إطعام الطعام وإقراء السلام
محمد بوقنطار
إطعام الطعام وإقراء السلام على من تعرف ومن لا تعرف، وذلك خير الإسلام...
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
إطعام الطعام وإقراء السلام على من تعرف ومن لا تعرف، وذلك خير الإسلام...
لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خير الإسلام، وفي رواية عن أي آداب الإسلام أو أي خصال أهله أفضل ثوابا أو أكثر نفعا، أجاب عليه الصلاة والسلام: " «تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» ."
وأعظم بهما من خصلتين، فأما الأولى فكانت إلفا وعادة وخصلة تميّز بها المجتمع العربي، وامتاز بخصلتها الرجل الشهم المستضيف العربي المقري لضيفه زمن الجاهلية، واستمر العهد والسيرة على هذا مع تغيّر الموقف، وقد صححت النية وتبيّن وجه الابتغاء وإخلاص الوجهة لله، فلم يعد صاحب الجود والكرم القديم يريد من مكروم الوفادة جزاءً ولا شكورًا، ولأنها إلف وعادة صارت إلى عهد وعبادة، لم يقيّد النبي صلى الله عليه وسلم محل الإطعام بالمعروف العين والنكرة الذات.
فكلاهما داخل في مظنة وراجح الكرم الحاتمي في ثوبه العربي الإسلامي، وهذه سيرة العربي على وجه العموم، كما سيرة موائد البيت المغربي على وجه الخصوص، وقد صار المغاربة من فرط كرمهم وفرادة جودهم رمزا ودلالة ومضرب مثل في هذا المقام.
وأما الثانية فلا تُتسنى المبادرة بها واهتبال السبق بها ـ قاعدا أو قائما، ماشيا أو مهرولا، مقبلا أو مدبرا، فذا أو في جمع ـ لملقي تحية الإسلام إلا باستحضاره نية التعبد والقربة وامتثال أمر الله ورسوله، إذ بها يُنال الود وتكتسب المحبة كما أخبر الصادق المصدوق، فكم هو ثقيل على النفس عندما يتجرد الإلقاء من ملمح التعبّد فلا تكون ثمة إجابة ولا جميل رد ممن سمعها ولم يكن حفيا بجوابها، والأثقل منه مع هذا التجرد إلقاؤها على من لا تعرف، ثم إمساكه عن الرد وتطفيفه الكيل بين فضل الإقراء وواجب الرد، وإنها والحال هكذا لكبيرة إلا على من وفقه الله إلى أن يجري بها لسانه في كل مرة وحين على من عرف ومن لم يعرف، وذلك خير الإسلام وفقنا الله وإياكم إلى منقبة إطعام الطعام ومحمدة إلقاء السلام على من نعرف ومن لا نعرف آمين.