قرناء الشيطان
قرن نفسه بالشيطان ولازمه ملازمة الظل لصاحبه؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: 38].
- التصنيفات: نصائح ومواعظ -
قرن نفسه بالشيطان ولازمه ملازمة الظل لصاحبه؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: 38].
تأملْ قَولَ اللهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} ، بعد قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ......} [النِّسَاءِ: 38]، لتعلم أن من الناس من قرن نفسه بالشيطان عمدًا، ولازمه ملازمة الغريم لغريمه، والظل لصاحبه، لا يريد به بدلًا، ولا يبغي عنه حولًا، رَضِيَ فعلَه وقولَه وحالَه، يأتمر أمره، ويرعوي بزجره، يُقْدِمُ إذا أشارَ إليه، ويُحْجِمُ إذا نظر إليه، يخشى أسباب سخطه، ويسعى لمرضاته.
ثم يؤول الحال بعد أمدٍ إلى أن يتكلم بلسان الشيطان، ويفعل فعله، ويسلك سبيله، ويدخل مدخله، حتى يكون ذلك الآدمي شيطانًا؛ قَالَ تَعَالَى: {شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الْأَنْعَامِ: 112]، بل ربما فاق في غيه مردة الشياطين، يقول بلسان حاله:
وكنت فتًى من جند إبليس فارتقَى ** بي الحالُ حتى صار إبليس من جندي
وإياك أن تظن أن في الكلام مبالغةً وتهويلًا، واحذر شياطين الإنس فقد أضلُّوا فئامًا، وعاثوا فسادًا، وضلوا ضلالًا بعيدًا؛ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ»؛ قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ»[1].
وإذا رأى إبليس غرَّةَ وجهه ** حيَّا وقال: فديتُ من لا يفلح
[1] رواه مسلم، كتاب صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، بَابُ تَحْرِيشِ الشَّيْطَانِ وَبَعْثِهِ سَرَايَاهُ لِفِتْنَةِ النَّاسِ وَأَنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَرِينًا، حديث رقم: 2813.
________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب