حقيقة صلة الأرحام

إن الواصل لرحمه هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها،فقال النبي ﷺ: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا»

  • التصنيفات: محاسن الأخلاق -

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ.

 

فإن الواصل لرحمه هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها، روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» [1].

 

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ؟ ! فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ، مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» [2].

 

قال شراح الحديث: أي كأنما تُطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكلَ الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن إليهم، أما هم فينالهم إثم عظيم لتقصيرهم في حقه، وإدخالهم الأذى عليه.

 

قال الشاعر المقنع الكندي:

وَإِن ‌الَّذي ‌بَيني وَبَين بَني أَبــــــي   ***   وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفٌ جِــــــــــدَّا 

أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُــــمُ   ***   دَعَوني إِلى نَصرٍ أَتيتُهُمُ شَـــــــــــدَّا 

فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم   ***   وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدَا 

 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، ربنا توفَّنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.


[1] صحيح البخاري برقم (5991).

[2] صحيح مسلم برقم (2558).

___________________________________________________________
الكاتب: د. أمين بن عبدالله الشقاوي