العفو وإقالة العثرات
فإقالة عثرات الكرام إبقاء لمحاسن الأخلاق بين الناس، فالكريم إذا أساء وجب علينا أن نغمس سيئته في بحور حسناته ليبقى منارة هدى للناس على طريق الحق والصواب...
- التصنيفات: محاسن الأخلاق -
• حياة الناس لا بد فيها من المعاملات والتنافس، وربما أدى إلى نوع من المشاجرات والأحقاد، وهذا له عظيم الضرر ومرض يفتك بالعلاقات الحسنة، فكان شفاءه العفو بين الناس، والعفو كما قال ابنُ الملِكِ: ((هو التَّجاوُزُ عن الذَّنبِ وتَركُ العِقابِ عليه))[1]، وهناك الصفح وهو أبلغ من العفو، قال البَيضاويُّ: العَفْوُ: تَركُ عُقوبةِ المُذنِبِ، والصَّفحُ: تَركُ لَومِه. ويدُلُّ عليه قولُه تعالى: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} [البقرة: 109] ترَقِّيًا في الأمرِ بمكارِمِ الأخلاقِ من الحَسَنِ إلى الأحسَنِ، ومن الفَضلِ إلى الأفضَلِ)[2].
• والعفو قضية شرعية؛ لذا ورد الحث عليها عملًا والوعد بفضل عاقبتها أجرًا، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133، 134].
• إذن نحن نتعبد الله بالعفو، فعلينا لنيل أجره أن نحسن النية فيه، وأن نتابع فيه سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم.
• ثم لنعلم أن العفو له وجهان: صورة الوجه الأول تنال بها عظيم الأجر، والصورة الأخرى قد يلحقك بعفوك الوزر، وهذا بحسب الثمرة والمقصد.
• والأصل العفو، فمن عفا استراح، ومن انتقم تحيَّر في أمره، وربما تزل به الأقدام.
• وحتى ننهج بالعفو المنهج القويم لا بد من الفقه في مسائله العامة، وأحواله الخاصة يوجزها ستة أوجه، والله المستعان.
الأول: ضوابط عامة للعفو في آية العفو:
في كتاب الله قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].
هذه الآية متضمنة قواعد العفو العامة وهي:
1- من أساء لك جاز لك أن تسوؤه سواء في بدنه بالجراح فيكون بالقصاص أو في عرضه فيكون الرد بالكلام.
2- فعل الظالم المعتدي يسمى سيئة لكن بظلم وعليه الإثم، وردك يسمى سيئة لكن بحق فلا أثم عليك.
3- ليس كل عفو محمودًا؛ ولذا هنا شرط في العفو الممدوح حدوث صلاح للمعفو عنه، فمن كان فاسقًا مسرفًا في الشر فالعفو عنه إفساد له وإفساد للمجتمع.
4- {فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]: استأثر الله بجزاء العفو لثقلة على النفس وصعوبة الاحتساب فيه، فجعله بلا حد، فحسنة العفو لا تعادل بعشر أمثالها كبقية الحسنات؛ ولذا العفو قرن بالصبر، قال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43]؛ لأن العافي متنازل عن حقه ولا يحدث دون مرارة الصبر، والعفو والصبر أجرهما بغير حساب.
5- {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40]: بيَّن الله ظلم المعتدي، ونبَّه هنا المقتص بالعدل، فلا يحق له أكثر من حقه. فأصبحت الوجوه ثلاثة: إما القصاص بالعدل، وإما فضل بالعفو، وإما ظلم بالتعدي.
الثاني: بعد النظر في العفو ومراعاة المقاصد العظمى:
• عندما يكون المقصد عظيمًا وأحسن وسيلة له العفو، فقد يستلزم وجوب العفو، اسمع لأعظم عفو في تاريخ البشرية والذي يعبر عن خلق وصفه الله أنه عظيم.
• فعن عائشة: ((أنَّها قالَتْ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ؛ إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ علَى وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلَّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا»[3].
هذا هو المعنى الدقيق لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] فقط النبي صلى الله عليه وسلم يتسع لهذا انفرادًا عن الخلق جميعًا، فلو عرض على غيره لكن هلاك أهل الكفر أقرب إليه من رحمتهم، وأما رسول الله فقد رحمهم ورحم من في أصلابهم، وإن أعظم العفو كما قال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ( «أفضَلُ العَفْوِ عِندَ القُدرةِ» )[4]، وأي قدرة أعظم من القدرة السماوية والتي قوى الأرض كلها لا تساميها لا من قريب ولا بعيد، فسبق إلى قلبه صلى الله عليه وسلم نسمات العفو وأسقط حظ الشيطان من الانتقام؛ فكان سيد الأنام عليه أفضل وأكرم الصلوات والسلام.
الثالث: إسقاط حظ النفس ومراعاة الصالح العام:
• الكريم صاحب الدين يسقط كل حظ للنفس من أجل أن تحيا قلوب الناس ويعمرها الإيمان، والناس يأسرهم المعروف مهما بلغت عداوتهم، وهذه حال تتهيأ في النفوس لقبول الحق وأهله، فهذا الفتح العظيم كما روى عبدالله بن عباس في فتح مكة قال صلى الله عليه وسلم: «لا تَثْرِيبَ عليكم اليومَ يَغْفِرُ اللهُ لكم وهوَ أرْحَمُ الراحمينَ»، وأنشدَهُ أبو سفيانَ أبياتًا جاء فيها:
لعمرُكَ إِنَّي حينَ أَحْمِلُ رايـــةً ** لِتَغْلِبَ خيلُ اللاتِ خيلَ محمَّـدٍ
لكالْمُدْلِجِ الحيرانَ أظلَمَ ليلُــهُ ** فهذا أوانِي حينَ أُهْدَى فأهْتَدِي
هداني هادٍ غيرُ نفْسِي ودَلَّنِي ** على اللهِ مَنْ طَرَدتُّهُ كلَّ مَطْــرَدِ
فضربَ الرسولُ علَى صدْرِهِ وهُوَ يقولُ لَهُ: أنتَ طَرَدتَّنِي كُلَّ مَطْرَدِ))[5]
• دخل النبي صلى الله عليه وسلم وهو حامل لواء العز والشرف، وقد تغشاه جلال الخشوع والخضوع لله؛ لما أكرمه من الفتح العظيم، وقد جمع الله السيادة والعزة في الدنيا يسطرها مثل هذا الموقف النبيل وهو القائل: «ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ»[6]، وهذه العزة في الدنيا بالسيادة والتعظيم في قلوب الناس وفي الآخرة يحمل لواء الحمد.
• ونعمة التمكين تحتاج إلى عبادة الشكر، وقد قال عليُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (إذا قدَرْتَ على عَدُوِّك فاجعَلِ العَفْوَ عنه شُكْرَ المقدِرةِ عليه)[7].
• والعفو أحد درجات الإحسان، قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]؛ لأنه لا يعفو إلا من أيقن بالجزاء وكأنه ماثل أمام عينيه.
الرابع: احترام وتقدير صاحب الهفوة والعثرة وحفظ مكانته بالعفو:
• ما من مجتمع إلا وفيه أهل سيادة في الدين والخلق ولكن يحدث منهم الخطأ، وهذا لا يسقط مكانتهم، ويجب سلوك مسلك العفو معهم لبقاء عظيم قدرهم ومكانتهم؛ فعن ربيعة الأسلمي مع أبي بكر وكانوا متجاورين في أرض: ((فاختَلَفْنا في عِذْقِ نَخلةٍ، قالَ: وجاءتِ الدُّنيا، فقالَ أبو بكرٍ: هذه في حَدِّي، وقلتُ: لا، بل هي في حَدِّي. قالَ: فقالَ لي أبو بكرٍ كلمةً كَرِهتُها، ونَدِمَ عليها، قالَ: فقال لي: يا رَبيعةُ، قُلْ لي مِثلَ ما قُلتُ لكَ، حتَّى تكونَ قِصاصًا، قالَ: فقلتُ: لا واللهِ، ما أنا بقائلٍ لكَ إلَّا خيرًا، قالَ: واللهِ لتَقولَنَّ لي كما قلتُ لكَ، حتَّى تكونَ قِصاصًا، وإلَّا استَعْدَيتُ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: فقلتُ: لا واللهِ ما أنا بقائلٍ لكَ إلَّا خيرًا، قالَ: فرَفَضَ أبو بكرٍ الأرضَ، وأَتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فجَعَلْتُ أَتلوهُ، فقالَ أُناسٌ مِن أَسْلَمَ: يَرحَمُ اللهُ أبا بكرٍ هو الَّذي قالَ ما قالَ، ويَسْتَعْدي عليكَ. قالَ: فقلتُ: أَتدْرونَ مَنْ هذا؟ هذا أبو بكرٍ، هذا ثاني اثنينِ، هذا ذو شَيبَةِ المسلمينَ، إيّاكُم لا يلتَفِتْ فيَراكُم تَنْصُرونَني عليه، فيَغضَبُ، فيَأْتي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فيَغضَبُ لغَضَبِه، فيَغضَبُ اللهُ لغَضَبِهِما فيَهلِكُ رَبيعةُ، قالَ: فرَجَعوا عَنِّي، وانطَلَقْتُ أَتلوهُ حتَّى أَتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقَصَّ عليه الَّذي كان، قالَ: فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يا رَبيعةُ، ما لَكَ والصِّدِّيقَ»؟ قالَ: فقلتُ مِثلَ ما قالَ كان كذا وكذا، فقالَ لي: «قُلْ مِثلَ ما قالَ لكَ»، فأَبيتُ أنْ أَقولَ له، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَجَلْ، فلا تَقُلْ له مِثلَ ما قالَ لكَ، ولكن قُلْ: يَغفِرُ اللهُ لكَ يا أبا بَكرٍ»، قالَ: فوَلّى الصِّدِّيقُ رَضيَ اللهُ عنه وهو يَبْكي))[8].
• فإقالة عثرات الكرام إبقاء لمحاسن الأخلاق بين الناس، فالكريم إذا أساء وجب علينا أن نغمس سيئته في بحور حسناته ليبقى منارة هدى للناس على طريق الحق والصواب، فما من أحد يخلو من دواعي الخطأ لكن لإقالة عثرات الكرام منهج شرعي قال صلى الله عليه وسلم: «أَقِيلُوا ذَوِي الهيئاتِ عَثَراتِهِمْ إلَّا الحُدودَ»[9]، فأصحاب السيادة في الحق ونصرة الدين ومكارم الأخلاق وأهل العلم يجب مراعاتهم في هذا الجانب.
الخامس: استجابة لداعي العفو دلالة الإيمان:
• تزدحم دواعي الانتقام عند المواقف الحرجة حتى لا يجد عظيم الخلق لها مخرجًا في العفو لكن أصالة ما يحمله من الإيمان والصدق وسلامة المخبر وحسن المظهر تغلب على مشاق النفس وهواها، يسطر هذه المعاني ما حدث للصديق في حديث الإفك قالت عائشة أم المؤمنين: ((فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] قالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي أُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا))[10].
• من يستطيع أن يفعل ما فعله الصديق، فمسطح له قرابة ابن خالة الصديق، وهو من أهل بدر، والصديق ينفق عليه ولا يجد من حطام الدنيا إلا هذه النفقة، ثم يبتليه الله بأن يقع في عائشة فما استطاع الصديق أن يحتمل مثل هذا وحق له ذلك فقال: ((واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا)) لكن عندما جاء الخطاب الرباني ولامَسَ قلب المؤمن الصِّدِّيق قال: ((واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا)) يقول الحَسَنِ: (أفضَلُ أخلاقِ المُؤمِنِ العَفْوُ)[11]؛ ولذا كان الصديق تاج الصحابة وخير الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم.
السادس: الجزاء من جنس العمل:
أيها الكرام، إذا أردنا عفو الله، فإن من أعظم وسائله العفو عن الناس في الحديث عَنْ عبدالله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللَّهُ لَكُمْ، ويلٌ لأقماعِ القَولِ، ويلٌ للمُصرِّينَ الذينَ يُصرُّونَ على ما فعلوا وهم يعلَمون»[12].
• وفي أعظم ليلة في السنة تقول أم المؤمنين عائشة: ((يا رَسولَ اللهِ، إنْ وافَقتُ لَيلةَ القَدرِ بِمَ أدعو؟ قال: قولي: «اللَّهمَّ إنَّكَ عَفوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عَنِّي»[13]، فمن قدم بين يديه عفوًا كان أقرب إلى عفو الله.
• أخيرًا نعلم أن العفو دين يتقرب به العبد لله، ويسقط به المرء حظ نفسه راجيًا من الله جميل عفوه وحسن عاقبته، والعفو عزة يعبر عن قلب يحمل كل معاني الإيمان والشرف ويبرز للناس أسياد المواقف عند تزاحم الأدعياء، وما خسر أبدًا من عفا، وما كسب من انتقم وما سلم، فالعفو أنفع للتقوى وأحفظ للدين وأقرب للعدل.
[1] ((شرح المصابيح)) لابن الملك (3/ 110).
[2] ((التأويل)) للبيضاوي (1/ 100).
[3] البخاري.
[4] ((بهجة المجالس)) لابن عبدالبر (1/ 370).
[5] حسنه الألباني في تمام المنة في التعليق على فقه السنة.
[6] مسلم.
[7] ((المجتنى)) لابن دريد (ص: 20)، ((محاضرات الأدباء)) للراغب الأصفهاني (1/ 282)، ((ربيع الأبرار)) للزمخشري (2/ 113).
[8] الحاكم، المستدرك على الصحيحين (2756) صحيح على شرط مسلم.
[9] أخرجه أبو داود (4375)، وأحمد (25474) واللفظ لهما، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7294) باختلاف يسير، وقال ابن كثير في إرشاد الفقيه: في إسناده اختلاف يسير لا يضره، وقال ابن حزم في المحلى: جيد، وصححه السيوطي في الجامع الصغير، والألباني في صحيح الأدب المفرد، وحسنه العلائي في النقد الصحيح، والأرناؤوط في تخريج سنن أبي داود.
[10] البخاري.
[11] رواه الخلال كما في ((الآداب الشرعية)) لابن مُفلِح (1/ 71).
[12] أخرجه أحمد (6541)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (380)، والطبراني (13/ 651) (14579) قال المنذري في الترغيب والترهيب: "إسناده جيد، وصححه السيوطي في الجامع الصغير، أحمد شاكر في المسند، والألباني في "صحيح الترغيب" (2465). وحسنه الأرناؤوط في تخريج المسند، (وإقماع القول مثل الآنية لها أقماع ضيقة تملأ بالماء ثم يخرج من الأقماع الماء إلى غيرها دون أن تستفيد هي).
[13] أخرجه الترمذي (3513)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7712)، وابن ماجه (3850)، وأحمد (25479) واللفظ له، صححه النووي في الأذكار، والحاكم في المستدرك، وابن القيم في إعلام الموقعين، والألباني في صحيح الترغيب، والأرناؤوط في تخريج المسند.
_____________________________________________
الكاتب: د. عطية بن عبدالله الباحوث