لا تغضب ولك الجنة

قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّني عَلَى عَمَلٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ. قَالَ: «لا تَغضَبْ وَلَكَ الجَنَّةُ»

  • التصنيفات: مساوئ الأخلاق -

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لِلإِنسَانِ صِفَاتٌ وَأَخلاقٌ يَتَحَلَّى بها وَبِهَا يُعرَفُ، بَينَ صِفَاتٍ وَأَخلاقٍ طَيِّبَةٍ مَقبُولَةٍ، وَأُخرَى سَيِّئَةٍ مَرذُولَةٍ، صِفَاتٍ تُحَبِّبُهُ إِلى الآخَرِينَ وَتُحَبِّبُهُم إِلَيهِ، وَأُخرَى تُنَفِّرُهُ مِنهُم وَتُنَفِّرُهُم مِنهُ، وَأَخلاقٍ تَرفَعُهُ وَتَنفَعُهُ، وَأُخرَى تَخفِضُهُ وَتَجعَلُ القُلُوبَ تَلفِظُهُ، غَيرَ أَنَّ تِلكَ الصِّفَاتِ وَالأَخلاقَ، تَختَلِفُ في قُوَّةِ أَثَرِهَا وَمَدَى تَأثِيرِهَا، وَفي حُسنِ عَاقِبَةِ التَّحَلِّي بِهَا أَو سُوئِهَا.

وَإِذَا كَانَ لِلأَخلاقِ الحَسَنَةِ أُصُولٌ كَالصَّبرِ وَالعِفَّةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالعَدلِ وَالإِحسَانِ وَالعَطَاءِ، فَإِنَّ لِلأَخلاقِ السَّيِّئَةِ أُصُولاً كَالجَهلِ وَالطَّيشِ وَالظُّلمِ وَاتِّبَاعِ الشَّهوَةِ وَالبُخلِ.

 

أَلا وَإِنَّ مِن شَرِّ الأَخلاقِ وَأَسوَئِهَا، خُلُقًا سَبُعِيًّا حَيَوَانِيًّا شَيطَانِيًّا، رُبَّمَا أَفسَدَت لَحظَةٌ مِنَ الاتِّصَافِ بِهِ حَيَاةَ شَخصٍ أَو أَشخَاصٍ، وَأَوقَعَت في مُشكِلاتٍ وَخِلافَاتٍ، وَسبَّبَت نِزَاعًا بَينَ بَينَ أَفرَادٍ وَجَمَاعَاتٍ، إِنَّهُ الغَضَبُ، وَمَا أَدرَاكَ مَا الغَضبُ؟! في صَحِيحِ البُخَارِيِّ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَوصِني. قَالَ: «لا تَغضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا. قَالَ: «لا تَغضَبْ» (وَعِندَ الطَّبرَانيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).

عَن أَبي الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّني عَلَى عَمَلٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ. قَالَ: «لا تَغضَبْ وَلَكَ الجَنَّةُ» نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لا تَغضَبْ وَلَكَ الجَنَّةُ؛ لأَنَّهُ في لَحظَةِ غَضَبٍ يَقتُلُ المُسلِمُ أَخَاهُ مِن أَجلِ خِلافٍ يَسِيرٍ، فَيَبُوءُ بِإِثمِهِ وَيَقَعُ في ضِيقٍ شَدِيدٍ وَحَرَجٍ كَبِيرٍ، وَفي لَحظَةِ غَضَبٍ يُطَلِّقُ زَوجٌ زَوجَتَهُ بَعدَ طُولِ عِشرَةٍ وَحُسنِ عَهدٍ، فَتُهدَمُ أُسرَةٌ وَيَضِيعُ أَبنَاءٌ وَبَنَاتٌ، في لَحظَةِ غَضَبٍ يَختَلِفُ أَخَوَانِ أَو قَرِيبَانِ أَو صَدِيقَانِ أَو زَمِيلانِ، فَتَضعُفُ العِلاقَةُ بَينَهُمَا وَيَتَهَاجَرَانِ، وَقَد يَدُومُ خِلافُهُمَا سَنَوَاتٍ وَيَتَقَاطَعَانِ، ثمَّ لا يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ فَيَخسَرَانِ، وَفي لَحظَةِ غَضَبٍ يَلعَنُ المَرءُ وَيَسُبُّ وَيَشتُمُ، وَيَبهَتُ وَيَضرِبُ وَيَتَعَدَّى وَيَظلِمُ، وَيَقُولُ كَلامًا يَقَعُ مِن قُلُوبِ الآخَرِينَ كَوَقعِ السُّيُوفِ وَالسَّكَاكِينِ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لأَنَّ الغَضَبَ مِنَ الشَّيطَانِ، وَالشَّيطَانُ أَحرَصُ مَا يَكُونُ عَلَى إِفسَادِ دِينِ الإِنسَانِ وَإِذهَابِ عَقلِهِ وَإِيقَاعِهِ في المَعَاصِي وَالكَبَائِرِ، وَمِن أَجلِ ذَلِكَ، كَانَ مِمَّا يُشرَعُ لِلمُسلِمِ إِذَا أَحَسَّ بِغَضَبٍ أَو أَصَابَتهُ مِنهُ نَوبَةٌ، أَو أَرَادَ الشَّيطَانُ أَن يُحَرِّكَهُ بِهِ لِيُفسِدَ عَلَيهِ دِينَهُ وَدُنيَاهُ وَأُخرَاهُ، أَن يُبَادِرَ بِالاستِعَاذَةِ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ، وَأَن يَتَوَضَّأَ لِتَبرُدَ حَرَارَةُ الغَضَبِ، وَأَن يَقعُدَ إِن كَانَ قَائِمًا، أَو يَضطَجِعَ إِن كَانَ قَاعِدًا، أَو يَنسحِبَ وَيَخرُجَ مِنَ المَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، قَالَ تَعَالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36]

وَفي الصَّحِيحَينِ عَن سُلَيمَانَ بنِ صُرَدَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: استَبَّ رَجُلانِ عِندَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَنَحنُ عِندَهُ جُلُوسٌ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغضَبًا قَدِ احمَرَّ وَجهُهُ، فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لأَعلَمُ كَلِمَةً لَو قَالَهَا لَذَهَبَ عَنهُ مَا يَجِدُ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ» فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: أَلا تَسمَعُ مَا يَقُولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي لَستُ بِمَجنُونٍ.

وَفي قَولِ هَذَا الرَّجُلِ وَقَد أُمِرَ بِالاستِعَاذَةِ إِنِّي لَستُ بِمَجنُونٍ دَلِيلٌ عَلَى مَدَى تَمَكُّنِ الشَّيطَانِ مِنَ الغَضبَانِ، وَأَنَّهُ يُرِيدُ لَهُ أَن يَمضِيَ في جُنُونِ غَضبِهِ، وَهَكَذَا يَفعَلُ شَيَاطِينُ الإِنسِ أَيضًا مَعَ الغَضبَانِ، فَإِنَّهُم في الغَالِبِ لا يَردَعُونَهُ وَلا يَمنَعُونَهُ، بَل يُخَيِّلُونَ لَهُ أَن إِمسَاكَهُ نَفسَهُ عَنِ الغَضبِ وَخُرُوجَهُ مِنهُ نَوعٌ مِنَ الانهِزَامِ وَالفِرَارِ وَالضَّعفِ وَالجُبنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ انتِصَاٌر وَأَيُّ انتِصَارٍ، وَقُوَّةٌ وَأَيُّ قُوَّةٍ، فَفِي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «لَيسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَملِكُ نَفسَهُ عِندَ الغَضَب» وَالمَعنى أَنَّ الرَّجُلَ القَوِيَّ عَلَى الحَقِيقَةِ لَيسَ هُوَ الَّذِي يَملِكُ قُوَّةً بَدَنِيَّةً وَصَرَامَةً يَستَطِيعُ بِهَا أَن يَصرَعَ الآخَرِينَ وَيُسقِطَهُم وَيَطرَحَهُم، وَإِنَّمَا الرَّجُلُ القَوِيُّ حَقًّا هُوَ القَوِيُّ في إِرَادَتِهِ، الَّذِي يَستَطِيعُ أَن يَتَحَكَّمَ في نَفسِهِ وَيَغلِبَهَا عِندَ الغَضَبِ، وَيَكظِمَ غَيظَه وَيَتَحَلَّمَ، وَيَمتَنِعَ عَن إِيذَاءِ النَّاسِ بِالشَّتمِ وَالضَّربِ وَالعُدوَانِ وَغَيرِ ذَلِكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجَاهَدَةَ النَّفسِ أَشَدُّ مِن مُجَاهَدَةِ العَدُوِّ؛ لأَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلَّذِي يَملِكُ نَفسَهُ عِندَ الغَضَبِ مِنَ القُوَّةِ وَالشِّدَّةِ، مَا لَيسَ لِلَّذِي يَغلِبُ النَّاسَ وَيَصرَعُهُم.

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مِن أَعظَمِ الأَدِلَّةِ عَلَى قُوَّةِ الشَّخصِيَّةِ الحِلمَ وَضَبطَ النَّفسِ عِندَ الغَضبِ؛ لأَنَّ الغَضَبَ وَإِن كَانَ غَرِيزَةً نَفسِيَّةً جَبَّارَةً غَلاَّبَة، فَإِنَّهُ بِقُوَّةِ الإِيمَانِ وَرَزَانَةِ العَقلِ وَبُعدِ النَّظَرِ، يُمكِنُ مُقَاوَمَتُهُ وَلَو بَعدَ وُقُوعِهِ، وَالتَّخَفُّفُ مِن أَثَرِهِ وَلَو بَعدَ التَّلَبُّسِ بِهِ، إِمَّا بِتَغيِيرِ الحَالِ، وَإمَّا بِالسُّكُوتِ وَتَركِ المُخَاصَمَةِ وَالجِدَالِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُم وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجلِسْ، فَإِن ذَهَبَ عَنهُ الغَضَبُ وَإِلاَّ فَلْيَضطَجِعْ» (رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ). وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُم فَلْيَسكُتْ» (رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ).

 

هَذِه هِيَ حَالُ العُقَلاءِ المُؤمِنِينَ المُوقِنِينَ، العَارِفِينَ بِأَقدَارِ أَنفُسِهِم وَمِمَّن يَسمَعُونَ وَعَلَى أَيِّ كَلامٍ يَعتَمِدُونَ، فَالشَّجَاعَةُ عِندَهُم وَالقُوَّةُ، لَيسَت في الصَّرَامَةِ وَالفُتُوَّةِ كَمَا هِيَ نَظرَةُ أَهلِ الجَاهِلِيَّةِ، وَلا في الإِقدَامِ عَلَى إِهَانَةِ الآخَرِينَ وَقَمعِهِم عِندَ أَدنى غَضبَةٍ وَفي لَحظَةِ طَيشٍ وَحُمقٍ وَنَزَقٍ، وَلَكِنَّهَا فِيمَا وَجَّهَ إِلَيهِ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِن كَظمِ الغَيظِ وَقَهرِ النَّفسِ بِالحِلمِ، وَصَرعِهَا بِالأَنَاةِ وَالثَّبَاتِ، أَلا فَمَا أَجمَلَهُ بِالمُسلِمِ أَن يَتَجَنَّبَ الغَضَبَ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ، وَأَن يَحتَسِبَ وَيَصبِرَ ابتِغَاءَ مَا عِندَ اللهِ، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ في لَحظَةِ الغَضَبِ قَد يَشعُرُ بِلَذَّةٍ شَيطَانِيَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ، فَإِنَّ النَّدَمَ الَّذِي يَتبَعُ الغَضَبَ طَوِيلٌ جِدًّا، وَلَيسَ شَيءٌ أَغلَى مِنَ الجَنَّةِ، وَمِمَّا تُشتَرَى بِهِ الجَنَّةُ كَظمُ الغَيظِ وَالعَفوُ وَالصَّفحُ، وَعَدَمُ الاندِفَاعِ مَعَ النَّزَغَاتِ الشَّيطَانِيَّةِ، قَالَ سُبحَانَهُ {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133، 134] وَقَالَ تَعَالى: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 36، 37].

 

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن أَسوَأِ أَنوَاعِ الغَضَبِ، مَا يَكُونُ مِن أَحَدِنَا لا لأَنَّ شَخصًا أَغضَبَهُ بِعَينِهِ وَلا أَخطَأَ في حَقِّهِ، وَلَكِنَّهُ يَغضَبُ حَمِيَّةً لِقَومِهِ أَو عَشِيرَتِهِ، أَوِ انتِصَارًا لِقَرِيبٍ لَهُ وَلَو عَلَى البَاطِلِ، وَهَذَا مِن أَخلاقِ الجَاهِلِيَّةِ المَذمُومَةِ، قَالَ تَعَالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح: 26] فَانظُرْ كَيفَ ذَمَّ الكُفَّارَ بِمَا تَظَاهَرُوا بِهِ مِنَ الحَمِيَّةِ الصَّادِرَةِ عَنِ الغَضَبِ بِالبَاطِلِ، وَمَدَحَ المُؤمِنِينَ بِمَا أَنزَلَ عَلَيهِم مِنَ السَّكِينَةِ وَالطُّمَأنِينَةِ، النَّاشِئِةِ عَنِ التِزَامِهِم بِكَلِمَةِ التَّقوَى، الَّتي هُم أَهلُهَا وَأَحَقُّ بِهَا؛ لأَنَّهُم عَمِلُوا بِمُقتَضَاهَا، فَلَم يَغضَبُوا لِحَمِيَّةٍ جَاهِلِيَّةٍ، بَل تَوَاضَعُوا وَعَفَوا طَلَبًا لِمَا عِندَ اللهِ. فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ خَشيَتَكَ في الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الحَقِّ في الرِّضَا وَالغَضَبِ، وَالقَصدَ في الفَقرِ وَالغِنى، وَنَسأَلُكَ نَعِيمًا لا يَنفَدُ، وَقُرَّةَ عَينٍ لا تَنقَطِعُ، وَنَسأَلُكَ الرِّضَا بَعدَ القَضاءِ، وَبَردَ العَيشِ بَعدَ المَوتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلى وَجهِكَ وَالشَّوقَ إِلى لِقَائِكَ، مِن غَيرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلا فِتنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةٍ الإِيمَانِ وَاجعَلْنَا هُدَاةً مُهتَدِينَ...

_____________________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالله بن محمد البصري