الرابطة الشرعية لعلماء السودان تدعو لنصرة جهاد الشعب السوري

ملفات متنوعة

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -

بيان الواجب الشرعي في نصرة الثورة السورية

والبراءة من تصريحات الدابي

الحمد لله وليِّ الصابرين، ينصُر عباده المؤمنين ويملِي للظالمين المعتدين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين، وأصحابه الغرِّ الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

لقد مضى زهاء سنة كاملة على ثورة الشعب السوري ضد النظام البعثي الغاشم، ولا يزال الشعب يتشبث بشعار (مالنا غيرك يا الله)، ويلجُّ السفاح يعمه في طغيانه، ويسدِر في غوايته، فيقتل الرجال، ويسبي النساء، ويسحل الأطفال، ويشوه الأجساد، ويجوع الأحياء، ويحاصر المدن، ويقتحم البيوت، وينتهك الحرمات؛ ولما كان مقتضى ولاية المؤمنين أن يكون المؤمن مع إخوانه، ينصرهم، ويذب عنهم، يتألم لألمهم، ويفرح لفرحهم، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله» (رواه الستة إلا النسائي)، من أجل هذا كان حتماً واجباً على المسلمين جميعاً أن ينصروا إخوانهم في سوريا، وكان هذا هو الظنُ بالسودان شعباً وحكومةً، إذ كان الأحرى بحكومة السودان أن تكون أسرع من غيرها في تبني ثورة الشعب المكلوم، الذي يرزح تحت جلاديه أكثر من نصف قرن، وعوضاً عن ذلك وقفت موقفاً لا يعبر عن تطلع السودانيين في نصرة المظلومين، فبعثت الحكومة مندوباً لها ضمن فريق المراقبين، ليقوم بدور بائس في تحسين صورة نظام الأسد، الذي عرف جرائمه القاصي والداني، ليؤكد ذلك مسؤولية الحكومة في السودان عن تلك المواقف والتصريحات ،لقد كانت تصريحات الدابي منذ البداية مؤشرًا على نوع من التواطؤ مع النظام ، فكذبته الصور، والأفلام، وشهادات رفاقه في البعثة، وكانت فضيحته على رؤوس الأشهاد، حتى أصبح حديثَ المجالس في كل بيت وناد. وقد استنكر السودانيون كافة موقف الدابي ذلك وأصدرت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بيانها (مهزلة بعثة المراقبين في سوريا ..مشاركة في جرائم النظام) بتاريخ 17 /2 /1433هـ الموافق 11/1/2012م .

إن هذا العار الذي وصم به الدابي السودان في الوقوف مع الجلاد ضد الضحية، يحتم على الحكومة السودانية حتى تغير الصورة الشائهة ما يلي:

أولا: سحب الفريق الدابي من بعثة المراقبين، والتحقيق معه في تصريحاته التي تبين للناس كذبها، لأن كل مندوب يمثل في الحقيقة موقف حكومته.

ثانيا: بيان الموقف من جرائم نظام الأسد، وإعلان مساندة جهاد الشعب السوري ضد الطاغية، لأن الله أمر بالعدل مع القريب والبعيد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:135] وعند البخاري رحمه الله من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننصر المظلوم».

ثالثا: تقديم كافة المساعدات لشعب الشام الأبي، حتى تتكلل ثورته بالنجاح، وعسى أن يكون ذلك قريباً إن شاء الله.

رابعا: قطع كافة العلاقات مع النظام السوري، وعدم تأجيل ذلك إلى قرار الجامعة.

وإننا إذ نبرأ إلى الله تعالى من موقف الدابي، لنذكر الحكومة في السودان بأن التذبذب في مثل هذا الشأن من نصرة المستضعفين وإنصافهم من الظالمين، ليس من شيمة المسلمين الصادقين، وإنما ذلك حال من حذرنا الله تعالى منهم بقوله: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [النساء: 141]، وعلى الشعب السوداني أن ينصر إخوانه المستضعفين في بلاد الشام بكل الوسائل وأن يقوم كلٌ بواجبه الذي أناطه الله به، من الكتابة، والخطابة، وإيصال المساعدات، ولزوم الدعاء لهم ، وغير ذلك من أنواع النصرة، {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73] وفي الحديث عن عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يخذل امرأً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وتنتهك فيه حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته» (رواه أحمد وأبو داود بسند حسن).

وأما الجامعة العربية فيجب عليها ديناً وخلقاً،أن توقف التعامل مع نظام سوريا الذي يقتل شعبه صباح مساء ،ولا يكفي مجرد تعليق عمل بعثة المراقبين ، بل لا بد أن ترسل الدول العربية والإسلامية قواتها إلى سوريا لدعم الجيش الحر ،وتخليص الشعب الأسير.

ورسالتنا الأخيرة إلى إخواننا المكلومين في سوريا، أن اثبتوا فإنما النصر صبر ساعة، واعلموا أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110] هذا وإنما تتربصون بالباغين عليكم إحدى الحسنيين، إما نصر عزيز، أو شهادة في سبيل الله الحميد المجيد، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الشورى:36]، فبمعونة الله تعالى وتثبيته لكم، ستطوقون سائر المؤامرات التي تحاول إجهاض ثورتكم، وستهزمون الحلف الروسي الإيراني، ومن مضى في ركابهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. ويا لبشراكم بما وعد الله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص:6.5]. والله المسؤول أن ينصر إخواننا في سوريا، وأن يقطع دابر الظالمين، وأن يحق الحق بكلماته، إنه نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان

مجلة البيان