مفهوم السنة في الاصطلاح
الهَدْي الذي كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، علمًا واعتقادًا، وقولًا وعملًا، وهي السنة التي يجب اتباعها، ويحمد أهلها، ويذم من خالفها، وتطلق السنة على سنن العبادات والاعتقادات، كما تطلق على ما يقابل البدعة.
- التصنيفات: الحديث وعلومه - - آفاق الشريعة -
هي: الهَدْي الذي كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، علمًا واعتقادًا، وقولًا وعملًا، وهي السنة التي يجب اتباعها، ويحمد أهلها، ويذم من خالفها، وتطلق السنة على سنن العبادات والاعتقادات، كما تطلق على ما يقابل البدعة.[1]
لذلك قيل: فلان من أهل السنة، معناه من أهل الطريقة المستقيمة المحمودة[2]، ولذا يعرفها الأزهري (ت:370هـ) - رحمه الله - بقوله:
السنة الطريقة المحمودة المستقيمة[3].
المعاني التي تطلق عليها السنة في الاصطلاح
وتطلق السنة في الاصطلاح على عدة معان منها:
المعنى الأول: تطلق على ما يقابل القرآن، ومن ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ» [4].
المعنى الثاني: وتطلق على ما يقابل البدعة فيقال: أهل السنة وأهل البدعة.
قال الشاطبي (ت:790هـ) - رحمه الله: ويطلق ـ أي: (لفظ السنة) ـ في مقابلة البدعة؛ فيقال: فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نُص عليه في الكتاب أو لا، ويقال: فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك[5].
المعنى الثالث: وتطلق السنة عند المحدثين على ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خُلُقية أو خلْقية وما يتصل بالرسالة من أحواله الشريفة قبل البعثة ونحو ذلك.
المعنى الرابع: وهي عند الفقهاء من الأحكام الخمسة: الفرض، السُّنة، الحرام، المكروه، المباح.
وربما لا يراد بها إلا ما يقابِل الفرض، كقولنا: فروض الوضوء وسننه فإنه لا يقابل بها الحرام والمكروه في هذا الموطن.
المعنى الخامس: وتطلق عند الأصوليين على ما صدر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير.
المعنى السادس: وتطلق السنة على ما عمل به الصحابة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[6].
المعنى السابع: وتطلق السُّنَّة على العقيدة: فإن كتب العقيدة يطلق عليها كتب السنة، كما جررت عادة السلف على تلك النسبة، وكتب السُّنَّة كـ كتاب السُّنَّة للإمام أحمد، والسُّنَّة لعبد الله ابن أحمد والسُّنَّة للبربهاري، والسُّنَّة للبغوي، والسُّنَّة للخلَّال.
قال الحافظ ابن رجب (ت 795هـ) - رحمه الله-: وكثير من العلماء المتأخِّرين يَخصُّ السُّنَّة بما يتعلَّق بالاعتقاد؛ لأنَّها أصل الدِّين، والمخالف فيها على خطَر عظيم[7].
المعنى الثامن: وتطلق السُّنَّة على الشريعة عمومًا، فقد تطلق السُّنَّة ويُراد بها الشريعة؛ ففي تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18]؛ قال الحسَن البصري وسفيان: (على السُّنَّة([8].
وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة (ت: 728هـ) - رحمه الله-: السُّنَّة هي الشَّريعة، وهي ما شَرَعَه الله ورسوله من الدِّين[9].
[1] مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة: (ص: 13)؛ مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة وموقف الحركات الإسلامية المعاصرة منها، الشيخ د. ناصر بن عبد الكريم العقل، الأستاذ المشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، في كلية أصول الدين بالرياض، الطبعة الأولى: 12 / 9 / 1412هـ، دار الوطن للنشر.
[2] تهذيب اللغة: (12/ 298، 301)، لسان العرب: (3/ 226).
[3] تهذيب اللغة: (12/ 301).
[4] رواه مسلم، عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا وفي رواية فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)؛ رواه مسلم (2373).
[5] الموافقات: (4/ 4). الموافقات المؤلف: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي (المتوفى: 790هـ) - المحقق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان- الناشر: دار ابن عفان الطبعة: الطبعة الأولى 1417هـ/ 1997م عدد الأجزاء: 7 .
[6] المرجع السابق: (4/ 4-5). بتصرف
[7] جامع العلوم والحكم: (2/ 120).
[8] أصول الاعتقاد، لللالكائي: (1/ 69).
[9] مجموع الفتاوى، لابن تيمية: (4/ 436).
__________________________________________________
الكاتب: الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي