لتنزع منها روح التواصل والسعادة بين أفراد الأسرة؛ إنه النكد الزوجي يا عباد الله، فهو عدو كل زوج وزوجة، وعدو الحياة الزوجية السعيدة.
يُعرَف النكد الزوجي - يا عباد الله - بأنه التعكير الدائم لصفوِ الآخر، وهو تمامًا كالحرب النفسية، ويرجع سببه إلى الفراغ أو سطحية التفكير عند من يختلقه، أو إلى تربية خاطئة خضع لها منذ الصغر، أو محاولة لجذب انتباه الآخر كانتقام منه على تجاهله لشريكه في الحياة مثلًا.
وللنكد الزوجي صفات قد تكون في الزوجة، وقد تكون في الزوج، وقد تجتمع عند الزوجين؛ ومنها:
أولًا: النقد المستمر؛ فالشخص النكدي يتلفظ دائمًا بعبارات ناقدة، وبألفاظ مؤلمة، تتسبب في انزعاج الطرف الآخر.
ثانيًا: الاستهزاء والتحقير، ويكون ذلك لأسباب مختلفة؛ كالفقر، أو الشهادات العلمية، أو المكانة الاجتماعية، أو البيئة، أو الثقافة.
ثالثًا: الشك المستمر؛ فالشخص النكدي لا يلتمس أي أعذار للطرف الآخر في أخطائه، أو عند غيابه، وعادةً ما يلجأ للشك فيه، وفي مصداقيته، عند حدوث أي مشكلة.
رابعًا: عدم الرضا؛ وهي الصفة التي تجعل من الحياة نكدًا وضنكًا؛ حيث إن الشخص النكدي لا يرضى مهما قدمت إليه من مشاعر وهدايا ومتطلبات، فهو ينتظر دائمًا الأكثر.
خامسًا: عدم القدرة على التواصل والحوار، فالشخص النكدي لا يستطيع بناء حوار بينه وبين الطرف الآخر، ليتوصل فيه إلى نقطة مشتركة أو حل لمشكلة ما، فيكون الحوار معه ضوضائيًّا، قائمًا على البكاء والشتم، والكذب وفرض الرأي.
سادسًا: ينسى الشخص النكدي الحقوق التي عليه وواجباته؛ كالاعتناء بنفسه وبيته، وبالطرف الآخر، ويتذكر غالبًا الواجبات المفروضة على الطرف الآخر.
سابعًا: المزاج المتقلب، والعصبية الزائدة؛ حيث يغضب الشخص النكدي من أي مشكلة صغيرة، ويعطيها أكبر من حجمها، كما أنه سريع التقلب في أفكاره ومزاجه، حتى وإن غابت الأسباب التي تستدعي ذلك.
ثامنًا: البكاء من الزوجة، أو الهروب من البيت من الزوج، أو الصراخ والسب منهما، ويكون ذلك بعد موقف عصبي، أو عند الشِّجار، أو حتى النقاش في أمر ما؛ ظنًّا منهما أنهما يكسبان الحوار.
يا عباد الله، تقول فتاة: "نظرًا لظروفنا العائلية، وجدت نفسي مضطرة لأن أعيش في بيت أختي الكبيرة المتزوجة، وزوجها إنسان صالح طيب القلب، لكن أختي مع الأسف شخصية مسيطرة غاضبة وعابسة معظم الوقت، وتميل إلى الشجار مع زوجها بسبب ودون سبب، رغم أنه إنسان طيب دمِث الخُلُق وهادئ، وأنا أرى البيت أغلب الوقت كئيبًا، وكثيرًا ما حدَّثتُ أختي وطلبت منها أن تعدِلَ عن سلوكها، وكانت تستمع لي وتظل صامتة، ثم تعود إلى سيرتها الأولى.
بيوت كئيبة، تلُفُّها سحابة من الغم والهم والحزن، نعوذ بالله منها، ونسأل الله أن يرزق بيوتنا الحب والسعادة، والإيمان والذرية الصالحة.
الحمد لله، خلق فسوى، وقدر فهدى، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى؛ قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]؛ أما بعد يا عباد الله:
فكي تتحقق السعادة الزوجية في الأسرة، على الزوجين:
• الاحترام المتبادل فيما بينهما، ومراعاة مشاعر الطرف الآخر.
• ويجب على كل من الزوجين في بداية حياتهما الزوجية الاتفاق على مجموعة من القواعد تُكتَب في شكل وثيقة أو اتفاق؛ وذلك ليحترِمَ كلُّ شريك شريكَه، ويشعر بقيمته.
• ويجب على كل من الزوجين في حالة احتدام الخلاف وتصاعده أن يتوصلا إلى حل وسط؛ وذلك بالمناقشة الهادئة، والتعرف على أسباب الخلاف، ومحاولة تجنبها من كلا الطرفين، فإن تراكم مشاعر الغضب بين الزوجين، وغياب البوح يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة، ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الجميلة.
هذا، وصلوا وسلموا - عباد الله - على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم.
___________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش