التبرج والحجاب
فاطمة الأمير
عليك بالاقتداء بنساء المؤمنين والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله، فلا تكوني قرينة لنساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة
- التصنيفات: فقه الملبس والزينة والترفيه - أحكام النساء -
هل تستوي من فرطَتْ في لباسها، مع صاحبة الحجاب والجلباب؟!
هل تستوي من تبرَّجت وتعطَّرَت، مع صاحبة العفاف والحياء والنقاء؟!
بالطبع لا تستويان.
إن من صفات الحجاب أن يستر ولا يشفَّ ولا يكشف ولا يلفت الأنظار، وحجاب هذا الزمان أصبح حجابًا زائفًا؛ فها أنت بحجابك تجذبين إليك كل ذي نفس مريضة وعين طامعة، تتشبَّهين بالرجال، وتبحثين عن أحدث صيحات الموضة، وتتَّبعين عالم الأزياء والأناقة تحت مُسمَّى التجمُّل والتزين.
لقد بعث إلينا الغرب حضارته الفاسدة؛ لتكوني مثلهم وأنت التي أعزك الإسلام.
رأيت منذ بضعة أيام فتاة حديثة السن تلبس ما يُقال إنه حجاب، وإذا بنصف شعرها يخرج من بين حجابها، أسفل حجابها ملابس أقل ما يُقال عنها إنها لباس الستر والعفاف، تشف وتكشف أكثر مما تستر منها، زينت وجهها وكأنها لوحة لونتها بالمساحيق حتى أصبحت كالبهلوان، تتمايل في مشيتها متطيبة متعطرة تلفت الأنظار إليها.
فإذا بكل مَنْ رآها ينظر إليها دون إدراك منه أنه بتلك النظرات المختلسة المحرمة قد وقع في الزنا، أوليس هناك زنا بالنظر؟!
عافانا الله من هذا الابتلاء وعفَّ شباب المسلمين عن هذا الوباء، وأنتِ يا ذات الرداء الكاشف، أخذتِ من نصيبك من الذنوب ما أخذت في كل خطوة، فانظري إلى صحيفتك وقد امتلأت بالذنوب ذَهابًا وإيابًا.
انظري إلى نفسك وأنت تُصنَّفين مع الكاسيات العاريات، أعلم أنك تُؤدِّين الفرائض، وتصومين، وتؤدين الزكاة، وتُكثرين من إخراج الصَّدَقة، ولكن هناك هذا الذنب العظيم وهو التبرُّج والتزيُّن.
راجعي نفسك أيتها الحورية الجميلة، وتزيَّني فقط بثوب النقاء والعفاف، وابدئي في ستر نفسك امتثالًا لأوامر الله وحسن طاعته.
وعلى الجانب الآخر رأيت حورية ممن اقتدت بأمهات المؤمنين، قد أنعم عليها خالقُها بحُسْن جمال الأخلاق، فتعفَّفَت وتزيَّنت بالحياء، ترتدي من أعلاها لأسفلها ملابس فضفاضة لا يُرى منها شيء، تمشي على استحياء، فترى العيون تخفض عند قدومها، لا تتجرَّأ على النظر إليها أي عين
طامعة، ولا تستطيع مخالب الذئاب خدشها، تتلقَّى الدعوات من كل القلوب أن يديم عليها نعمة الستر والعفاف، يتمنَّى الناظر إليها أن تكون هي حوريته، فيُحدِّث الرجل نفسه، فيقول: هذه هي التي أريدها زوجةً ورفيقةَ دربي؛ فأخلاقُها عطرها، ومشيتُها حياء، ولباسها العفة والنقاء، وقدوتها أمهات المؤمنين.
هكذا تكون الفتاة المسلمة.
فهل إذًا تستوي هذه مع تلك؟!
إن صفات المرأة المسلمة تنبُع من تمسُّكها بدينها الظاهر في سلوكها، ومن هنا كان الحجاب سترًا لها؛ لكي يحفظها من أي خدش.
فأنتِ مثل الجوهرة الغالية، مثل بريق النجوم المتلألئ في سماء الليل، عليك غاليتي أن تتعفَّفي وتتمسَّكي بحجابك؛ فقد قال سبحانه وتعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31]، إذًا فالأصل في إبداء الزينة أن تكون لذوي المحارم؛ كالزوج والأطفال والآباء، وليس لك الحق في الخروج متزينة أو متعطِّرة.
وفي نفس الآية الكريمة: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31]، فهناك بعض النساء يخرجن بالخلخال وغيره في أرجلهن، فيُسمَع له صوت، فيُفتن به كل من سمعه، هذا في صوت الخلخال بما فيه من فتنة، فكيف بإبداء الزينة والتعطُّر والتبرُّج واتِّباع أصحاب السُّفُور ممن يدعون إلى تزين المرأة.
غاليتي، عليك بالاقتداء بنساء المؤمنين والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله، فلا تكوني قرينة لنساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، مُتبرِّجات بزينة الجاهلية الأولى، وتذكري دومًا أن مَنْ يراكِ سيدعو لمن ربَّاكِ، فعفة الفتاة تظهر من أول حُسْن تربيتها لآخر تمسكها بتعاليم دينها.