عمود الدين طريق النصر والتمكين

إن من فضائل الصلاة أنها سبب للنصر والتمكين والفلاح في الدنيا والآخرة، يقول الله عز وجل:  {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}

  • التصنيفات: فقه الصلاة -

الصلاة طريق الفلاح والفوز والنجاح:

إن من فضائل الصلاة أنها سبب للنصر والتمكين والفلاح في الدنيا والآخرة، يقول الله عز وجل:  {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1– 2].

 

تأملوا كلمة: (أفلح)؛ أي: إن الصلاة سبب الفلاح والظفر والتمكين في الدنيا والفوز في الآخرة.

 

وقال الله أيضًا:  {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:14 – 15]، يا الله! ما أعظم هذا العُلى لمن زكَّى نفسه وطهَّر قلبه وصلَّى!

 

النصر والفوز والنجاة يستحقها من استعان بالصبر والصلاة، قال عز وجل:  {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:45].

 

لا يثبت أمام أي عدوٍّ متربص إلَّا مَنْ أكثر من ذكر الله، والصلاة كلها ذكر وتسبيح وتحميد وتكبير وقراءة للقرآن، قال سبحانه:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45].

 

ولعل في تشريع صلاة الخوف حالة الالتحام المسلَّح ما يشير إلى أثر الصلاة في استجلاب نصر الله تبارك وتعالى، يعني: المسلمون لا يستغنون عن الصلاة باعتبارها سببًا في الفلاح والنصر والتمكين ومعية الله، حتى في أثناء الكفاح المسلح مع الأعداء، تجب عليهم الصلاة بحسب استطاعتهم كما هو معروف في صلاة الخوف.

 

دعاء الصالحين وصلاتهم وافتقارهم سبب في انتصار الأمة ورفعتها، فعن سعد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم»؛ (رواه النسائي).

 

وفي البخاري يقول عليه الصلاة والسلام: «إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم»، ولم يذكر ((وإخلاصهم)) في رواية البخاري.

 

عباد الله، من أعز ما فرضه الله أعزه الله، قال رجل للحسن: أوصني، فقال: أعز أمر الله يعزك الله.

 

وقال تعالى:  {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]، ونصرة الله بإقامة شرائع دينه وخاصة الصلاة.

 

عباد الله، من كان مع الله كان الله معه، ينصره، يقف بجانبه، ومن كان الله معه فقد تولَّاه، قال عز وجل:  {وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ} [المائدة:12].

 

أمة لا تقيم الصلاة لا تستحق النصر، فعباد الله الذين سيعاقب الله بهم أعداءه، ويعذبهم بأيديهم، هم الذين يقيمون الصلاة ويستمدون منها زادًا ووقودًا في جهادهم، يقول تبارك وتعالى:  {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا} [الإسراء:5].

 

فالذين يهزمون أعداء الدين -وخاصة اليهود لعنهم الله- لا بد أن يكونوا متصفين بهذه الصفة:  {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا} [الإسراء:5]، انظر إلى الاختصاص:  {عِبَادًا لَنَا} ما صفتهم؟  {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [الإسراء:5]؛ يعني: يجمعون بين أمرين: بين إقامة العبودية وبين القوة المادية، البأس الشديد.

 

وبهذه العبودية يتعرف عليهم كل شيء، حتى الحَجَر في آخر الزمان سيتعرف على المسلم الذي يتصف بصفة العبودية، وأشرف العبودية الصلاة بلا شك، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، وحتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغَرْقد فإنه من شجر اليهود»؛ (رواه مسلم).

 

أهل الصلاة هم جيل التمكين، قال عز وجل:  {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:41]، فأول علامات المسلمين إذا مكنوا أن يقيموا الصلاة، وإقامة الصلاة ليست مجرد أن يصلوا في أنفسهم، فإنهم قطعًا من قبل كانوا مصلين، لكن إذا صارت لهم الدولة والسطوة والقوة والغلبة فأهم شيء عندهم أن يقيموا الصلاة في الناس، ويحاسبونهم على تضييع الصلاة، ويحرضونهم على ذلك، ويوظفون الموظفين لمراقبة الناس في شأن الصلاة، وتكون ولاية خاصة اسمها ولاية الصلاة، كما كان في الدولة الإسلامية مثل: وزارة المالية، ووزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، هناك أيضًا وزارة اسمها وزارة الصلاة، ولها هيئة وموظفون يتابعون الناس، يقولون لمن تخَلَّف عنها: لماذا تخلفت عن الصلاة؟ أأنت معذور أم لا؟ والذي يترك الصلاة يقولون له: لماذا تترك الصلاة؟ ويرفع به إلى القضاء الشرعي ويبلغ عنه كأي مجرم في المجتمع الإسلامي، فهذا معنى قوله:  {أَقَامُوا الصَّلاةَ}.

 

من ذلَّت جبهته لله رب العالمين، أكرمه الله برفع هامَتِهِ، وثَبَّته، ونصره على القوم الظالمين؛ فالسجود لله رب العالمين هو سلاح سحرة فرعون الذين آمنوا برب العالمين، تسلَّحوا به ليكرمهم الله بالثبات على الحق المبين؛ قال تعالى:  {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الشعراء: 46 – 48]، فوقفوا أمام تهديدات فرعون كالطَّوْدِ العظيم، وقالوا كما قال الله عنهم:  {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72].

________________________________________________
الكاتب: ياسر عبدالله محمد الحوري