التسمية على كل شيء: سبب لطرد الشيطان

جَعَلَ الله عز وجل هذه الأسباب أسبابًا للسلامة من إيذائه، فلا يقدر على كشف إناء، ولا حل سقاء، ولا فتح باب ولا إيذاء صبي وغيره، إذا وُجِدَتْ هذه الأسباب

  • التصنيفات: الذكر والدعاء -

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان جُنْحُ الليل، أو أمسيتم فكفوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهبت ساعة الليل، فخلوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا»، (رواه البخاري برقم (3128)، ومسلم (5368)) .

 

معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إذا كان جُنْحُ الليل... إلى قوله: فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا:

قال الإمام النووي: في "شرح مسلم" (13 /185): هذا الحديث فيه جُمل من أنواع الخير والأدب، الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا:

فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان، وجَعَلَ الله عز وجل هذه الأسباب أسبابًا للسلامة من إيذائه، فلا يقدر على كشف إناء، ولا حل سقاء، ولا فتح باب ولا إيذاء صبي وغيره، إذا وُجِدَتْ هذه الأسباب، وهذا كما جاء في الحديث الصحيح: «إن العبد إذا سمَّى عند دخول بيته، قال الشيطان: لا مبيت»؛ أي: لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء، وكذلك «إذا قال الرجل عند جماع أهله: اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان»، وكذلك شِبه هذا، مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة؛ اهـ.

 

فصلٌ: في التسمية عند دخول البيت وعلى الطعام:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله، وعند طعامه، قال الشيطان: «لا مبيت لكم، ولا عشاء، وإذا دخل، فلم يذكر الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء»؛ (رواه مسلم برقم (2018)) .

 

قال الطيبي: في "شرح المشكاة" (9 /2838): فيه استحباب التسمية في ابتداء الطعام، وحمد الله في آخره، وأن يجهر بها ليسمع غيره.

 

ولو ترك التسمية في الأُولى وتذكَّر في أثنائه، يقول: بسم الله أوله وآخره.

 

والتسمية في شرب الماء واللبن والعسل والمرق والدواء وسائر المشروبات كالتسمية على الطعام.

 

وينبغي أن يُسمِّي كل واحد من الآكلين، فإن سمى واحدٌ منهم حصل أصل السنة، نص عليه الشافعي، ويُستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان إنما يتمكن من الطعام، إذا لم يذكر اسم الله عليه، وهو قد ذَكر اسم الله تعالى عليه، وأن المقصود يحصل بواحدٍ؛ اهـ.

 

وعن حذيفة رضي الله عنهما قال: كنَّا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا لم نضع أيدينا، حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنَّا حضرنا معه مرة طعامًا، فجاءت جارية كأنها تُدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يُدفع فأخذ بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يستحل الطعام ألا يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي لِيَستَحل به فأخذتُ بيده، والذي نفسي بيده، إنَّ يدَه في يدي مع يدها»، (رواه مسلم برقم (2017)) .

 

فصلٌ آخرٌ: في التسمية عند ركوب الدابة وفي عصرنا السيارات ونحوها:

عن أبي لاس الخزاعي، قال: حَمَلَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبلٍ من إبل الصدقة ـ ضعاف ـ إلى الحج، قال: فقلنا له: يا رسول الله، إن هذه الإبل ضعاف نخشى ألا تحملنا قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من بعيرٍ إلا في ذروته شيطان، فاركبوهن، واذكروا اسم الله عليهن كما أُمرتم، ثم امتهنوهنَّ لأنفسكم، فإنما يحمل الله»؛ (رواه أحمد برقم (17939)، وابن خزيمة (2377)، والحاكم (1624)، وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلم، ولم يُخرجاه، وله شاهدٌ صحيح؛ اهـ[1].

 


[1] حسنٌ: راجع: "الصحيحة" برقم (2271)، و"تحقيق المسند" (29 /459).

______________________________________________
الكاتب: فواز بن علي بن عباس السليماني