علاقة الذكر بالإنجاز
وليكثر العبد من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" فإنه بها يحمل الأثقال، ويُكابد الأهوال، وينال رفيع الأحوال
- التصنيفات: الذكر والدعاء -
أذكر أني رأيتُ أحد الفضلاء من أهل العلمِ كثير البركة في وقته، ينجز في اليوم ما يضطلعُ به سواه في أيام.. أو حتى أسابيع! فسألته عن سرِّ ذلك ، فذكر لي أنه يردد كثيرا في ساعات الصباح الأولى: لا حول ولا قوة إلا بالله مستشعرا افتقاره وضعفه وحاجته .. ووجد لها مفعولا عجيبا!
ولشيخ الإسلام كلام شريف حول بركة (لا حول ولا قوة إلا بالله) على العبد، قال فيه:
(وليكثر العبد من قول [لا حول ولا قوة إلا بالله] فإنه بها يحمل الأثقال، ويُكابد الأهوال، وينال رفيع الأحوال)
وهناك من ذكر أنه وجد انتشار البركة في وقته بالقرآن، وكلما زاد من التلاوة وجد البركة تتضاعف في يومه وليلته!
كتب الشيخ الدكتور سعد بن مطر تغريدةً في حسابه بتويتر، قال فيها: سمعت الشيخ السيد نوح رحمه الله يقول ما معناه:
(كلما زاد حزبي من القرآن زادت البركة في وقتي، ولا زلت أزيد حتى كان حزبي في اليوم عشرة أجزاء!)
وذكر الحافظ ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة نحو هذه القصة، وقد قال عماد الدين المقدسي موصيا الضياء المقدسي:
(أكثر من قراءة القرآن ولا تتركه، فإنه يتيسر لك الذي تطلبه على قدر ما تقرأ، قال الضياء: فرأيت ذلك وجربته كثيرًا!)
وأود أن أنبه على أمرٍ مهم: إذا عزمت على امتثال هذه الوصايا الشريفة، فافعلها مستشعرا عظمة القرآن وعظمة المتكلم به تعالى وشدة حاجتك وافتقارك وعوزك لوصاياه وهداياته الخ الخ ،،
وهكذا إن عزمت على الذكر بـ "لاحول ولا قوة إلا بالله" وسواها، افعلها مستحضرا معناها طالبا من الله الحول والطول والقوة وانشراح الصدر وجمعية القلب وحفظ الجوارح مستعيذا من أن يكلك الله لنفسك وطاقتك طرفة عين الخ..،
فإن هذا المسلك يختلف عن من يفعل هذه الوصايا وأمثالها دون استشعار لمعناها ومقصودها وإنما باحث فقط عن الثمرة مستعجلٌ قطافَها !
فالعمل الصالح الواحد يفعله كثير من الناس، وهم يتفاوتون فيه وفي تحصيل ثمرته تفاوتا عظيما، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(فضل الأعمال وثوابها ليس لمجرد صورها الظاهرة، بل لحقائقها التي في القلوب، والناس يتفاضلون ذلك تفاضلا عظيماً)
وذكر ابن تيمية أن أبا حامد الغزالي بلغه أن من أخلص لله أربعين يوماً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
قال أبو حامد: (فأخلصت أربعين يوما فلم يتفجر شيء فذكرت ذلك لبعض العارفين، فقال لي: إنك إنما أخلصت للحكمة، لم تخلص لله) .
الكاتب: سليمان العبودي