من آداب الإسلام

محمد جميل زينو

النظافة - المعاملة مع الناس - الإنصات وقبول الحق - الاستسلام لأوامر الدين - العدل وقول الحق - حقوق الجار - آداب النصيحة - الوفاء بالوعد..."

  • التصنيفات: الآداب والأخلاق - أخلاق إسلامية -

اعلم يا أخي المسلم - هدانا الله وإياك - أن الإسلام جاء بآداب وأخلاق تكفل للمسلم والمجتمع السعادة في الدنيا والأخرة، ومن هذه الآداب:

 

1 - النظافة:

كن نظيفًا في بيتك، وعملك، وملبسك، وجسمك، ولاسيما عند ذهابك للمسجد لأداء الصلوات، وخاصة صلاة الجمعة، فاغتسل وتطيب والبس أحسن الثِّياب. ولا تذهب بثياب وسخة، أو ذوات رائحة كريهة، ولا تطأ بساط المسجد بجورب وسخ فيه رائحة الأقدام المؤذية، فذلك يؤذي المصلّين، حيث يضع أحدهم جبهته وأنفه على البساط، فيتأذى من الرائحة التي علقت بالبساط من رائحة الجورب، وقد ينفر من الصلاة وعليك باستعمال السواك، ولا سيما عند الوضوء والصلاة، فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم أمته عليه في أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «السواك مَطهرة لِلفَم، مَرضاة للرب». (صحيح رواه أحمد).

 

واحذر أكل الثوم أو البصل قبل ذهابك للمسجد والعمل، لئلا تؤذي المصلين والجلساء برائحته، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَن أكل ثومًا أو بصلًا، فلْيَعتزِلنا، وليْعتزِلْ مسجدَنا، وليقعُد في بيته»؛ (متفق عليه).

 

علمًا أن رائحة الدخان التي تفوح من بعض المصلّين أشد كرهًا من الثوم والبصل، وقد حرم العلماء التدخين لضرره على الجسم والمال والجيران، وهو من الخبائث التي حذر الله تعالى منها فقال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].

 

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ضَرر ولا ضِرار»؛ (صحيح رواه أحمد).

 

والدخان يضر الجسم، ويؤذي الجار، ويتلف المال، فاحذر شربه فهو من كبائر الذنوب.

 

2 - المعاملة مع الناس:

(أ) أحِب للناس ما تحب لنفسك مِن الخير فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه». (متفق عليه)

 

(ب) كن سمحًا في البيع والشراء فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «رَحِم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سَمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى». (رواه البخاري).

 

(ج) خالط الناس وانصحهم واصبر على أذاهم، حتى تكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل مِن المسلم الذي لا يخالطهم، ولا يصبر على أذاهم». (رواه الترمذي وإسناده صحيح).

 

3 - الإنصات وقبول الحق:

اقبل الحق مِن قائله، ولو كان صغيرًا أو خصمًا، واحذر رَدَّ الحق من الناس واحتقارهم، فقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا العمل فقال: «لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مِثقال ذَرةٍ مِن كِبر، قيل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حَسَنًا، ونعله حسَنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبر بطَر الحق، وغَمْطُ الناس». (رواه مسلم).

[بطَر الحق: رَدُّ الحق، غمطُ الناس: احتقارهم]..

 

4 - الاعتراف بالخطأ:

إذا أخطأت فاعترف بخطئك، واعتذر منه، فإن الاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل بني آدم خطاء، وخَيرُ الخطائين التوابون»؛ (رواه الترمذي وحسنه محقق جامع الأصول).

 

والتوابون: هم الذين يعترفون بأخطائهم، ويرجعون عنها، ويتوبون إلى الله.

 

5 - العدل وقول الحق:

(أ) كن عادلًا ولو بين أعدائك، ولا تحملك العداوة لقوم على ظلمهم، فالله تعالى يقول: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].

 

(ب) قل الحق ولو على نفسك، أو أقاربك، أو أصدقائك، فقد أمر الله تعالى بذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135].

 

6 - الاستسلام لأوامر الدين:

استسلم لأحكام الدين وأوامره، فإن الإسلام مشتق من الاستسلام، ولا تقس أحكام الدين برأيك وعقلك، فإن العقل له حدٌّ ينتهي إليه، وكثيرًا ما يخطئ العقل، ويعجز عن تفسير جميع أمور الدين، لذلك قال علي رضي الله عنه: (لو كان الدين بالرأي لكان المسح على أسفلِ الخفّ أولى مِن المسح على أعلاه). (رواه أبو داود. وصححه محقق جامع الأصول).

 

إن المسلم الحقيقي هو الذي ينفذ أوامر الشرع دون معرفة الأسباب التي خفيت عليه فهو كالجندي يطيع أمر قائده دون مناقشة، لأنه يعلم أن قائده أعلم منه؛ وعندما حرم الإسلام لحم الخنزير امتثل المسلمون للأمر، ولم يسألوا عن السبب وبعد مضي أربعة عشر قرنًا كشف الطب الحديث عن ضرره، وعرفنا أن الله لم يحرم شيئًا إلا لضرره.

 

7 - العدل في الوصية:

لا تحرم أحدًا من الورثة حقه، بل ارض بما فرض الله وقسم، ولا تتأثر بالهوى والحب والميل لأحد الورثة، فتخصه بشيء دون الباقين: عن النعمان بن بشير قال: (تصَدق عَليَّ أبي ببعضِ مالِه، فقالت أمي [ (عَمرة بنت رواحه) ].: لا أرضى حتى تُشهد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم لِيشهِدَه على صدقتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفعلتَ هذا بولدك كلهم» ؟ قال: لا، قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم». (متفق عليه).

 

وفي رواية قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا تُشهدني إذن، فإني لا أشهَد على جَور». (أخرجه مسلم والنسائي).

 

وكم أخطأ أشخاص كتبوا أموالهم لبعض ورثتهم، فأصبح الحقد والبغض والحسد بين الورثة، وذهبوا للمحاكم، وأضاعوا أموالهم للمحامين، بسبب هذا الخطأ.

 

8 - حقوق الجار:

احذر أذى الجار قولًا وفعلًا، فقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من أذاه فقال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن: الذي لا يأمَن جارُه بوائقه»؛ (رواه البخاري).

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن كَان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره»؛ (رواه البخاري). لا ترم الأوساخ في طريق الناس، ولا سيما أمام جيرانك كقشر الموز، أو البطيخ وغيرهما التي تؤذي المارة، وأعرف رجلًا كسرت رجله بسبب قشرة الموز، وبقي ستة أشهر في الفراش.

 

حاول أن تزيل الأذى عن طريق الناس ولا سيما الجيران لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «وتُميط الأذى عن الطريق صَدقة»؛ (متفق عليه).

 

إذا أصيب جارك بمصيبة فراع شعوره، وواسه في مصيبته، وساعده لتخفيف حزنه، ولا ترفع صوت المذياع عاليًا، ولا تسمح لأهلك وضيوفك برفع أصواتهم تأمينًا لراحة الجيران، ولا سيما إذا كان منهم المريض، والمتعب الذي يحتاج كل منهما إلى النوم والراحة.

 

9 - الوفاء بالوعد:

إذا وعدت إنسانًا ولو طفلًا فأوف بوعدك في وقته المحدد، ويتم البيع والشراء بمجرد الاتفاق والوعد، ولا حاجة للعربون، وهو دفع شيء من المال ضمانًا للوفاء بالبيع، فالمؤمن إذا قال صدق، وإذا وعد وفَّى، وكل من أخلف بوعده، فقد اتصف بصفة المنافقين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذبَ، وإذا وَعدَ أخلف، وإذا اؤتمِن خان»؛ (متفق عليه).

 

10 - آداب عيادة المريض:

لقد رغب الإسلام في عيادة المريض، ولا سيما إذا كان المريض قريبًا أو جارًا، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مَرضتُ فلم تَعدني، قال: يارب كيف أعودك وأنت رَب العالمين؟ قال: أما علمتَ أن عبدي فلانًا مَرض فلم تَعده، أما علمتَ أنك لو عُدته لوجَدتني عنده»؛ (رواه مسلم).

 

ومن آداب عيادة المريض:

(أ) أن تكون الزيارة قصيرة، حتى لا تزعج المريض، فربما كان في حاجة إلى راحة أو نوم أو قضاء حاجة إلا إذا كان يأنس بك.

 

(ب) أن لا تكثر الكلام عنده، وأن لا تطلب منه قصة مرضه.

 

(ج) أن تُدخل إلى قلب المريض الفرح والسرور، وتزيد في أمله بالشفاء.

 

(د) أن تقول للمريض: لا بأس عليك طهور، وأن تدعو له بالشفاء، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَن عاد مريضًا لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرات: أسال الله العظيمَ رَبَّ العرشِ العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله»؛ (صحيحه الحاكم ووافقه الذهبي).

 

11 - آداب النظر:

إذا رأيت امرأة سافرة، فغُضَّ بصرك عنها، فإن العين تزني، وزنا العينين النظر إلى ما حرم الله وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا عَلي لا تُتبع النظرةَ النظرة، فإن لكَ الأُولى، ولَيست لك الآخرة»؛ (رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني في صحيح الجامع).

 

واعلم أن هذه النظرة لن تفيدك إلا حسرة وندامة: فإذا كنت متزوجًا، ونظرت على امرأة أجمل من زوجتك، فإن نفسك تتغير مع زوجتك، ويصيبك الهم والنزاع مع زوجتك وقد كنت قبل النظر مسرورًا راضيًا بزوجتك.

 

وإذا كنت قبلُ أعزبًا، فإن نظرك إلى المرأة الأجنبية قد يحرك في نفسك الشهوة، وربما ساقك الشيطان إلى ارتكاب الفاحشة، لذلك أمر الله تعالى المؤمنين فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30].

 

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما تركتُ فِتنة بَعْدي أضَرَّ على الرجال مِن النِّساء»؛ (رواه مسلم).

 

12 - آداب النصيحة:

لقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى النصيحة فقال: «الدين النصيحة»: قيل لِمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله، ولِأَئِمة المسلمين وعامتهم»؛ (رواه مسلم).

 

ولكن النصيحة لها آداب يجب مراعاتها، نأخذها من المربي الكبير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:

(أ) فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُزرموه دعوه»، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله دعاه فقال له: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء مِن هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة وقراءة القرآن، قال: وأمرَ رجلًا مِن القوم فجاء بدلوٍ مِن ماء، فسَنَّه عليه».

 

[أي: صَبَّه عليه].. «لا تزرموه: لا تقطعوا بوله فتضروه».. (رواه مسلم).

 

(ب) روى مسلم عن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ عطسَ رجلٌ مِن القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أُماه ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكنني سكت، فلما صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما نهرَني ولا ضرَبني ولا شتمَني، ثم قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء مِن كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن»؛ (رواه مسلم).