شرح( الدعاء حينمـا يقع ما لا يرضاه أو غلب على أمره )
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله عز وجل ولا تعجز وإن أصابك شيء
- التصنيفات: الذكر والدعاء -
الدُّعَاءُ حيْنَمَـا يَقَعُ مَا لا يَرْضَاهُ أوْ غُلِبَ عَلَى أمْرِهِ
«(قَدَرُ اللَّـهِ ومَا شَاءَ فَعَلَ)»
صحابي الحديث هو أبو هريرةرضى الله عنه.
والحديث بتمامه؛ هو قوله صلى الله عليه وسلم «(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله عز وجل ولا تعجز وإن أصابك شيء؛ فلا تقل: لو أني فعلت، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان)» .
قوله: (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) أي: المؤمن الذي له عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة، ويكون له كثرة الإقدام على العدو في الجهاد، وسرعة الخروج والذهاب في طلبه، وشدة العزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وشدة الرغبة في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، والنشاط في طلبها، والمحافظة عليها... ونحو ذلك.
قوله: (وفي كلٍّ خير) أي: في كلٍّ واحد من القوي والضعيف خير؛ لاشتراكهما في الإيمان.
قوله: (احرِص) أي: احرص على طاعة الله تعالى، والرغبة فيما عنده.
قوله: (واستعن بالله) أي: اطلب العون من الله تعالى.
قوله: (ولا تعجز) بكسر الجيم، وحكي فتحها؛ أي: لا تعجز [عن] الطاعات، ولا تكسل عنها، ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة؛ والمراد منه أن لا يترك النشاط.
قوله: (وإن أصابك شيء) أي: شيء مما تكرهه.
قوله: (ولكن قل: قدر الله) أي: هذا قَدَرُ الله، أو قَدَرُ الله هكذا.
قوله: (ما شاء فعل) أي: ما شاء الله أن يفعل فعل، فإن المشيئة له، والذي قدره كائن لا محالة، ولا ينفع قول العبد: لو كان كذا لكان كذا.
قوله: (فإن لو) تعليل لقوله: (لا تقل لو)؛ أي: التلفظ بكلمة (لو) (تفتح عمل الشيطان).
واعلم أن المراد بقوله: (فإن لو تفتح عمل الشيطان)؛ الإتيان بها في صيغة تكون فيها منازعة القدر على ما فاته من أمور الدنيا، ولم يكن المراد به كراهة التلفظ بكلمة(لو) في جميع الأحوال، وسائر الصور، ويبين هذا المعنى قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ " ؛ فأتت الآية على قسمين: ما يحمد منه وما يذم؛ وقوله: (ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت). وما أشبهه من كلامه غير داخل في هذا الباب؛ لأنه لم يرد به المنازعة في القدر، وكلمة (لو) في قوله تعالى: " لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا " من قبيل رد القدر، والمنازعة فيه، ولذلك ذمهم الله تعالى، وجعل ذلك حسرة في قلوبهم، فعرفنا أن التلفظ بكلمة (لو) إنما يكون مذموماً إذا كان مفضياً بالعبد إلى التكذيب بالقدر، وعدم الرضا بصنع الله تعالى.