لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه

أبو الهيثم محمد درويش

«مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ يَنْعَمُ لا يَبْأَسُ، لا تَبْلَى ثِيابُهُ ولا يَفْنَى شَبابُهُ»

  • التصنيفات: الدار الآخرة -

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

أعد الله تعالى الجنة نزلاً لعباده الصالحين الطائعين، نعيم دائم أبداً سرمداً، حق على كل من يؤمن به أن يعمل عملاً دائباً في انتظار الحصول على الجائزة الكبرى.

هداية الصراط المستقيم والثبات عليه والوفاة عليه هي الطريق إلى نيل الجائزة.

لسلوك الصراط لابد من علم وسؤال دائب عن كل صغير وكبير في أمر الدين، ثم العمل بهذا العلم لأن علم بلا عمل نفاق, وعمل بلا علم ضلال، ثم دعوة على بصيرة لنشر دين الله، ثم صبر على أوامر الدين وصبر على الدعوة والمدعوين.

ولا خوف ولا حزن على من انقطع شبابه في الدنيا بموت أو شهادة طالما مات على الإيمان، فالشباب الدائم بدأ منذ أن انتقل من دار الفناء إلى جنة عرضها السماوات والأرض.

اللهم اهدنا سبلك وأدخلنا الجنة دار الأبرار، وتقبل شهداء المسلمين في كل بقعة من بقاع الأرض وأورثهم دار النعيم وتوفنا على الإيمان الكامل يا رب العالمين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ يَنْعَمُ لا يَبْأَسُ، لا تَبْلَى ثِيابُهُ ولا يَفْنَى شَبابُهُ»

[الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2836 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] التخريج : أخرجه مسلم (2836)]

جاء في شرح الحديث *

في هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ في الآخرةِ برَحمةِ اللهِ، يَعيشُ في نِعمةٍ دائمَةٍ ويَتجدَّدُ نَعيمُه، ولا يَرى فيها بُؤسًا أبدًا، والبأسُ والبؤسُ والبأساءُ بمعنًى واحدٍ، وهو شِدَّةُ الحالِ، فمَن دخَلَ الجنَّةَ لا يَأخُذُه البأسُ والشِّدَّةُ والجُوعُ والعطشُ، ولا يَفقَرُ ولا يَهتَمُّ؛ لأنَّ الجنَّةَ دارُ الثَّباتِ والقَرارِ والنَّعيمِ المُقيمِ.
ثُمَّ بَيَّن صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعضَ النَّعيمِ بقَولِه: «لا تَبلَى ثِيابُه»، وهَذا إِخبارٌ بأنَّ ثِيابَ أَهْلِ الجنَّةِ لا تَزالُ جَديدةً، لا يُؤَثِّرُ فيها اللُّبسُ كَثِيابِ الدُّنيا، ولا يَهْرَمُ مَن يَدخُلُها ولا يَشِيخُ ولا يَعجَزُ، بلْ يَظَلُّ شابًّا؛ لأنَّ أهلَ الجنَّةِ على سِنٍّ واحدَةٍ سِنِّ ثَلاثٍ وثَلاثينَ سَنةً، كما في التِّرمذيِّ ومُسنَدِ أحمَدَ، فهُم في نَعيمٍ دائمٍ، لا يَخافونَ المَوتَ، فهي جَنَّةُ الخُلدِ، ولا يَخافونَ الضَّعفَ والهَرَمَ، ولا السَّقَمَ ولا انقِطاعًا لِمَا هُم فيه مِنَ النَّعيمِ.
وفي هذا ما يُشوِّقُ النُّفوسَ إلى الجنَّةِ ويُرغِّبُها فيها، ويَشحَذُ الهِمَمَ للعَملِ لَها.

------------------------- 

*الموسوعة الحديثية (الدرر السنية)