لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة
إن قول لا حول ولا قوة إلا بالله من أفضل الأذكار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منها ويحافظ عليها ويوصي بها.
- التصنيفات: الذكر والدعاء -
الحمد لله الذي يسبح له ما في السماوات وما في الأرض، والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، وبعد:
فإن قول لا حول ولا قوة إلا بالله من أفضل الأذكار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منها ويحافظ عليها ويوصي بها.
معنى لا حول ولا قوة إلا بالله :
معناها: لا حَرَكةَ ولا حِيلةَ، ولا استطاعة إلَّا بمشيئة اللهِ تعالَى، وإرادته، وقُدرته، وقيلَ: معناه: لا حول في دفع شر، ولا قوَّة في تحصيل خَيرٍ إلَّا باللهِ، وقيل: لا حول عن معصية الله إلَّا بعصمته، ولا قوَّة على طاعته إلَّا بمعونته؛ فهي كلمة استسلام وتَفْويضٍ إلى اللهِ تعالَى، وإذْعانٍ واعتراف له بأنَّه لا خالق غيره، ولا ربَّ سواه، ولا رادَّ لأمره، ولا مُعقب لحُكمِه، وأنَّ العبدَ لا يَملِكُ شَيئًا، وأنَّ اللهَ مالِكُ عِبادِه، يفعل فيهم كلَّ ما أراده.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في معناها: أي لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله، وورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال في معناها: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته.
فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله:
إن هذه الكلمة المباركة لها من الفضائل ما يدفع المؤمن للمحافظة عليها والإكثار منها في جميع الأحوال، ومن هذه الفضائل:
أنها من الباقيات الصالحات:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استكثروا من الباقيات الصالحات». قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: «التكبير، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، ولا حول ولا قوة إلا بالله» (رواه أحمد).
أنها كنز من كنوز الجنة:
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا عَلونا كبَّرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس اربَعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، ولكن تدعون سميعا بصيرا»، ثم أتى عَلَيَّ وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: «يا عبد الله بن قيس قل: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها كنز من كنوز الجنة»، أو قال: «ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله» (متفق عليه).
فهي ذخيرة نفيسة ينتفع العبد منها لا محالة، لما فيها من التبرؤ من القوة والحيلة، والاعتراف بالعجز عن التدبير وتغيير الأحوال إلا بمعونة الله تعالى ومشيئته.
وعن حازم بن حرملة رضي الله عنه قال: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: «يا حازم أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها من كنوز الجنة».
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة»، قلت: بلى يا رسول الله، قال: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
سبب لدخول الجنة:
عن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما: أن أباه دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخدمه، قال: فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم وقد صليت فضربني برجله وقال: «ألا أدلك على باب من أبواب الجنة» قلت: بلى قال: «لا حول ولا قوة إلا بالله» (رواه أحمد والترمذي). وإنما ضربه برجله أي غمزه بها لينبهه، وقد بيَّن له في هذا الحديث أن من قال هذا الذكر موقنا به مستسلما مفوضا فذلك سبب لدخوله الجنة.
سبب لإجابة الدعاء:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعار من الليل [أي: استيقظ وتقلب لى فراشه] فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد الله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته» (رواه البخاري).
سبب للحفظ والكفاية والوقاية من الشيطان:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال يعني إذا خرج من بيته بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان» (رواه أبو داود والترمذي).
سبب لتكفير الذنوب:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما على الأرض أحد يقول: لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كفرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر» (رواه الترمذي).
وصية النبي صلى الله عليه وسلم:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علمني كلاما أقوله، قال: «قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد الله كثيرا، وسبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم»، قال: فهؤلاء لربي، فما لي؟ قال: «قل: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني» (رواه أحمد).
فهذه جوائز عظيمة وفوائد جليلة لهذا الذكر المبارك تجعل العبد حريصا عليه مكثرا منه.
مفاهيم خاطئة:
هناك بعض المفاهيم الخاطئة حول هذه الكلمة المباركة نبَّه عليها بعض أهل العلم، ومن ذلك:
ظَنُّ بعض الناس أنها كلمة استرجاع، فيقولونها عند المصائب على سبيل الاسترجاع كقولهم: إنا لله وإنا إليه راجعون، وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله أنها كلمة استعانة لا كلمة استرجاع.
ومن ذلك اختصار بعض الناس لها فيقولون: لا حول الله.
وهو من الاختصار المُخِل الذي يُحيل المعنى ويدل على الغفلة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.