حديث: مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ

شرح حديث: ( مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ، إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مَسِّ الْقَرْصَةِ )

  • التصنيفات: الحديث وعلومه -


[روى الإمام أحمد (7953) ، والترمذي (1668) ، والنسائي (3161) ، وابن ماجة (2802) ، وابن حبان (4655) ، والبيهقي (18525) ]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «( مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ، إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مَسِّ الْقَرْصَةِ )»

[وصححه الترمذي ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " وغيره ، وكذا صححه السيوطي ، وأحمد شاكر ، وغيرهم . وله شاهد يرويه الطبراني في " المعجم الأوسط" (280) من حديث أَبِي قَتَادَةَ .]
[وشاهد آخر من حديث ابن عباس يرويه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (192).]
[وبوب له ابن حبان : " ذِكْرُ وَصْفِ مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ أَلَمِ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا " .]
ومعنى الحديث :

أن المجاهد في سبيل الله إذا أراد الله به الكرامة فقتل في سبيله شهيدا ، فإنه لا يجد من ألم القتل ومعالجة الموت إلا كما يجد أحدنا من ألم القرصة ، والقرص كما في "القاموس المحيط" (ص 626) :
" أخْذُكَ لَحْمَ الإِنْسَانِ بإصْبعَيْكَ حتى تُؤْلِمَهُ " .
وقيل : مثل عض النملة .
قال ابن القيم رحمه الله :
" لا يجد الشهيد من الألم إلا مثل ألم القرصة، فليس في قتل الشهيد مصيبة زائدة على ما هو معتاد لبنى آدم ؛ فمن عد مصيبة هذا القتل أعظم من مصيبة الموت على الفراش : فهو جاهل، بل موت الشهيد من أيسر الميتات ، وأفضلها وأعلاها "
انتهى من "إغاثة اللهفان" (2/ 194) .
وقال المناوي رحمه الله :
" يعني أنه تعالى يهون عليه الموت ويكفيه سكراته وكربه ، بل رب شهيد يتلذذ ببذل نفسه في سبيل الله طيبة بها نفسه ؛ كقول خبيب الأنصاري حين قتل :
ولست أبالي حين أقتل مسلما ** علي أي شق كان لله مصرعي
انتهى من "فيض القدير" (4/ 182) .
وقال أيضا :
" وهذه تسلية لهم عن هذا الحادث العظيم والخطب الجسيم ، وتهييج الصبر على وقع السيوف واقتحام الحتوف " انتهى من "فيض القدير" (4/ 182) .
وقال ابن علان رحمه الله :
" (ما يجد الشهيد من مس القتل) وألمه (إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة) أي: قرصة نحو النملة من كل مؤلم ألماً خفيفاً، سريع الانقضاء لا يعقب علة، ولا سقماً . قال العاقولي: القرص الأخذ بأطراف الأصابع، وأدخل عليها أداة الحصر؛ دفعاً لما يتوهم أن ألمه أعظم من ألمها " انتهى من "دليل الفالحين" (7/ 124) .