كل هؤلاء مسؤولون يوم القيامة عن انفلات النساء في بلاد الحرمين

عبد المحسن بن حمد العباد البدر

  • التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -


الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد،
فقد كانت النساء في أول الإسلام يكشفن وجوههن ويراهنّ الرجال الأجانب، وبعد نزول آية الحجاب في حق أمهات المؤمنين سترن وجوههن عن الرجال الأجانب، وكذا غيرهن من الصحابيات، لأن التعليل لشرعية الحجاب في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]. في حق أمهات المؤمنين مع ما اتصفن به من الطهر والعفاف يدل على شموله لغيرهن ممن لم يظفرن بهذا الشرف من باب أولى، ويؤيد ذلك عطف نساء المؤمنين على أزواجه وبناته في قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ} [الاحزاب: 59]. ويدل لكون الحجاب عاماً وليس خاصاً بأمهات المؤمنين ما رواه البخاري في صحيحه (4759) عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما نزلت هذه الآية: {وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ} أخذن أزرهن فشققنها من قِبَل الحواشي فاختمرن بها" لأن المعنيَّ بالآية المؤمنات لأن الله بدأها بقوله: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ}، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/490): "قوله (فاختمرن): أي غطين وجوههن".

ويدل لذلك من السنة حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك وفيه قولها: "وكان صفوان بن المعطَّل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني، فخمرت وجهي بجلبابي" رواه البخاري (4750) ومسلم (7020)، وحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبراً، فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن! قال: فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه» (رواه أهل السنن وغيرهم، وقال الترمذي (1731): "هذا حديث حسن صحيح").

فإن مجيء الشريعة بتغطية النساء أقدامهن يدل دلالة واضحة على أن تغطية الوجه واجب، لأنه موضع الفتنة والجمال من المرأة، وتغطيته أولى من تغطية الرِّجلين، ثم استمر عمل النساء على تغطية وجوههن إلى أوائل القرن الرابع عشر الهجري الذي بدأ فيه السفور وترك الحجاب في مصر والشام وكثير من بلاد المسلمين، وكانت أول امرأة مسلمة كشفت وجهها في مصر يقال لها هدى شعراوي، وأول امرأة مسلمة في بلاد الشام كشفت وجهها وكيلة مدرسة ثانوية في دمشق كما جاء في ذكريات الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله (5/226)، وقال ابن المنذر كما في فتح الباري (3/406): "أجمعوا على أن المرأة يعني المحرمة تلبس المخيط كله والخفاف، وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال" وقد نقل الإجماع على ذلك أيضا ابن عبد البر في التمهيد (15/108)، ولا فرق في هذا الحكم وهو تغطية النساء وجوههن عن الأجانب بين المحرمات بحج أو عمرة وغيرهن، قال ابن حجر في الفتح (9/324): "ولم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب"، وكانت وفاة الحافظ ابن حجر سنة (852هـ).
وقد آل أمر النساء في البلاد التي بدأ فيها كشف الوجوه في القرن الماضي إلى ما هو مشاهد ومعاين من التبرج والتهتك في كشف الرؤوس والأعناق وبعض الصدور والظهور والذراعين والعضدين والساقين وبعض الفخذين ويتضح من هذا أن بدء كشف النساء وجوههن في القرن الماضي هو الشرارة الأولى لهذا التعري المشين، ولا يقال إن ما كانت عليه النساء قبل القرن الماضي من الاحتجاب وترك السفور عادةٌ يُنتقل منها إلى عادة أخرى هي في الحقيقة عادة غربية، بل هو حكم شرعي بدأ بشرعية الحجاب بالأدلة السابقة والإجماع عليه.

وقد بقيت البلاد السعودية على السلامة من كشف الوجوه والاختلاط بالرجال الأجانب وعلى المحافظة على الحشمة والفضيلة في عهد الملك عبد العزيز وعهود أبنائه سعود وفيصل وخالد وفهد رحم الله الجميع، وفي الآونة الأخيرة نشط التغريبيون في الدعوة إلى سفور النساء واختلاطهن بالرجال في فصول الدراسة ومكاتب العمل وغيرها تقليداً لبلاد الغرب وللبلاد الإسلامية التي تابعتها على انفلات النساء، ومن أمثلة المفاسد المترتبة على دعوة التغريبيين إلى انفلات النساء واختلاطهن بالرجال في مكاتب العمل وفصول الدراسة ما نشرته صحيفة الرياض في 11/8/1432هـ عن الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع وفقه الله من كلام حسن منه قوله: "والاختلاط المقصود يعني غير العارض قد يكون وسيلة وذريعة إلى الخلوة الجالبة على سبيل الاحتمال ما يخزي. وأذكر واقعة تعتبر مثالاً لما قد يقع من الاختلاط المقصود هي أن أحد البنوك المحلية لديه تساهل في موضوع الاختلاط في بعض المكاتب بين موظفيها، فانتقل أحدهم بحديثه مع زميلته في العمل إلى أمور خارجة عن شؤون العمل، وفي الغد قدم لها ساعة هدية وخجلت أن تردها إليه وفي الليل اتصل بها وعلل اتصاله بها بأنه حاول أن ينام فلم يستطع، وأحب أن يتسلى معها في الحديث فاعتذرت منه بأن جوالها نفدت طاقته وأقفلت المكالمة معه وفي الصباح في وقت العمل أعادت له الساعة مع عبارة: ظنك في غير محله وطلبت نقلها إلى مكان آخر، وقد صور الشاعر أحمد شوقي مراحل الوقوع في الهاوية بقوله:
نظرة فابتسامة فسلامٌ *** فكلام فموعد فلقاء

أقول: فاعتبروا يا أولي الأبصار، والحمد لله أن هذه المحاولة السيئة بين الزميل والزميلة في العمل في هذا المثال باءت بالفشل، وأما المحاولات بين الزملاء والزميلات في مكاتب العمل وفصول الدراسة التي تمر بمراحل بيت الشاعر أحمد شوقي فلا يعلمها ولا يعلم نتائجها إلا الله، وقد قال الشاعر:

كل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر

وقال الشاعر:

إن الرجال الناظرين إلى النساء *** مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تَصن تلك اللحومَ أسودُها *** أُكلت بلا عوض ولا أثمان



والأسود من الرجال هم الذين يصونون النساء ويحافظون عليهن بالالتزام بالحشمة والحجاب والابتعاد عن السفور والاختلاط بالرجال، وكما لا يرمى بالغنم بين الذئاب فلا يرمى بالنساء بين الرجال الأجانب، أفيليق بمن له عقل ودين أن يرمي بمحارمه بين الرجال الأجانب في مكاتب العمل وفصول الدراسة وغير ذلك؟! أين الغيرة على المحارم؟! وأين التباعد عن أسباب الدياثة؟! أين الحياء من الله؟! أين الشهامة؟! أين الرجولة؟! أين المروءة؟! أين الأنفة؟! أين النفوس الأبية؟! أين الهمم العلية؟! أين شيم الرجال؟! أين الاعتبار بمن حولنا ممن سبقت نساؤهم إلى تقليد نساء الغرب فكشفن الوجوه ثم آل أمرهن إلى التعري المشين؟! {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج : 46]. اللهم لطفك بالبقية الباقية بلاد الحرمين.

وهذا السفور والاختلاط المشين الذي يدعو إليه التغريبيون فيه الخروج من النور إلى الظلمات والوقوع في أضر فتنة خشيها الرسول صلى الله عليه وسلم على الرجال من أمته، وهي أول فتنة حصلت لأسلاف الغربيين الذين يلهث التغريبيون وراء تقليدهم في كل شر، قال صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» (رواه البخاري (5096) ومسلم (6945) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما). وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» رواه مسلم (6948) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

وكل من كان له ولاية في بلاد الحرمين عامة أو خاصة مسئول يوم القيامة عن قيامه بما يجب عليه في ولايته مطلقاً ولاسيما في حراسة الفضيلة والبعد عن أسباب الرذيلة، ومحاسب على الإخلال بما يجب عليه فيها، ومن كان في قمة الولاية فمسئوليته أعظم وأشد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع فمسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع في مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» رواه البخاري (2554) ومسلم (4724). ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (رواه مسلم 177).

ومن الخير لمن في قمة المسئولية العمل بما تقتضيه هذه الآيات فعلاً وتركاً، قال الله عز وجل: {ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَة مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ إِنَّهُمۡ لَن يُغۡنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡ‍ٔاۚ وَإِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضۖ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} [الجاثية : 18، 19]. وقال: {وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ} [المائ‍دة: 49] ، وقال: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيما فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153]. وقال: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ . وَٱتَّقُواْ فِتۡنَة لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّة وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} [الأنفال: 24-25]. وقال: {ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَۗ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3].

وأسرة آل سعود جميعاً أولى الناس بالمحافظة على المجد والمكاسب التي ورَّثها الملك عبد العزيز رحمه الله، ولاسيما المحافظة على الفضائل والبعد عن أسباب الرذائل، ومن كان منهم في ولاية من وزارة أو إمارة منطقة أو غير ذلك فمسئوليته أعظم والمصيبة بالإخلال بالمجد والمكاسب أشد، ومن الخير لكل فرد من أفراد هذه الأسرة الكريمة أن يعرف صديقه الناصح له وعدوه الماكر به وألا يغتر بمكر التغريبيين الذين يسعون جاهدين لإضاعة هذه المكاسب وتقويض هذا البنيان الشامخ: لأن التغيير يترتب عليه تغيير، كما قال الله عز وجل: {وَمَن يُبَدِّلۡ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} [البقرة: 211]. وقال: {{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم} [الأنفال: 53]. وقال: {وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلا قَرۡيَة كَانَتۡ ءَامِنَة مُّطۡمَئِنَّة يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدا مِّن كُلِّ مَكَان فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ} [النحل: 112]. وقال: {{وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَٰهَا تَدۡمِيرًا} [الاسراء: 16].

وسبق أن كتبت كلمات نبهت فيها على اغترار بعض الأمراء من مسؤولين وغيرهم بمكر التغريبيين أعداء مجدهم، منها الكلمات التالية:
"نحب لدولتنا السعودية دوام عزها ونبغض التغريبيين الساعين بمكرهم لإضعافها" نشرت في 20/8/1431هـ، "لا يليق اتخاذ اسم خديجة بنت خويلد عنواناً لانفلات النساء" نشرت في 30/12/1431هـ، "لا يليق بأهل المجد أن يكونوا مستنداً للتغريبيين الماكرين بمجدهم" نشرت في 7/2/1432هـ، "الأحداث الأخيرة أظهرت لولاة بلاد الحرمين الناصح والماكر والعدو والصديق" نشرت في 30/6/1432هـ، "إن هدى الله هو الهدى فماذا بعد الحق إلا الضلال يا دعاة التغريب؟!" نشرت في 19/12/1432هـ.

وقد جاء في هذه الكلمات الخمس ذكر الأمراء: سعود وخالد وتركي الفيصل وفيصل بن عبد الله بن محمد والوليد بن طلال والأميرة عادلة بنت خادم الحرمين، وجاء فيها ذكر وزراء الإعلام والتعليم العالي والعمل والصحة والتجارة.
وقد نشرت صحيفة الاقتصادية في 27/12/1432هـ حديثاً لسمو الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب جاء فيه: "أن مطالبات اللجنة الأولمبية الدولية بأن يكون ضمن الوفد السعودي المشارك في الأولمبياد عنصر نسائي لا تقل نسبته عن 10 في المائة من مجموع المشاركين من الوفد، أن هذا الأمر ليس بجديد وهو يتكرر منذ 20 عاما، وقال: بلادنا دولة أعزها الله بالإسلام لا تقر إلا بما هو يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وأضاف: ما أثار هذا الأمر هو وجود عدد من المبتعثات السعوديات في الخارج اللاتي يمارسن الرياضة في العديد من الجامعات أو الأندية هناك، حيث اتصل بعضهن بنا وأبدين رغبتهن في تمثيلنا في البطولات العالمية!! مشيراً إلى أنه إذا كانت هناك مشاركة نسائية ستكون بقناعة المشاركين، حيث تنقسم المشاركة في الأولمبياد إلى قسمين، الأول: مشاركة تأهيلية أي: حسب ما يحققه اللاعب من أرقام في التصفيات التمهيدية تؤهله للمشاركة، والآخر: هو مشاركة عشوائية عن طريق الدعوات، فإذا كان هناك دعوات لهن سنحرص على أن تكون مشاركتهن بالشكل والزي اللائق المحتشم ووفق الضوابط الشرعية وفي وجود محرمها، وأن تكون في لعبة لا يظهر فيها أي شيء مخالف للشريعة"، وأقول: إن اللائق بالرئاسة العامة لرعاية الشباب الاستمرار على إهمال هذه المطالبة حاضراً ومستقبلاً كما جرى إهمالها في مدة عشرين عاماً، وأما المشاركة وفقاً للضوابط الشرعية فلا تتحقق بمثل هذه الألعاب العالمية التي لا تعرف الاحتشام والسلامة من الفتن.

ونشرت صحيفة عكاظ في 27/12/1432هـ ما يلي: "أبلغ عكاظ صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب وزير الشؤون البلدية والقروية أحقية المرأة السعودية بالحصول على كرسي الرئاسة للمجالس البلدية في الدورة المقبلة"، وأقول: إن ولاية النساء على الرجال من أسباب عدم الفلاح، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أفلح قوم تلي أمرهم امرأة» (رواه أحمد 20508 واللفظ له، والبخاري 4425)، وليس في الإسلام تولية النساء على الرجال، قال ابن قدامة في المغني (14/13): "ولا تصلح للإمامة العظمى، ولا لتولية البلدان، ولهذا لم يول النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ولا مَن بعدهم امرأة قضاءً ولا ولاية بلدٍ، فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يَخلُ منه جميع الزمان غالباً"، وكانت وفاة ابن قدامة سنة 620هـ، ذكرت هذا وغيره في رسالة: الدفاع عن الصحابي أبي بكرة ومروياته والاستدلال لمنع ولاية النِّساء على الرِّجال، طبعت في عام 1425هـ.

وكل وزير أو رئيس لمصلحة حكومية أو مؤسسة عامة أو أمير لمدينة أو قرية أو صاحب شركة مسؤول يوم القيامة عن أي انفلات من النساء يكون في ولايته، ولا يجوز له التهاون والتساهل في ذلك، لأن القيام بهذا الواجب تظهر آثاره عليه وعلى من هم تحت ولايته في الحياة الدنيا وفي القبر وما بعده، وكذا لا يجوز الاغترار برضا الغرب ومدحهم لكل ما فيه انفلات النساء في بلاد الحرمين، لأنهم لا يرضيهم إلا اتباع ملتهم، كما قال الله عز وجل: {وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120]. وقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ . بَلِ اللَّـهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران: 149-150]. والذي ينفع مدحه ويضر ذمه هو الله عز وجل، لما روى الترمذي في جامعه (3276) بإسناد صحيح أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إن حمدي زين وذمي شين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذاك الله عز وجل»، وقد أخبر الله تعالى أن صبر المؤمنين على الحق والهدى وتقواهم لله عز وجل لا يضر معه كيد أعدائهم، فقال: {وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡ‍ًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيط} [آل عمران: 120]

وأصغر الولايات ولاية الرجل في بيته، فيجب عليه المحافظة على رعيته فيه، وذلك بتوجيههم إلى كل خير وتحذيرهم من كل شر وتجنيبهم كل ما يعود عليهم ضرره في الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّـهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: «والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم».
وهؤلاء المسئولون سواء من كان منهم في قمة الولاية أو أصغرها وما بين ذلك لو أصيب أحدهم بألم شديد في أي موضع من جسده وقيل له: إنك لا تشفى منه إلا إذا قمت بما هو واجب عليك من حراسة الفضيلة والابتعاد عن أسباب الرذيلة لبادر إلى ذلك ليسلم من هذا العذاب الدنيوي الذي لا يعتبر شيئاً بالنسبة للعذاب الأخروي {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيد} [ق: 37] . ويجب على كل امرأة لها عقل ولنفسها عندها قيمة أن تكون على حذر من أن تقع فريسة لذئاب البشر بترك الحجاب والاختلاط بالرجال نتيجة للاغترار بدعوة التغريبيين إلى انفلات النساء في بلاد الحرمين.

وهذه الكلمة هي المتممة لثلاثين كلمة كتبتها خلال ثلاث سنوات في حراسة الفضيلة والتحذير من الوقوع في أسباب الرذيلة من سفور النساء وتبرجهن واختلاطهن بالرجال الأجانب، والأولى من هذه الكلمات بعنوان: دعاة تغريب المرأة ومتبعو الأهواء والشهوات هم الذين وراء بدء انفلات بعض النساء أخيراً في بلاد الحرمين، نشرت في 18/2/1430هـ، وهذه الكلمات تبلغ مجلداً تزيد صفحاته على ثلاثمائة صفحة وقد نشر منها في 13/9/1432هـ خمس وعشرون كلمة مجتمعة بعنوان: خمس وعشرون كلمة في التحذير من التبرج والسفور واختلاط الجنسين في بلاد الحرمين.
وقبل هذه الكلمات كتبت لخادم الحرمين ثمان رسائل ناصحة في هذا الموضوع سلمت أربعاً منها بيده، والغالب على الظن تأثيرها بإذن الله لو قرأها عليه رئيس الديوان الملكي لما فيها من عبارات مؤثرة، فإن لم يكن قرأها عليه فعليه من الله ما يستحق، وإن حجبه لنصح الناصحين للدولة والشعب وخدمته للماكرين بهذه البلاد حكومة وشعباً ظلم للراعي والرعية وفي ذلك أعظم جناية على خادم الحرمين لحدوث انفلات النساء في عهده بمكرهم.

وكتبت أيضاً فيه خمس رسائل هي: لماذا لا تقود المرأة السيارة في المملكة العربية السعودية؟، طبعت في عام 1428هـ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها، طبعت في عام 1430هـ، والعدل في شريعة الإسلام وليس في الديمقراطية المزعومة، طبعت في عام 1426هـ، ووجوب تغطية المرأة وجهها وتحريم اختلاطها بغير محارمها، طبعت في عام 1430هـ، والدفاع عن الصحابي أبي بكرة ومروياته والاستدلال لمنع ولاية النِّساء على الرِّجال، طبعت في عام 1425هـ.

وليت التعديل الوزاري الأخير شمل إقصاء كل وزير مفتون بتغريب نساء بلاد الحرمين، ولعل كل مسؤول مفتون بذلك يظفر بالإقصاء عن عمله لتسلم البلاد من شر هؤلاء جميعاً.
وأسأل الله عز وجل أن ينفع بهذه الكلمات والرسائل، وأن يوفق كل مسئول للقيام بمسئوليته على الوجه الذي يرضيه ويقرب إليه، وأن يحفظ بلاد الحرمين حكومةً وشعباً من كل سوء، وأن يوفقها لكل خير، وأن يقيها مكر الماكرين من الغربيين والتغريبيين، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

23/1/1433هـ، عبد المحسن بن حمد العباد البدر