تحصين الأبناء

كان النبي يعوِّذ الحسن والحسين، ويقول: «إن أباكما كان يعوِّذ بها إسماعيلَ وإسحاقَ: أعوذ بكلمات الله التامَّة، من كل شيطان وهامَّة، ومن كل عين لامَّة».

  • التصنيفات: الذكر والدعاء -

ما معنى التحصين؟

هو شعور الإنسان بالاطمئنان على نفسه أو ذريته أو أمواله، فيحمي نفسه بالعلاج أو بالابتعاد عن الخطر.

 

وهناك طرق أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم لتحصين النفس عن طريق بعض العبادات والأذكار الثابتة المشروعة، التي تساعد على الحصول على الطمأنينة.

 

كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يُرْشِدُ الصحابة رضوان الله عليهم للتحصُّن من الشرور وتحصين الصغار؟

كان صلى الله عليه وسلم يَرْقِي بالمعوِّذتين؛ كما في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين، وينفُث، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاءَ بركتها)).

 

وعن ابن عباس قال: ((كان النبي يعوِّذ الحسن والحسين، ويقول: «إن أباكما كان يعوِّذ بها إسماعيلَ وإسحاقَ: أعوذ بكلمات الله التامَّة، من كل شيطان وهامَّة، ومن كل عين لامَّة».

 

وعن أبي سعيد ((أن جبريل عليه السلام أتى النبي، فقال: يا محمدُ، اشتكيتَ؟ قال: نعم، قال: بسم الله أرْقِيك، من كل شيء يؤذيك، من شرِّ كل نفس أو عين حاسدٍ اللهُ يَشفيك، بسم الله أرقيك)).

 

وفي رواية: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جَمَعَ كفَّيه، ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1]، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، ويفعل ذلك ثلاثًا)).

 

وعن عائشة رضي الله عنها ((أن رسول الله عليه وسلم كان يعوِّذ بعض أهله، يمسـح بيده اليمنى ويقول: «اللهم ربَّ الناس، أذهِبِ الباس، واشفِ إنك الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا».

 

سُئل ابن عثيمين عن الرقية، فقال: الأدعية التي تُقال في الرُّقية، أهمها وأعظمها قراءة سورة الفاتحة، فإن قراءة سورة الفاتحة على المريض من أسباب شفائه، نعم؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن يدريك إنها رقية» ؟، ومن ذلك ما جاءت به السنة مثل قوله: «بسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك، من شر كل عين حاسد، الله يشفيك».

 

تتعوَّذ بالله جل وعلا من شر الحاسد: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5]، قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، والمعوِّذتين بعد كل صلاة، وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم ثلاث مرات، هذا مما يُتَّقى به شر الحاسد، وشر كلِّ ذي شرٍّ، ينبغي أن يُفعَل هذا من الرجل والمرأة جميعًا، وهذا من أعظم العلاج الذي أرشد إليه.

 

أُعِيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق، أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ ثلاث مرات، عند نومه، أو في النهار، أو في أي وقت، الدعاء، تعويذة بالله؛ ((كان النبي يعوِّذ الحسن والحسين عليهما الصلاة والسلام يقول: «أُعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة»، هكذا أنت تقول، تقول للطفل: أُعيذك، وإن كان جماعة تقول: أُعيذكم بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة.

 

هل كان التحصين معروفًا في السابق؟

تحصين النفس من المسائل التي كانت قبل الإسلام، وجاء الإسلام فنظَّمها؛ عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: ((كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: «اعْرِضوا عليَّ رُقاكم، لا بأس بالرُّقَى ما لم يكن فيه شِرْكٌ»؛ (رواه مسلم).

 

شروط العلماء في الرقية:

اشترط العلماء لجواز الرَّقى ثلاثة شروط، استنبطوها من نصوص الأحاديث النبوية؛ جاء في فتح الباري لابن حجر (10/ 195): "وقد أجمع العلماء على جواز الرُّقى عند اجتماع ثلاثة شروط:

1- أن يكون بكلام الله تعالى.

2- أو بأسمائه وصفاته.

3- وباللسان العربي أو بما يُعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثِّر بذاتها، بل بذات الله تعالى، واختلفوا في كونها شرطًا، والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة"؛ [انتهى].

 

ما الفرق بين الرُّقى المحرَّمة والرُّقى الجائزة؟

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "الرُّقى المنهي عنها هي: الرُّقى التي فيها شرك، أو توسُّل بغير الله، أو ألفاظ مجهولة لا يُعرَف معناها، أما الرُّقى السليمة من ذلك، فهي مشروعة ومن أعظم أسباب الشفاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من استطاع أن ينفع أخاه، فلْيَنْفعه»؛ (خرَّجهما مسلم).

 

وقال البغوي في شرح السنة: "الْمَنْهيُّ من الرقى ما كان فيه شرك، أو كان يذكر مَرَدَةَ الشياطين، أو ما كان منها بغير لسان العرب، ولا يدري ما هو، ولعله يدخله سِحْرٌ أو كفر، فأما ما كان بالقرآن، وبذكر الله عز وجل، فإنه جائز مستحبٌّ".

 

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

--------------------------------------------------------------------------------------

الكاتب: نورة سليمان عبدالله