وصايا لقمان الحكيم لابنه
محمد جميل زينو
هذه وصايا نافعة حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم:
- التصنيفات: الآداب والأخلاق - وصايا نبوية -
قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ} [لقمان: 13].
هذه وصايا نافعة حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم:
1- {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].
احذر الشرك في عبادة الله، كدعاء الأموات أو الغائبين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «الدعاءُ هو العبادة»؛ (رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح).
ولما نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شق ذلك على المسلمين، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه:
{يا بُني لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم} ؛ (متفق عليه).
2– {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].
ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده البر بالوالدين لعظم حقهما، فالأم حملت ولدها بمشقة، والأب تكفل بالإنفاق فاستَحقا من الولد الشكر لله ولوالديه.
3- {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15].
قال ابن كثير:
أي إن حرصا عليك كل الحرص أن تتابعهما على دينهما، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنع ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفًا أي محسنًا إليهما؛ واتَّبِعْ سبيل المؤمنين.
أقول: يؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف». (متفق عليه).
4- {يَابُنَيَّ إنَّهَا إنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16].
قال ابن كثير: أي إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل أحضرها الله تعالى يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشَرٌ.
5- {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} [لقمان: 17]، أدها بأركانها وواجباتها بخشوع على الوجه المشروع.
6- {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [لقمان: 17]، بلُطف ولين بدون شدة.
7- {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: 17]، علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سيناله أذىً فأمره بالصبر، قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم»؛ (صحيح رواه أحمد وغيره).
{إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17]؛ أي: إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور.
8- {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: 18].
قال ابن كثير: لا تُعرِض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك احتقارًا منك لهم، واستكبارًا عليهم، ولكن ألِن جانبك وابسُطْ وجهك إليهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة»؛ (صحيح رواه الترمذي وغيره).
9- {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: 18]، أي خيلاء متكبرًا جبارًا عنيدًا، لا تفعل ذلك يبغضك الله، ولهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].
أي مُختال مُعجَب في نفسه، فخور على غيره. ذكره ابن كثير
10- {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: 19]، أي امش مشيًا مقتصدًا، ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط، عدلًا وسطًا بين بين.
11- {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19]، أي لا تبالغ في الكلام، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه، ولهذا قال: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19].
قال مجاهد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير. أي غاية مَن رفع صوته أنه يُشبه بالحمير في علُوه ورَفعه، ومع هذا هو بغيض إلى الله، وهذا التشبيه بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
أ – « «ليس لنا مَثل السوء، العائد في هِبته كالكلب يعود في قيئه»؛ (رواه البخاري).
ب – « «إذا سمعتم أصواتَ الديكه، فسلوا الله مِن فضله؛ فإنها رأت ملَكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوّذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا»؛ (متفق عليه). (انظر: تفسير ابن كثير ج 3/ 446).
من هداية الآيات:
1- مشروعية وصية الوالد لابنه بما ينفعه في الدنيا والآخرة.
2- البدء بالتوحيد والتحذير من الشرك لأنه ظلم يحبط الأعمال.
3- وجوب الشكر لله، وللوالدين، ووجوب برهما وصلتهما.
4- وجوب طاعة الوالدين في غير معصية الله، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف»؛ (رواه البخاري).
5- وجوب اتباع سبيل المؤمنين الموحدين، وتحريم اتباع المبتدعين.
6- مراقبة الله تعالى في السر والعلن، وعدم الاستخفاف بالحسنة والسيئة مهما قلَّت أو صغرت.
7- وجوب إقام الصلاة بأركانها وواجباتها والاطمئنان فيها على الوجه المطلوب.
8- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن علم، ولطف حسب استطاعته.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»؛ (رواه مسلم).
9- الصبر على ما يلحق الآمر والناهي من أذى، وأنه مِن عزم الأمور.
10- تحريم التكبر والاختيال في المشي وغيره.
11- الاعتدال في المشي المطلوب، فلا يُسرع ولا يُبطئ.
12- عدم رفع الصوت زيادة على الحاجة، لأنه من عادة الحمير.