والصلاة نور، والصدقة برهان

مما يعين العبد كذلك على الثبات: تقديم المحاب طلبًا لمحبة الله، فإذا سئل العبد يوم القيامة عن صدق محبته لله كانت أعماله وصدقاته براهين في إجابة هذا السؤال.

  • التصنيفات: تزكية النفس -

عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «الطُّهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو؛ فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها». (رواه مسلم).

 

الشرح الإجمالي للحديث:

الإيمان تخلٍّ وتحلٍّ، والطهارة هي التخلي عن الرذائل من الاعتقادات الأفعال والأقوال والأخلاق، فكانت نصف الإيمان، وطريق تحقيق الإيمان هو تحقيق توحيد الله وحسن عبادته، ومما يعين على تحقيق توحيد الله تعالى تنـزيهه سبحانه عن النقائص؛ وهو مقتضى قول العبد: (سبحان الله)، ووصف الله تعالى بالكمالات؛ وهو مقتضى قول العبد: (الحمد لله)، فيلفظها بلسانها مستحضرًا معناه بقلبه، ومما يعـين العبد على تحقيق الأعمال الصـالحة: الاستعـانة بالصلاة فهي نـورٌ يستضيء بها العبد: نور وهداية له في الدنيا والآخرة، ونورٌ يظهر على وجهه وقوله وفعله، والاستعانة بالصبر والثبات على الطاعة وترك المعصية وحسن الأدب مع الله عند وقوع البلاء، والصبر على ما فـيه من مشقة؛ لأجل ما فيه من الضياء الذي يهدي الله به العبد، قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45].

والاهتداء بالقرآن وأحكامه ومواعظه وقصصه فهو القوة الإيمانية التي يعتمد عليها العبد ويحتج بها على غيره، ومما يعين العبد كذلك على الثبات: تقديم المحاب طلبًا لمحبة الله، فإذا سئل العبد يوم القيامة عن صدق محبته لله كانت أعماله وصدقاته براهين في إجابة هذا السؤال.

 

الفوائد التربوية من الحديث:

1- أن الناس في هذه الحياة الدنيا على قسمين: الأول: من دان نفسه وعمل لما بعد الموت؛ فسعى في أسباب نجاتها وعتقها، والثاني: من توانى عن ذلك حتى أهلك نفسه وأوبقها في معاصي الله، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 37 - 41].

2- أن يعلم العبد أن الحرية الحقيقية هي الالتزام بطاعة الله تعالى، والهروب من رق الشيطان، قال ابن القيم رحمه الله:

هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان.

_______________________________________________________________

الكاتب: د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري