معوقات في طريق التعاون بين الدعاة

هشام عقدة

  • التصنيفات: قضايا إسلامية -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
إذا كان التعاون على البر والتقوى من قواعد الإسلام العظيمة، ومن الأوامر الإلهية الجليلة، والوصايا النبوية الشريفة؛ إلا أن هذا التعاون قد يعكر صفوَه أو يحول دونه بعض المعوقات التي يجد الشيطان فيها بغيته في صرف المسلمين عن التعاون في ما بينهم، لاسيما الدعاة والمصلحين. فتتباعد قلوبهم وتتبعثر جهودهم وتذهب أُلفَتُهُم؛ فعن عمير ابن اسحق قال: (كنا نتحدث: أن أوَّل ما يُرفَع من الناس الأُلفة) [1].
فمن هذه المعوقات:
الاستبداد بالرأي والإعجاب به:
فالمستبد برأيه المعجَب بنفسه شخصية يصعب التعاون معها؛ لأنه يستصغر الآخرين ويحقِّر رأيهم، ويستعظم نفسه، ولا يثق إلا برأيه، وفي ذلك الهلاك.

روى أبو داود الطيالسي بإسنادٍ حسن[2] عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث مهلكات وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات: فأما المهلكات فشحٌّ مطاع، وهوىً متبع، وإعجابُ المرءِ بنفسه...» الحديث.

ولإزالة هذا المعوق ينبغي لمن آنس في نفسه عدم الاستماع للآخرين وكان متشبثًا برأيه: أن يتذكر خير البرية محمدًا صلى الله عليه وسلم وكيف كان يسمع لأصحابه ويترك رأيه لرأيهم في ما ليس فيه وحي؛ كما في سماعه لرأي أم سلمة في الحديبية وأَخْذه بمشورتها في حلقه لرأسه ونحره لهديه صلى الله عليه وسلم؛ ليقتدي به أصحابه بعد إحجامهم حزنًا على عدم إتمامهم للعمرة. وكما أخذ برأي السعدين في الأحزاب حين أراد أن يعطي غطفان ثلثَ ثمار المدينة ويرجعوا، فقال السعدان: لا نعطيهم إلا السيف. وكما أخذ برأي الحُباب بن المنذر في الرواية المشهورة (وإن لم يكن سندها قويًا؛ حين أشار -رضي الله عنه- بتغيير مكان نزول جيش المسلمين في بدر. وكما أخذ برأي عمر -رضي الله عنه- حين قال له: (يا رَسُولَ اللهِ! بِأَبِي أَنْتَ، وَأُمِّي، أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ؛ مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ؛ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَخَلِّهِمْ»)[3].

وقد وعى عمر -رضي الله عنه- هذا الخُلُقَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان مع قوَّته وشدَّته يسمع للرجال والنساء، وربما ترك رأيه لرأيهم؛ كما ورد عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ -رضي الله عنه- أن رجلًا قال لعمر: (إِنَّ فُلاَنًا يَقُولُ: لَوْ مَاتَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ لَبَايَعْنَا فُلاَنًا (والمعنى أنهم يثبون على الأمر بغير عهدٍ ولا مشاورة)، فَقَالَ عُمَرُ: لَأَقُومَنَّ العَشِيَّةَ، فَأُحَذِّرَ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ، قُلْتُ: لاَ تَفْعَلْ؛ فَإِنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ، يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ، فَأَخَافُ أَنْ لاَ يُنْزِلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَيُطِيرُ بِهَا كُلُّ مُطِيرٍ، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ دَارَ الهِجْرَةِ وَدَارَ السُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَيَحْفَظُوا مَقَالَتَكَ وَيُنْزِلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ! لَأَقُومَنَّ بِهِ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ)[4].

شاور أخا الحزمِ إن تُدهَى بمشكلةٍ *** فالمستبدُّون لا يخلون من ندمِ
ليس التفرُّدُ بالآراء ممتدَحًا *** ولو تفرَّد مبدي الرأي بالحِكَمِ
فالحزمُ بالرأي إن تُبدى مشاورةً *** إلى الثقاتِ أُولِي الإرشادِ والهممِ
إن يُشكِل الأمرُ شاور من به *** ثقةٌ دينًا ورُشْدًا فتأمن زلَّةَ القدمِ

الخوف من تعلُّق الأتباع بالآخرين حال التعاون معهم:
فإن الرجل قد يكون له أتباع يحيطون به ويستفيدون منه ويأتمرون بأمره؛ ولكنه يكره أن يجلسوا إلى غيره، ويخشى إذا تعاون هو ومن معه مع آخرين أن يتم التعارف بين من معه وهؤلاء فتكون لهم علاقات معهم وربما صداقات وإعجاب... إلى غير ذلك، وهذه الخشية قد تشوب الإخلاص، ويضيع بسببها كثير من المصالح؛ فليس من الإخلاص أن يغضب العالِم أو الداعية إذا وجد تلميذه يجلس مع آخرين من الدعاة وأهل العلم، وليس من الإخلاص التفاخر بكثرة الأتباع؛ ففي الحديث «من تعلَّم العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله جهنم»[5].

وقد كان سلفنا -رضوان الله عليهم أجمعين- يخشون على أنفسهم الفتنة والعُجْب إذا تزاحم عليهم الناس، ويرون ذلك ذلة للتابع وفتنة للمتبوع.

وكان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام وترك الحلقة.

وكان الشافعي -رحمه الله- يقول: "وددتُ لو تعلَّم الناس هذا العلم ولم يُنسَب ليَ منه شيء".

وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول: "أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -قال عطاء بن السائب: أراه قال في هذا المسجد- فما كان منهم محدث إلا ودَّ أنَّ أخاه كفاه الحديث ولا مفتٍ إلا ودَّ أنَّ أخاه كفاه الفتيا".

وعن إبراهيم النخعي قال: "إن كانوا ليكرهون إذا اجتمعوا أن يُخرِج الرجل أحسن حديثه أو أحسن ما عنده".

ويقول بعض السلف: "إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به جاره، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزَّور وما يشعرون به، ولقد أدركنا أقواماً ما كان على ظهر الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في سرٍ فيكون علانية أبداً"؛ أي أنهم -رضوان الله عليهم- كانوا يحبون دَوْر الجندي المجهول، وراحتُهم وسعادتُهم في حصول المطلوب دون تنافس على صدارة، بخلاف ما آل إليه الحال من تأثُّرنا بالصراع الإعلامي من أجل الظهور حتى سرى المرض إلى الدعاة وهو ما أورث صعوبة التعاون وحصول الفرقة.
 
وما شكوايَ أو شكواكَ إلا *** لفوضى في المجامعِ وانقسامِ
ترى كُلاً له أملٌ وسعيٌ *** وما لاثنين حولك من وئامِ
لكلِّ جماعة فينا إمامٌ *** ولكن الجميع بلا إمامِ

شتان شتان بين رأي الجماعة العامة وآراء الجماعات المتفرقة أو آراء الأفراد، وما أجمل قول حافظ إبراهيم:
 
رَأْيُ الجماعةِ لا تشقى البلاد به *** -رغم الخلاف- ورأي الفرد يُشقيها

فلا بد أن نحاسب أنفسنا على التجرد وطلب المصلحة العامة ولو تحققت على يد من يخالفنا؛ فالمؤمن يفرح بحصول ما ينفع الإسلام دون تعلُّق بالتفاف الأتباع حوله، وإذا كان كذلك كان أجدر أن يكون إماماً قوي الحجة رفيع القدر.

قيل لحاتم الأصم: ("نت رجل أعجمي لا تفصح، وما ناظرَك أحدٌ إلا قطعته؛ فبأي شيءٍ تغلب خصمك؟ فقال: بثلاث: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ لساني عن أن أقول ما يسوؤه. قال أحمد: ما أعقله من رجل"[6].

بهذه الحكمة تطيب النفوس، ويسهل التعاون، ولا يصعب على الناس الوصول لما هو خيرٌ وأنفع؛ فبصلاح القلوب تصلح الحياة، وبفسادها تفسد الأعمال وتفشل الجهود.

الظن أن التنازل عن الرأي أو الرئاسة في سبيل حصول التكامل والتعاون ضعف أو هزيمة:

وما ذاك إلا وهمٌ محضٌ من تزيين الشيطان حتى لا تقوم لأهل الإسلام قائمة، وربما أتى الشيطانُ الدعاةَ والمصلحين من مدخل (أنتم أفضل من غيركم، وأنتم أصحاب الصورة المثالية؛ فلا تسمحوا لهم أن يكون أحدهم في المقدمة... إلخ)، ومن ثَمَّ يصرُّون على مقاماتهم وصداراتهم على حساب مصلحة الأمة.

وليس أبلغ في الرد على هذا الفكر السقيم من تزكية الرسول صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي - رضي الله عنهما - بسبب تنازله عن مكانه مع فضله على من تنازل له، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن ابني هذا سيدٌ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين[7]، وقد حدث ذلك بتنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية -رضي الله عنهما- مع كونه أفضل من معاوية؛ طلباً لوحدة المسلمين وقوَّتهم، حتى سمِّي ذلك العام بعام الجماعة؛ لاجتماع الناس بعد هذا الموقف العظيم من الحسن، رضي الله عنه:
 
ليس الشقاءُ بزائلٍ عن أمةٍ *** حتى يزولَ تفرُّقٌ وتحزُّبُ

فهوِّن أخا الإسلام على نفسك، ولا تنظر للآخرين من الدعاة على أنهم هباءً لا فائدة لهم، وأن الآمال معقودة بك دون غيرك؛ فهذه هي النظرة العمياء التي أضاعت التعاون في ما بيننا:
 
كلٌّ يؤيِّد حزبَه وفريقَه *** ويرى وجودَ الآخرين فضولا

السماع عن الآخرين أكثر من السماع منهم:
فمن العجب أن تجد داعيةً أو مصلحاً يرفض التعاون مع فلان من الدعاة بحجة أنه سمع أن به كيت وكيت، وربما كان فلان هذا في المنزل المجاور له فلا يفكر في السماع منه مباشرة ويسمع من أناس في بلد آخر أو من صديق له في قارة أخرى، ثم يكون التراشق عبر الإعلام؛ ولو كلف أحدُهما نفسَه الانتقالَ لأمتارٍ والجلوسَ مع أخيه لقضي الأمر. أليس هذا السماع المباشر أَوْلى؟ أليس هذا هو التثبت والتحري الذي يميز أهل السُّنة والحديث؟ فما لنا عنه معرضون؟

إن أهم خطوات التعاون أن يسمع بعضنا من بعض دون وساطة، وأن يرى بعضنا بعضًا في المجالس لا من خلال الشاشات. وكم من مصالحَ تعطلت بسبب سماع الدعاة بعضهم عن بعض، بدلاً من سماع بعضهم من بعض.

المسلَّمات أو الثوابت الوهمية التي يُنظَر من خلالها للآخرين على أنهم مبتدعة منحرفون يَحسُن الابتعادُ عنهم:

فالبعض درج على اعتبار بعض الأمور من المسلَّمات؛ سواء في مسائل علمية ألحقوها بالعقيدة؛ أو في ممارسات وفروع عملية، ومن اعتقد رأيًا جعل مخالفه مبتدعًَا، أو مطعونًا في دينه؛ مع أنها أمور لم يقع فيها إجماع صريح، وكلها في محل الاجتهاد؛ وغاية الأمر أن يكون المخالف مخطئًا غير خارج عن عقيدة أهل السُّنة ومنهجهم، ولا يكون تبنِّيه لاجتهادٍ مخالفٍ مسوغًا لمنع التعاون معه أو التهكم عليه أو الاستهزاء به؛ بل التعاون في بعض الأمـور مع العاصي والمبتدع جائز؛ فالكافر -مثلًا- يُدفَع بالمبتدع؛ ومن ثَمَّ وجب علينا الانضباط بالشرع وبما عليه أهل العلم: من إقامة العذر بيننا في مواطن الخلاف، ومن الامتناع عن تبديع كل من أخطأ في مسألة خطأً لم يخالف فيه إجماعًا لأهل السُّنة؛ لا سيما إذا كان متابعاً في ذلك لأحد أئمة الدين المعروفين بسلوك منهج السلف. وإذا لم تتسع صدورنا لذلك فسيخسر بعضنا بعضًا، وتنسد أبواب التعاون والتكامل في ما بيننا دون سببٍ مقبولٍ (شرعي أو عقلي). ونحن الآن في وقتٍ نقاتل فيه على أصول الدين وثوابت الملة وعلى هويتنا الإسلامية؛ وتعاوننا في قَدْرٍ مُجمَعٍ عليه ولا خلاف فيه. فلا يسوغ في هذا الحال التنطع في مسائل الخلاف وتمزيق الأمة بسببها.

الركون للظالمين وتقديم الحصول على رضاهم وتزكيتهم على الحصول على رضا إخواننا والتعاون معهم:

وكم عانينا من هذه الآفة حيث نجد من يُفتَرَض أنه معك في الخندق نفسه يسارع في إرضاء بعض خصوم الدعوة بالقدح فيك وفي كثيرٍ من الدعاة والجماعات وبمقاطعتهم وعدم التعاون معهم، في الوقت الذي لا يستنكر فيه شيئًا على هؤلاء الخصوم.

إن خصوم الدعوة الإسلامية يحرصون على تقريب بعض الدعاة وإبعاد بعض؛ للتمكن من زرع العداوة بين الفريقين والتمكن من ضرب بعضهم ببعض. ولا شك أن الدعاة الصادقين حين يرون ارتماء الآخرين في أحضان الخصوم يزدادون نفوراً منهم، وتتسع الهوة، والله -جلَّ وعلا- حذَّرَ نبيَّه صلى الله عليه وسلم وهو خير البـرية من مجـرد الاقتـراب مـن الركـون لأعـداء دينـه، فقـال تعالى: {وَإن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا. إذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْـحَيَاةِ وَضِعْفَ الْـمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 73-75]. وتأمَّل في قوله تعالى: {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} [الإسراء: 73]. أي إنهم يريدون طبعةً جديدة للإسلام غير ما شرعه الله: (إسلامٍ حضاري، إسلامٍ مستنير، إسلامٍ مرن، إسلامٍ... إلخ) في حين أن سلفنا الصالح كانوا يرون التلون في الدين مِنْ شكِّ القلوب في الله، وقال حذيفة لأبي مسعودٍ الأنصاري لما طلب منه الوصية: (إن الضلالة حق الضلالة: أن تعرف ما كنت تنكر، وأن تنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في الدين؛ فإن دين الله واحد). ثم تأمَّل في قوله تعالى: {لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ}. ولم يقل لركنت، وكذا تأمل قوله: {شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74]. ومع ذلك تأمَّل الوعيد بعدَه في قوله تعالى: {إذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْـحَيَاةِ وَضِعْفَ الْـمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 75].

وبعض الناس يغتر حين يعطيهم الخصم من القول معسولَه ويقابلهم بالبشاشة ويمدح دعوتهم واعتدالهم ويفتح لهم الأبواب ويقرِّبهم؛ فيعدُّ ذلك مكاسب وينسى قول الحق تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]. وقوله تعالى {وَإذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً} [الإسراء: 73]. نعم! ستعطي وتأخذ؛ ولكن تكون قد وقعت في المحظور حين ترضيهم بالباطل. فعليكم بإخوانكم الصادقين وإن كان فيهم من النقص ما فيهم؛ ولا تُؤْثِروا عليهم المنحرفين والعَلمانيين مهما أبدوا لكم من معسول القول:
 
إخوانُكم لا شيء أغلى منهُمُ *** لا شيء يعدلهم من الأشياءُ

وإذا راعينا هذه الأمور، واتقينا تلك المزالق، وتجاوزنا تلك المعوقات؛ فسنحقق نجاحًا عظيمًا في طريق التعاون المثمر البنَّاء.

وعسى الذي أهدى ليوسف أهلَه *** وأعزَّه في السجن وهو أسيرُ
أن يستجيبَ لنا ويجمع شملَنا *** والله ربُّ العالمين قديرُ

هذا، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
____________________
[1] ضعيف: ضعيف الأدب المفرد، حديث رقم 43/263 ضعيف الإسناد، عمير ثقة، وفيه القاسم بن مالك، فيه لين.
[2] صحيح الجامع: حديث، رقم (3045).
[3] صحيح مسلم: حديث، رقم (52).
[4] صحيح البخاري: حديث، رقم (7323)، كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنة.
[5] صحيح الجامع: حديث رقم (2048).
[6] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: 8/ 80، البيان: 6/ 27 عن الفرق بين النصيحة والتعيير.
[7] صحيح البخاري: 3/ 186، حديث رقم (2704)
المصدر: مجلة البيان، العدد: 287