{فأتبعوهم مشرقين}

اللهم كما أنجيتَ موسى ومن معه من المؤمنين في عاشوراء، فأَنْجِ أهل غزة من عدوِّهم، وكما أهلكت فرعون وجنوده، فأهلِك طاغية اليهود وجنده ومَن مدَّهم وأعانهم وأيَّدهم.

  • التصنيفات: التفسير -

 

{فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 60، 62].

 

عند الإشراق أشرَق نورُ النصر وفلق البحر، وكانت النجاة للمستضعفين، والهلاك للظالمين المتجبرين.

 

كل المعطيات تقول ألا نجاة..

كل المقاييس الأرضية تقرِّر أنها الهلكة والنهاية لموسى ومن معه...

حتى الثُّلة والصحبة المقربة تُعلن حتمية الهلاك...

 

لكن النبي الواثق بربه يستحضر معية ربِّه له في كل تفاصيل حياته منذ ولادته وإلقاء أمِّه له في اليم، ورعايته في بيت عدوِّه، ونجاته من القتل، وحفظه في صحراء هجرته بلا زاد ولا راحلة، وحفظه من عدوه وتأييده، كل تلك المواقف ربما استحضرها كليمُ الله في تلك اللحظة الرهيبة الفارقة، فقال بيقين الواثق بربه: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62]، لم يقُل سينصرني؛ لأنه لا يعلم طريق النصر، ولكن قال سيهدين، سيهديني لطريق النصر وطريق النجاة، وما انتهى من تلك الكلمة في تلك اللحظة العصيبة؛ حتى جاءته الهداية لطريق النصر والنجاة والغلبة، {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 63 - 68].

 

لن يَهلِك الفراعنةُ، ولن تَحدُث النجاة إلا إذا بلغت الأمة مرحلةَ اليأس من كل قوة أرضية، وتعلقت بالله، واعتصمت بقوة الله وحده، وأيقنت بأن هداية طريق النصر والنجاة من عنده.

 

اللهم كما أنجيتَ موسى ومن معه من المؤمنين في عاشوراء، فأَنْجِ أهل غزة من عدوِّهم، وكما أهلكت فرعون وجنوده، فأهلِك طاغية اليهود وجنده ومَن مدَّهم وأعانهم وأيَّدهم.

_____________________________________________________
الكاتب: عبدالسلام بن محمد الرويحي