الوصية بـ (حسن الخلق)

قال رسول الله ﷺ: «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقًا»

  • التصنيفات: محاسن الأخلاق -

جاء في صحيح الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقًا»، وجاء في صحيح الجامع، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيء يُوضَع في الميزان أثقل من حُسنِ الخُلُق، وإن صاحب حسن الخلق لَيبلُغ به درجة صاحب الصوم والصلاة)).

 

وحسن الخلق: هو جِماعُ الخير وأعمال البر كلها، وهو معاملة الآخرين بالطريقة التي يحب الشخص أن يعاملوه بها، التي تكون بالطرق المباحة والمشروعة، وبالمعاشرة الحسنة، كطلاقة الوجه، ولِينِ الجانب، ومقابلة السيئة بالحسنة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ الله حيثما كنتَ، وأتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالِقِ الناس بخُلُقٍ حسن»؛ (صحيح الترغيب)؛ قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: "هو خلق فاضل عظيم، أساسه الصبر، والحِلم، والرغبة في مكارم الأخلاق، وآثاره العفو، والصفح عن المسيئين، وإيصال المنافع إلى الخلق أجمعين... وجمع الله سبحانه ذلك في آية واحدة؛ فقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]".

 

أيها الإخوة وأيتها الأخوات، حُسْنُ الخُلُقِ يكون مع الله سبحانه مثلما يكون مع الآخرين، فمع الله سبحانه يكون بتصديق ما جاء به في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والرضا بما قدَّر عليه من أقدار الدنيا، وأن يتلقاها بدون تضجر ولا حزن ولا أسًى؛ قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34، 35].

 

ولحسن الخُلُقِ فضائلُ وثمراتٌ؛ منها:

• أنه سبب من أسباب دخول الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في رَبَضِ الجنة لمن ترك الْمِراءَ وإن كان مُحِقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه»؛ (رواه أبو داود)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ((سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخِل الناس الجنةَ، فقال: «تقوى الله وحسن الخلق»، وسُئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: «الفم والفَرْجُ»؛ (رواه الترمذي).

 

• أن صاحبه مشهود له بالخيرية: جاء في الصحيحين عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: ((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا، ولا متفحِّشًا، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا)).

 

• أنه سبب في محبة الله سبحانه ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا»؛ (رواه الترمذي).

 

• أن صاحبه مشهود له بكمال الإيمان: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أكْمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم»؛ (رواه الترمذي).

 

• أنه أثقل شيء في الميزان يوم القيامة: قال صلى الله عليه وسلم: «ما من شيءٍ أثقل في الميزان من حسن الخلق»؛ (رواه أبو داود).

 

• أنه أفضل شيء يُعطاه العبد المسلم: عن أسامة بن شريك رضي الله عنه، قال: ((قالوا: يا رسول الله، ما أفضل ما أُعطِيَ المرء المسلم؟ قال: «حسن الخُلُق»؛ (رواه أحمد).

 

• أنه من أسباب رفع الدرجات: قال صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن يدرك بحسن خُلُقه درجاتِ قائم الليل صائم النهار»؛ (رواه أبو داود).

 

• أن صاحبه يُبارَك له في الديار والأعمار: عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «إنه من أُعطِيَ حظُّه من الرفق، فقد أُعطِيَ حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار يعمُران الديار، ويزيدان في الأعمار»؛ (رواه أحمد).

 

وكما أن لحسن الخلق فضائلَ وثمراتٍ، فإن لسوء الخلق دركاتٍ وظلمات على صاحبها؛ جاء في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن الْمُفْلِسَ من أُمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنِيَت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم، فطُرحت عليه، ثم طُرِحَ في النار»، وجاء في صحيح الأدب المفرد أنه: ((قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن فلانةَ تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل، وتصدَّق، وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا خير فيها، هي من أهل النار»؛ (رواه البخاري).

 

أسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم بكل خير، وأن يُعيننا على اغتنام أوقاتنا وأعمارنا، وصحتنا وشبابنا، فيما ينفعنا، وأن يجعلنا من المتَّبعين لهَدْيِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.

__________________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش