مختارات من كتاب الاعتصام للإمام الشاطبي
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
من مصنفاته: كتاب " الاعتصام " أثنى عليه العلماء, قال العلامة عبدالعزيز عبدالله بن باز رحمه الله: الكتب المؤلفة في العقيدة من أحسنها الاعتصام.
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فللإمام الشاطبي رحمه الله, مصنفات مشهورة, قال العلامة الألباني رحمه الله: صاحب المؤلفات الجليلة النفيسة.
ومن مصنفاته: كتاب " الاعتصام " أثنى عليه العلماء, قال العلامة عبدالعزيز عبدالله بن باز رحمه الله: الكتب المؤلفة في العقيدة من أحسنها الاعتصام. وقال الشيخ عبدالله عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: أجاد وأفاد وحصل على المراد. وقال الشيخ عبدالله عبدالرحمن الغديان رحمه الله: أحسن كتاب فيما يتعلق بالبدع. وقال الشيخ صالح عبدالعزيز آل الشيخ: كتاب نفيس في هذا الباب في معرفة البدع والرد على أهل الشبهات فيها
وهذه مختارات من الكتاب, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
- سبب تسمية أهل البدع بأهل الأهواء:
سمى أهل البدع أهل الأهواء لأنهم اتبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها والتعويل عليها, حتى يصدروا عنها, بل قدموا أهواءهم, واعتمدوا على آرائهم, ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك, وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح, ومن مال إلى الفلاسفة, وغيرهم.
- المبتدع يعتقد أن الشريعة لم تتم وتكمل:
المبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله, إن الشريعة لم تتم, وأنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها, لأنه لو كان معتقداً لكمالها وتمامها من كل وجه, لم يبتدع, ولا استدرك عليها. وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم.
- أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل:
سنة الله في الخلق أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل, لقوله تعالى: {( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )} [يوسف:103] وقوله تعالى: {( وقليلُ من عبادي الشكور ) } [سبأ:13]
- الأمر بالمعروف لم يدع للمؤمن صديقاً:
نقل عن سيد العباد بعد الصحابة أويس القرني أنه قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضناً ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين حتى والله لقد رموني بالعظائم وأيم الله لا أدع أقوم فيهم بحقه
- ثبات أهل السنة والجماعة حتى يأتي أمر الله:
لا تجتمع الفرق كلها على مخالفة السنة عادة وسمعاً, بل لا بد أن تثبت جماعة أهل السنة حتى يأتي أمر الله, غير أنهم لكثرة ما تناوشهم الفرق الضالة وتناصبهم العداوة والبغضاء استدعاء إلى موافقتهم, لا يزالون في جهاد ونزاع, ومدافعة وقراع آناء الليل والنهار, وبذلك يضاعف لهم الأجر الجزيل ويثيبهم الثواب العظيم.
- كتاب الله وسنة نبيه فيهما الهداية والسعادة الكبرى:
ألقي في نفسي القاصرة أن كتاب الله وسنة نبيه لم يتركا في سبيل الهداية لقائل ما يقول ولا أبقيا لغيرهما مجالاً يعتد فيه, وإن الدين قد كمل, والسعادة الكبرى فيما وضع, والطلبة فيما شرع, وما سوى ذلك فضلال وبهتان, وإفك وخسران, وأن العاقد عليهما بكلتا يديه مستمسك بالعروة الوثقى, محصل لكلمتي الخير دنيا وأخرى, وما سواهما فأحلام وخيالات وأوهام.
- العقل الصحيح:
قال أبو عمر الزجاجي: كان الناس في الجاهلية يتبعون ما تستحسنه عقولهم وطبائعهم فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فردهم إلى الشريعة والاتباع, فالعقل الصحيح الذي يستحسن ما يستحسنه الشرع, ويستقبح ما يستقبحه الشرع.
- الاعتماد على الشيوخ والآباء من غير برهان ولا دليل:
حكى المسعودي أنه كان...رجل من القبط ممن يظهر دين النصرانية, وكان يشار إليه بالعلم والفهم, فبلغ خبره أحمد بن طولون, فاستحضره وسأله عن أشياء كثيرة...وأحضر مجلسه بعض أهل النظر ليسأله عن الدليل على صحة دين النصرانية, فسألوه عن ذلك, فقال: دليلي على صحتها وجودي إياها متناقضة متنافية, تدفعها العقول, وتنفر منها النفوس, لتباينها وتضادها, لا نظر يقويها, ولا جدل يصححها ولا برهان يعضدها من العقل والحس عند التأمل فيها والفحص عنها ورأيت مع ذلك أمماً كثيرة وملوكاً عظيمة ذوي معرفة, وحسن سياسة وعقول راجحة, قد انقادوا إليها, وتدينوا بها مع ما ذكرت من تناقضها في العقل, فعلمت أنهم لم يقبلوها, ولا تدينوا بها إلا بدلائل شاهدوها, وآيات ومعجزات عرفوها, أوجبت انقيادهم إليها, والتدين بها فقال له السائل: وما التضاد فيها ؟ فقال:....منها: قولهم بأن الثلاثة واحد, وأن الواحد ثلاثة,...وفي اتحاد ربهم القديم بالإنسان المحدث, وما جرى في ولادته وصلبه وقتله, وهل في التشنيع أكبر وأفحش من إله صُلٍب وبُصق في وجهه؟...فأمسكوا عن مناظرته, لما قد أعطاهم من تناقض مذهبه وفساده. والشاهد من الحكاية الاعتماد على الشيوخ والآباء من غير برهان ولا دليل ولا شبهة دليل.
قال عبدالحق الإشبيلي: إن سوء الخاتمة لا يكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه, ما سمع بهذا قط ولا عُلٍمَ به والحمد لله وإنما يكون لمن كان له فساد في العقل, أو إصرار على الكبائر وإقدام على العظام أو لمن كان مستقيماً ثم تغيرت حاله وخرج عن سنته وأخذ في طريق عير طريقه فيكون عمله ذلك سبباً لسوء خاتمته وسوء عاقبته, والعياذ بالله قال الله تعالى: {(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )} [الرعد:11]
- أحلام كاذبة:
يحكي أن شريك بن عبدالله القاضي دخل على المهدي, فلما رآه قال: علي بالسيف والنطع, قال: ولِمَ يا أمير المؤمنين ؟ قال: رأيت في منامي كأنك تطأ بساطي وأنت معرض عني, فقصصت رؤياي على عبرها, فقال: يظهر لك طاعة ويضمر معصية, فقال له شريك: والله ما رؤياك برؤيا إبراهيم الخليل عليه السلام, ولا ان معبرك بيوسف الصديق عليه السلام, فبالأحلام الكاذبة تضرب أعناق المؤمنين, فقال: اخرج عني, ثم صرفه وأبعده.
- الأشياء التي أدخلت الفساد على الخلق:
قال ذو النون المصري: دخل الفساد على الخلق في ستة أشياء:
الأول: ضعف النية بعمل الآخرة.
الثاني: صارت أبدانهم مهيئة لشهواتهم.
الثالث: غلبهم طول الأمل مع قصر الأجل.
الرابع: آثروا رضاء المخلوقين على رضاء الله.
الخامس: اتبعوا أهواءهم ونبذوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
السادس: جعلوا زلات السلف حجة لأنفسهم, ودفنوا أكثر مناقبهم.
- من علامات سعادة العبد:
قال أبو علي الحسن بن علي الجوزقاني: من علامات سعادة العبد:
** تيسير الطاعة عليه.
** موافقة السنة في أفعاله.
** صحبته لأهل الصلاح.
** حسن أخلاقه مع الإخوان.
** بذل معروفه للخلق.
** اهتمامه بالمسلمين.
** مراعاته لأوقاته.
- فوائد مختصرة:
** كل صاحب مخالفة فمن شأنه أن يدعو غيره إليها ويحضّ سواه عليها, إذ التأسي في الأفعال والمذاهب موضوع طلبه في الجبلة.
** قال سفيان: اسلكوا سبيل الحق, ولا تستوحشوا من قلة أهله.
** العقول لا تستقل بإدراك مصالحها دون الوحي.
** قال مالك: كان يقال: لا تمكن زائغ القلب من أذنك, فإنك لا تدري ما يعلقك من ذلك.
** اتفق أهل الشرائع على أن علوم الشريعة أفضل العلوم وأعظمها أجراً عند الله يوم القيامة.
** قال مالك: لا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل.
** المبتدع قدّم هوى نفسه على هدى ربه, فكان أضلّ الناس, وهو يظن أنه على هدى.
** قال محمد بن سيرين: إني أرى أسرع الناس ردةً أصحاب الأهواء.
** قال حمدون القصار: من نظر في سير السلف, عرف تقصيره وتخلفه عن درجات الرجال.
** لكل جديد لذة.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ