الكفار يثابون في الدنيا بأعمالهم الخيرية

أبو الهيثم محمد درويش

والكفار يثابون بأعمالهم الخيرية في الدنيا (الشهرة وحسن الثناء ورفعة الدنيا)، أما الآخرة فلا انتفاع لهم بها.

  • التصنيفات: الطريق إلى الله -

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

من المسائل التي تشكل على الكثير من عامة المسلمين، أن يشاهد أو يستمع إلى أعمال خيرية كبيرة يقوم بها أحد الكفار، وهنا تدخل في قلبه شبهة : كيف يدخل هذا النار بعد ما قدم من عمل أو علم للإنسانية؟؟

والرد ببساطة وإزالة الشبهة من نفس ألفاظ السؤال والشبهة ذاتها، فهذا الكافر قدم أعمالاً جليلة للإنسانية (أي للدنيا).

والكفار يثابون بأعمالهم الخيرية في الدنيا (الشهرة وحسن الثناء ورفعة الدنيا)، أما الآخرة فلا انتفاع لهم بها، فهم لم يحققوا شرط الإسلام للانتفاع بالآخرة واعلم أن (الإسلام أعظم من الإنسانية).

قال القاضي عياض رحمه اللَّه تعالى: (وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يثابون عليها بنعيم، ولا تخفيف عذاب، لكن بعضهم أشد عذاباً من بعض، بحسب جرائمهم)

وقد دل الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم على أن ما عمله الكافرون من خير لا يثابون عليه في الآخرة ما داموا قد ماتوا على الكفر، قال تعالى:  {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } {الزمر:65}، وقال تعالى:  {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } {البقرة:217}، وقال تعالى:  {وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } {المائدة:5}.

والآيات في هذا المعنى كثيرة وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه؟ قال: لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.

فالإسلام شرط لقبول العمل الصالح والإثابة عليه في الدار الآخرة، قال تعالى:  {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ}  {التوبة:54}، كما أن الإسلام شرط لدخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة. متفق عليه عن أبي هريرة.

فأعمال الخير التي يقوم بها الكفار يجازون بها في الدنيا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة من الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة، ويعقبه رزقاً في الدنيا على طاعته. رواه مسلم عن أنس.