غزة .. والديمقراطية المتوحشة!!!

سالم محمد

حسب الموسوعة السياسية فإنه(لا يوجــد تعريــف معاصــر جامــع مانــع لمعنــى الديمقراطية) وهكذا أهل الباطل عجزوا عن الاتفاق عن التعريف فضلًا عن الأسس والمعايير

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

        حسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة فإن (الديمقراطية إحدى القيم الأساسية للأمم المتحدة)، وبالمناسبة الأمم المتحدة لم تُؤسَّس على الديمقراطية ولا مكان للديمقراطية في قراراتها، بل إنها أسست على الظلم، وما بُنيَ على باطل فهو باطل، أما حسب الموسوعة السياسية فإنه(لا يوجــد تعريــف معاصــر جامــع مانــع لمعنــى الديمقراطية) وهكذا أهل الباطل عجزوا عن الاتفاق عن التعريف فضلًا عن الأسس والمعايير، وهذا عكس شريعة رب العالمين ذات المعايير الواضحة من مثل «(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)»

        إننا نعيش اليوم حرب ظالمة يشنها كهنة الديمقراطية وأذنابها على غزة خصوصًا وعلى الإسلام والمسلمين عمومًا، حيث بلغت الضحايا الحرب على غزة حتى كتابة هذه الأسطر نحو (29 ألف قتيل وحوالي 69 ألف جريح) وهذا النزيف والدمار والحرب على كافة الأصعدة بما فيها العقيدة والأخلاق فضلًا عن الأرواح والممتلكات وهذه ممتدة لسنين عددًا.

        بعد سقوط الدولة العثمانية وهزيمتها في الحرب العالمية الأولى اقتسمت كبار الدول الديمقراطية بلاد المسلمين التي كانت واقعة تحت النفوذ العثماني، فكانت فلسطين من نصيب أعرق الديمقراطيات في العالم بريطانيا، إذن فاغتصاب فلسطين من البداية كان قرار ديمقراطي وعلى يد أرقى وأعرق الديمقراطيات كما يسمونها، فنكبة المسلمين في فلسطين منذ 1922م كان قرار ديمقراطي بامتياز، حيث (وافق مجلس الوزراء البريطاني برئاسة ديفد لوي جورج على إصدار وعد بريطاني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين) ثم نفذ هذا الوعد الديمقراطي الظالم يحذافيره.

        بعد إحلال بريطانيا الديمقراطية لفلسطين بدئوا في جرائمهم ضد المسلمين وكان(موقف إنجلترا من المهاجرين اليهود: الإمداد بالسلاح الحديث بصورة مستمرة، التدريب في معسكرات الإنجليز، الإيواء في المستوطنات التي تبنى على أرض فلسطين، إهداء قطع من أرض فلسطين لهم لإقامة المشاريع، الدفاع عنهم والوقوف بجانبهم إذا هجم عليهم الإرهابيون -طبعاً يقصدون الفلسطينيين، أطلقوا على من يدافعون عن بلادهم: إرهابيون- هذا كان موقف إنجلترا من الهجرة اليهودية؛ هذا هو وضع إنجلترا في تاريخ فلسطين)[1] كما مكنوا لهم السيطرة الاقتصادية والإعلامية وغيرها  ولا تنس أن هذه كلها قرارات ديمقراطية.

        أنهى ديمقراطيو بريطانيا مهمتهم الظالمة وسلموا الراية إلى منظمة غير ديمقراطية ألا وهي الأمم المتحدة التي قامت بجريمة التقسيم حيث أُعطِى أكثر من نصف فلسطين لليهود أما القدس فقد جُعل حكمها دولياً كما يزعمون، ومع أن الأمم المتحدة لا تنفذ الديمقراطية في قراراتها إلا أن  هذا القرار باركه وأيده  الكثير من الديمقراطيات (الحرة) وهكذا تستمر معاناة المسلمين من الظلم الديمقراطي الصارخ، فتبًا لدعاة الديمقراطية في بلاد المسلمين.

        ولا زلنا ندندن حول وثن الديمقراطية وجرائمه حيث صنف مؤشر الديمقراطية لعام 2023 دولة اليهود المسماة (إسرائيل) على قائمة قمة دول الشرق الأوسط من حيث تطبيق الديمقراطية، وحسنًا صنعوا فإن ودولة اليهود دولة غاصبة وقاتلة ومجرمة لكن كل ما تفعله وفعلته من جرائم وقتل وتشريد وسجن واغتيالات وحرب على الأخلاق والعقيدة وزرع الجواسيس وغيرها كثير قرارات ديمقراطية خالصة ولا يستطيع أن ينكر ذلك  إلا شخصًا لا يعرف الديمقراطية أو لا يعرف دولة اليهود الديمقراطية.

        والواقع أن علماء المسلمين عرفوا خطر الديمقراطية وحذروا منها وأصدروا الفتاوى الكثيرة في التحذير منها ومن شرها لأن (الديمقراطية نظام مخالف للإسلام؛ حيث يجعل سلطة التشريع للشعب، أو من ينوب عنهم (كأعضاء البرلمان)، وعليه : فيكون الحكم فيه لغير الله تعالى، بل للشعب، ونوابه، والعبرة ليست بإجماعه ، بل بالأكثرية، ويصبح اتفاق الأغلبية قوانين ملزمة للأمة، ولو كانت مخالفة للفطرة، والدين، والعقل، ففي هذه النظم تم تشريع الإجهاض، وزواج المثليين، والفوائد الربوية، وإلغاء الأحكام الشرعية، وإباحة الزنا وشرب الخمر، بل بهذا النظام يحارب الإسلام ويحارب المتمسكين به ... قال الله تعالى : {( فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ )} [غافر/12] ، وقال تعالى : {( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) } [​​​​​​​يوسف/40] ، وقال تعالى : {(أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ)} [التين/8] ... والله عز وجل هو خالق الخلق ، وهو يعلم ما يَصلح لهم وما يُصلحهم من أحكام ، والبشر يتفاوتون في العقول والأخلاق والعادات ، وهم يجهلون ما يصلح لهم فضلا أن يكونوا على علم بما يَصلح لغيرهم ، ولذا فإن المجتمعات التي حكمها الشعب في التشريعات والقوانين لم يُر فيها إلا الفساد ، وانحلال الأخلاق ، وتفسخ المجتمعات)[2]

        إذن تبين بما لا يدع مجال للشك أن ما يتعرض له إخواننا في غزة من ظلم ما هو ثمرة خبيثة من ثمار الديمقراطية {(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ)}

        اللهم طهر بلاد المسلمين من ظلمات وضلالات وخرافات وقذارات العلمانية والديمقراطية والليبرالية والنسوية وأذنابهم.

 

 

[1] فلسطين حتى لا تكون أندلسا أخرى -  راغب السرجاني دروس مفرغة

[2] موقع الإسلام سؤال وجواب سؤال رقم (98134)