من العبادات القلبية: الإخلاص

ختم الإخلاص على العمل يجعله مقبولاً عند الله سبحانه وتعالى، ولا يقبل الله عز وجل عملاً فيه شائبة الغش، أو الرياء أو التلاعب أو عدم الجدية وغيرها من العيوب.

  • التصنيفات: أعمال القلوب -

شارك في التأليف الأستاذ الدكتور فتحي محمد الزغبي

ختم الإخلاص على العمل يجعله مقبولاً عند الله سبحانه وتعالى، ولا يقبل الله عز وجل عملاً فيه شائبة الغش، أو الرياء أو التلاعب أو عدم الجدية وغيرها من العيوب.

 

روى مسلم بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»[1].

 

والشرك الخفي (الرياء) هو أن يعمل العمل لله تعالى ولكن يشوبه باعث آخر فمثلاً يصوم رمضان لله تعالى وفي الوقت نفسه لينتفع بالحمية الحاصلة بالصوم، ويحج لله تعالى ويرغب من خلال ذلك السياحة والفسحة، أو يصلي بالليل وله غرض في دفع النعاس عن نفسه ليقوم بحراسة أمر ما وهو (أي الرياء) أدق من سير النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء.

 

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة نزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأول من يدعو به رجل جمع القرآن، ورجل يقتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به أثناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل، ويؤتى بصاحب المال فيقول الله: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى، قال: فماذا عملت فيما أتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله: كذبت وتقول الملائكة: كذبت، فيقول الله: بل أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذاك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له: فيم قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله: كذبت وتقول الملائكة: كذبت ويقول الله عز وجل له: بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذلك» ، ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال: «يا أبا هريرةَ! أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة»[2].

 

إن الأمر جد لا هزل فيه، ويتطلب مراقبة القلب عند القيام بأي عمل، والتعرف على الدافع الذي دفع إلى هذا العمل، فإن كان الدافع للظهور أمام الناس، أو رغبة في الحصول على أمر دنيوي أو كان مبنياً على هوى تدفع إليه النفس، فليترك هذا العمل، أما إذا كان يتحرك للقيام به ابتغاء رضوان الله ورجاء ثوابه الأخروي فليقدم عليه.

 

وبالجملة كل حظ من حظوظ الدنيا تستريح إليه النفس ويميل إليه القلب إذا تطرق إلى العمل تكدر به صفوه، واختلطت الشوائب خلوصه. ومع الإخلاص لا بد من مطابقة الشريعة وهما الركنان الأساسيان في قبول أي عمل {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف: 110].

 


[1] صحيح مسلم، (2985)، باب التحريم الرياء، 4 /2289.

[2] صحيح ابن خزيمة (2482)، باب التغليظ في الصدقة مراءاة وسمعة، 4 /116، والمستدرك للحاكم (1527)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، 1 /579.