الـرياء: أسبابه وعلاجه

"الرياء: مشتق من الرؤية، والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها، فيحمدون صاحبها، والسمعة مشتقة من سمع، والمراد بها نحو ما في الرياء، لكنها تتعلق بحاسة السمع، والرياء بحاسة البصر"

  • التصنيفات: تزكية النفس - أعمال القلوب -

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرًا، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:

 

فإن الرياء في الأعمال الصالحة من الأمور المهمة التي يجب تحذير المسلمين منها، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

تعريف الرياء:

قال الإمام أحمد بن حجر العسقلاني رحمه الله: "الرياء: مشتق من الرؤية، والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها، فيحمدون صاحبها، والسمعة مشتقة من سمع، والمراد بها نحو ما في الرياء، لكنها تتعلق بحاسة السمع، والرياء بحاسة البصر"؛ [فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 344].

 

الله تعالى يحذِّرنا من الرياء:

قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142].

 

قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 4 - 7].

 

قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 264].

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى، كما تبطل صدقة من راءى الناس، فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصدُهُ مدح الناس له، أو شهرته بالصفات الجميلة، ليُشكَر بين الناس، أو يُقال: إنه كريم، ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية، مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى، وابتغاء مرضاته، وجزيل ثوابه؛ ولهذا قال: {وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 264]"؛ [ابن كثير، ج: 2، ص: 463].

 

وقال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142].

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "لا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون تقية لهم ومصانعة، ولهذا يتخلفون كثيرًا عن الصلاة التي لا يُرَون فيها غالبًا؛ كصلاة العشاء في وقت العَتَمَةِ، وصلاة الصبح في وقت الغَلَسِ"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 4، ص: 318].

 

قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16].

 

قال سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]؛ أي: لا يرائي بعمله.

 

التحذير من الرياء في السنة النبوية:

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول الناس يُقضَى يوم القيامة عليه رجل استُشهد، فأُتِيَ به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استُشهدتُ، قال: كذبت، ولكنك قاتلتَ؛ لِأنْ يُقال: جريء، فقد قيل، ثم أُمِرَ به فسُحب على وجهه حتى أُلقِيَ في النار، ورجل تعلَّم العلم، وعلَّمه وقرأ القرآن، فأُتِيَ به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: تعلمت العلم، وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليُقال: عالم، وقرأت القرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمِر به فسُحِب على وجهه حتى أُلْقِيَ في النار، ورجل وسَّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأُتِيَ به فعرفه نِعَمَه فعرفها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن يُنفَق فيها إلا أنفقتُ فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جَوَاد، فقد قيل، ثم أُمِرَ به فسُحِبَ على وجهه، ثم أُلقِيَ في النار»؛ (مسلم حديث: 1905).

 

معاني الكلمات:

يُقضى: يُحكم عليه.

فعرفها: فاعترف بها.

قاتلت فيك: جاهدت في سبيلك.

جريء: شجاع.

 

الشرح:

قوله: (استشهد): أي: مات في معركة ضد أعداء المسلمين.

قوله (كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء): قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: "المقاتلون في سبيل الله لهم نوايا متعددة، من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، فمن قاتل لينال دنيا فهو في سبيل الطاغوت؛ لأن الله يقول: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]، لكن لو قاتل الإنسان من أجل حماية وطنه المسلم أن يعتدي عليه الكفار، فهذا في سبيل الله؛ لأن حماية بلاد المسلمين ثمرتها أن تكون كلمة الله هي العليا، وكذلك حماية المسلمين ثمرتها أن تكون كلمة الله هي العليا"؛ (شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين، ج: 6، ص: 346، 345).

 

قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: "قوله: (كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليُقال: عالم، وقرأت القرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل): دليل على أنه يجب على طالب العلم أن يُخلِصَ نيته لله عز وجل، وألَّا يبالي أقال الناس أنه عالم أو شيخ، أو أستاذ أو مجتهد، أو ما أشبه ذلك، لا يهمه هذا الأمر، لا يهمه إلا رضا الله عز وجل، وحفظ الشريعة وتعليمها، ورفع الجهل عن نفسه، ورفع الجهل عن عباد الله، حتى يُكتَب من الشهداء الذين مرتبتهم بعد مرتبة الصديقين؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، وأما من تعلم لغير ذلك، ليُقال: إنه عالم، وإنه مجتهد، وإنه علَّامة، وما أشبه ذلك من الألقاب، فهذا عمله حابط والعياذ بالله، وهو أول من يُقضَى عليه، ويُسحَب على وجهه في النار، ويُكذَّب يوم القيامة ويُوبَّخ"؛ (شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين، ج: 6، ص: 345).

 

فائدة الحديث:

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "هذا الحديث فيه دليل على أن فِعْلَ الطاعات العظيمة مع سوء النية من أعظم الوبال على فاعِلِه، فإن الذي أوجب سحبه في النار على وجهه هو فعل تلك الطاعة المصحوبة بتلك النية الفاسدة، وكفى بهذا رادعًا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد"؛ [نيل الأوطار للشوكاني، ج: 7، ص: 256].

 

روى أحمد عن محمود بن لبيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخوفَ ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جُزِيَ الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً؟»؛ (حديث صحيح، مسند أحمد، ج: 39، حديث: 23630).

 

الشرح:

قوله: (الرياء)؛ قال الإمام الغزالي رحمه الله: "الرياء: طلب المنزلة في قلوب الناس بأن يُريَهم الخصال المحمودة، والمرائي هو العامل"؛ [فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 344].

 

وقال العز بن عبدالسلام رحمه الله: "الرياء أن يعمل لغير الله، والسمعة أن يُخفِيَ عمله لله، ثم يحدِّث به الناس"؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 344).

 

روى أحمد عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  «إن أخوفَ ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء، يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جُزِيَ الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً» ؟))؛ (حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني، حديث: 1555).

 

روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمِلَ عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشِرْكَه»؛ (مسلم، حديث: 2985).

 

روى مسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به»؛ (مسلم، حديث: 2986).

 

قال الخطابي في معنى هذا الحديث: "من عمل عملًا على غير إخلاص إنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه، جُوزِيَ على ذلك بأن يشهِّره ويفضحه، فيبدو عليه ما كان يُبطِنه ويُسِرُّه من ذلك"؛ ([الكبائر للذهبي، ص: 157).

 

فــائــدة مهمة:

الرياء يكون في الفعل، والسمعة تكون في القول؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج: 11، ص: 344).

 

روى أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تعلم علمًا مما يُبتغَى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عَرَضًا من الدنيا، لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة؛ يعني: ريحها»؛ (حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني، حديث: 3112).

 

أنـواع الـريـاء:

يشتمل الرياء على عدة أنواع؛ هي:

النوع الأول:

الرياء من جهة البدن: وذلك بإظهار نحول الجسم واصفراره، ليُريَهم بذلك شدة الاجتهاد في العبادة، وشدة خوفه من يوم القيامة، وكذلك يرائي بتشعُّث شعر رأسه ولحيته، ليُظهِر أنه مستغرق في أمور الدين، ولا يتفرغ لتسريح شعره، ويقرب من هذا خفض الصوت، ودخول العينين في الرأس، وذبول الشفتين؛ ليدل بذلك على أنه مواظب على الصوم.

 

النوع الثاني:

الرياء من جهة الهيئة والملابس: كإمالة الرأس إلى الأمام في حالة المشي، وإبقاء أثر السجود على الوجه، ولبس الثياب الغليظة، وتشمير الثياب كثيرًا، وتقصير الأكمام، وترك الثوب مخرقًا، غير نظيف، وارتداء الثياب المرقعة؛ ليصْرِفَ وجوه الناس إليه.

 

النوع الثالث:

الرياء في القول: وذلك بوعظ الناس وتذكيرهم، وحفظ الأخبار والآثار؛ من أجل المحاورة وإظهار غزارة العلم، والدلالة على شدة العناية بأحوال السلف الصالح، وتحريك الشفتين بذكر الله تعالى، وإظهار الغضب عند وجود المنكرات، وخفض الصوت وترقيقه بقراءة القرآن عند وجود الناس حوله؛ ليدل بذلك على شدة خوفه وحزنه ونحو ذلك.

 

النوع الرابع:

الرياء بالعمل: مثل المصلي بطول القيام، وتطويل الركوع والسجود، وإظهار الخشوع، وكذلك بالصوم والحج والصدقة ونحو ذلك.

 

النوع الخامس:

الْمُراءاة بالأصحاب والزائرين: كمن يطلب من أحد العلماء أن يزوره ليُقال: إن فلانًا قد زار فلانًا، وأن أهل الدين يترددون إليه، وكذلك من يرائي بكثرة الشيوخ، ليُقال: لقِيَ شيوخًا كثيرة واستفاد منهم، فيباهي بذلك.

 

هذه الأنواع الخمسة تجمع كل ما يُرائي به المراؤون، فهم يطلبون بذلك رفع منزلتهم في قلوب الناس؛ (إحياء علوم الدين للغزالي، ج: 3، ص: 297 – 299).

 

حكم الأعمال الصالحة مع الرياء:

الأعمال الصالحة مع الرياء لها أحكام؛ هي:

القسم الأول: عمل فيه رياء خالص:

إن العمل تارة يكون رياءً خالصًا، بحيث لا يُراد به سوى مراءاة المخلوقين لغرض دنيوي؛ كحال المنافقين في صلاتهم، وهذا الرياء الخالص لا يكاد يصدر من مسلم في فرض الصلاة والصيام، ولكن يصدر منه في الصدقة الواجبة أو الحج، وغيرهما من الأعمال الظاهرة، أو التي يتعدى نفعُها، فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشُكُّ مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقتَ من الله والعقوبة.

 

القسم الثاني: وتارةً يكون العمل لله، ويشاركه الرياء.

فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وحبوط ثوابه؛ روى النسائي عن أبي أمامة الباهلي قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر، ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شيء له»، فأعادها ثلاث مرات، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شيء له، ثم قال: إ «ن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابتُغِيَ به وجهه»؛ (حديث حسن صحيح، صحيح سنن النسائي، ج: 2، ص: 383).

 

روى بن ماجه عن أبي سعد بن أبي فضالة الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ليوم لا ريب فيه، نادى منادٍ: من كان أشرك في عمل عمِله لله، فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك»؛ (حديث حسن، صحيح ابن ماجه للألباني، حديث: 3388).

 

القسم الثالث: عمل يخالطه غير الرياء:

إن العمل إذا خالطه شيء غير الرياء لم يبطل بالكلية، فإن خالط نية الجهاد مثلًا نية غير الرياء، مثل أخذ أجرة للخدمة، أو أخذ شيء من الغنيمة، أو التجارة، نقص بذلك أجر جهادهم، ولم يبطل بالكلية؛ (جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي، ج: 1، ص: 82، 80).

 

وسائل عــــلاج الـــريـــاء:

نستطيع أن نوجز وسائل علاج الرياء في الأمور التالية:

أولًا: أن يعلم الإنسان أن مدح الناس لا ينفعه، إن كان عند الله مذمومًا، وذمهم لا يضره إن كان عند الله محمودًا.

 

ثانيًا: أن يعلم الإنسان أن المخلوق الضعيف الذي يطلب مدحه لا يملك له ضرًّا ولا نفعًا، خاصة يوم يقوم الناس لرب العالمين.

 

ثالثًا: أن يعلم الإنسان أن الرياء يحبط الأعمال، وربما حولها إلى كفة السيئات، فيخسر خسرانًا مبينًا.

 

رابعًا: إن كان الإنسان يخشى اطلاع الناس على خبث باطنه في الدنيا، فالله مطلع على ذلك، وسيفضحه يوم القيامة.

 

خامسًا: إذا خطر للإنسان خاطر الرياء، فعليه أن يُدافِعَه للتخلص منه، ثم يوجه قلبه إلى الله تعالى وحده.

 

سادسًا: أن يعلم الإنسان أن الشيطان يدعوه أولًا إلى ترك العمل، فإن عجز عن ذلك، دعاه إلى الرياء فيه، فإذا وجد منه إخلاصًا، قال له: إن هذا العمل ليس خالصًا لله، وأنه مُراءٍ، وأن مجهوده هذا ضائع ولا فائدة منه؛ [الإحياء للغزالي، ج: 3، ص: 310 – 317].

 

أسأل الله تعالى بأسمـائه الـحسنى وصفاته العلى أن يـجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ويـجعله في ميزان حسناتي يوم القيامة؛ {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه وتعالى أن ينفع به طلاب العلم الكــرام.

 

وآخـر دعوانا أن الـحمد لله رب العالـمين. وصلى الله وسلم على نبينا مـحمد، وعلى آلــه، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.