المنهج العلمي للتعامل مع احتفال المولد النبوي
أحمد بن عبد الرحمن الصويان
الاحتفال بالمولد بدعة محدثة بلا شك، لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم وهم أشد الناس حُبّاً وتعظيماً لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لكن التلطف والترفق مع الناس في إنكاره واجب
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
الاحتفال بالمولد بدعة محدثة بلا شك، لم يفعله الصحابة رضي الله عنهم وهم أشد الناس حُبّاً وتعظيماً لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لكن التلطف والترفق مع الناس في إنكاره واجب، خاصة في البلاد التي استقر فيها الاحتفال وأصبح علامة على محبة النبي (صلى الله عليه وسلم) عند الخاصة والعامة في ظنهم، ويتأكد هذا في حق من عُرِف بتعظيمه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).
والبدع تُراغم وتُدفع ببثِّ السنن الثابتة، ونشر محبة النبي (صلى الله عليه وسلم) بالطرق المشروعة، وتعليم الناس منهج الاقتداء والتأسّي، وتحذيرهم مما خالفه .
قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: ( تعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله "صلى الله عليه وسلم"، كما قدمته لك أنه يحسُنُ من بعضِ الناس ما يُستقبح من المؤمن المُسدّد).. ثم ذكر فتوى للإمام أحمد في حق أحد اﻷمراء الذي أنفق على مصحف ألف دينار، فقال: دعه فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، مع أن مذهب أحمد كراهية زخرفة المصحف، لكنه رجح للأمير أن يفعل ذلك حتى ﻻ ينفق ماله على كتب الفجور.
ثم قال ابن تيمية: ( فتفطّن لحقيقة الدين وانظر ما اشتملت عليه اﻷفعال من المصالح الشرعية والمفاسد بحيث تعرف ما ينبغي من مراتب المعروف ومراتب المنكر، حتى تقدم أهمها عند المزاحمة).
ووصيتي للداعية أنه ﻻ يشارك في الاحتفال، لكن ينبغي أن يتحلى بالحكمة والنظر في المآﻻت ويراعي نتائج التصرفات، ويتدرج في تعليم الناس؛ فليس المقصود السكوت عن إنكار المنكر، أو مسايرة الناس على بدعتهم، وإنّما الواجب أن يترفق في إزالتها برويّة وطول نفس، ويتجنب الإصطدام بالناس عند إنكاره للمنكر ما أمكن، حتى ﻻ يحدث منكر أعظم، من إعراض الناس عنه أو ضعف ثقتهم بدعوته أو استطالتهم عليه؛ فالتشنج والعنف في إنكار المنكرات المستقرة في المجتمعات قد يستثير كوامن العناد واﻹصرار عند بعض الجهلة، وبالرفق والدفع بالتي هي أحسن تُفتّحُ مغاليق القلوب، فقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما ﻻ يعطي على العنف، وما ﻻ يعطي على ما سواه».