هَمَسات .. في كلمات ... (34)

سالم محمد

سلسلة (هَمَسات .. في كلمات) في إطلالتها الـ (34) بفضل الله القدير الوهاب سبحانه:

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

سلسلة (هَمَسات .. في كلمات) في إطلالتها الـ (34) بفضل الله القدير الوهاب سبحانه:

ما بعث الله رسولا ولا نبيا إلا أيده بالآيات البينات التي تدل كل عاقل ومتجرد للحق على صدقه وأنه مرسل من الله حقًا وصدقًا وكان أعظمهم حظا في هذا الباب خاتمهم وأعظمهم وإمامهم وسيد الخلق أجمعين محمد بن عبدالله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، وأيده الله تعالى بمعجزات كثيرة أوصلها بعض العلماء إلى ألف، ولعل منها تفوقه صلى الله عليه وسلم وعظمته في كل باب من أبواب التميز العظمة، فمن اطلع على حياته باحثًا عن الحق ومتجردًا له، مستخدمًا العقل الذي وهبه الله، فإنه ولا بد أن تحاصره الدهشة ويسلم ويذعن أنه لا بد وأن يكون رسولًا مرسلًا ومؤيدًا من عند رب العالمين، فمع أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمِّيًّا لا يقرأ ولا يكتب ونشأ في بيئة بعيدة عن أسباب العلم الدنيوي والحضارة المادية، إلا أنه جمع العظمة من أطرافها، فهو عظيم في أخلاقه، عظيم في معاملاته مع أعداءه فضلًا عن أتباعه، عظيم في حربه وسلمه، عظيم في تعليمه وتوجيهه وتربيته، عظيم في شجاعته، عظيم في حربه وسلمه، في غناه وفقرة، عظيم في كل جانب من جوانب العظمة الموجودة عند البشر وغير ذلك كثير {﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾}  ( آل عمران: 164)

********

 « بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ»[1] هكذا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن أبرز مظاهر الغربة التي يعاني منها المسلمون اليوم هو الحيلولة بينهم وبين ما يشتهون من العيش في مجتمع يسود فيه النور الرباني والشريعة السمحة الهادية لمنزلة من الحكيم الخبير سبحانه،  فبلاد المسلمين -إلا ما رحم ربك- تئن تحت وطئة بدائل وضعية وضيعة أنتجتها عقول قذرة تم بها استبدال شرع الله العزيز الحكيم بضلالات بشرية ظالمة، وهذا الاستبدال بين قليل وكثير، فقد يكون تعطيل للحدود وربما يصل إلى نشر الرذيلة الفجة والكفر البواح والشرك الصريح في بلاد بها أكثرية مسلمة ولكن لا حول لهم ولا قوة، ولو أنك ذهبت  إلى كل مجتمع مسلم وسألت ألا تريدون تحكيم شرع الله في كل أمور حياتكم بما في ذلك الحدود لكان جوابهم بلى ..وألف بلى، ولكن شياطين الأنس والجن من كفرة ومنافقين قد حالوا بين المسلم والتمتع بالحكم في ظل شريعة الله العادلة والله والمستعان، والحقيقة أن أنفسهم تتوق، وأفئدتهم تهوى، وأرواحهم تتطلع إلى تحكيم ( {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ).

********

(يوشِكُ أنْ يقعُدَ الرجلُ مُتَّكِئًا على أَرِيكَتِهِ ، يُحَدَّثُ بحديثٍ مِنْ حديثي ، فيقولُ : بينَنَا وبينَكُمْ كتابُ اللهِ ، فما وجدْنا فيه مِنْ حلالٍ اسْتَحْلَلْناهُ ، وما وجدَنا فيه مِنْ حرامٍ حرَّمْناهُ ، ألَا وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ مثلَ ما حرَّمَ اللهُ) هذا الصنف الضال عن القرآن ينشط بين المسلمين عمومًا والشباب خصوصًا حيث يشككون المسلم في دينه ويحاولون قطع الصلة بينه وسنة نبيه وفهم السلف الصالح، (ومنكر السنة كافر مرتد)[2] فالتصدي لهم غاية في الأهمية، ومن فضل الله أن هؤلاء الضلال شبهاتهم تافهة يسهل إبطالها والعلماء يذكرون الكثير من الأمثلة المبطلة لمنهجهم نضرب هنا مثالين الأول قول الله تعالى  {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا} ... الآية} [البقرة:143] )فقد أمر الله المسلمين بالتوجه لقبلة قبل البيت الحرام وهذا الأمر غير موجود في القرآن، ومثال آخر هو قول الله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) فما هي الميتة وهل نأكل لحم الحيوان إلا ميّتا وماذا عن السمك وما معنى الذكاة والكثير من الأسئلة في كثير من الآيات التي تفحم النكرانيين، ومن أراد معرفة أحوالهم والرد على شبهاتهم بشكل مختصر فعليه بكتابين هما: منكرو السنة المذهب الضال عن القرآن، وأفي السنة شك، الأول لـ د.هيثم طلعت، والآخر لـ احمد يوسف السيد حفضهما الله.

********

الكتابة نعمة جليلة القدر من نِعَم المولى جل وعلا، ومن شكْرِها استعمالها فيما يرضي الله والذب عن دينه وسنة نبيه، فهي سلاح يُجاهد به في سبيل الله وإعلاء كلمته، ومن أراد أن يكون كاتبًا فعليه بخصلتين اثنتين: الأولى: الإكثار من القراءة لا سيما لمواد من الأدب العالي، والثانية: الكتابة اليومية ولو بدون نشر، وقد تبرز لبعضهم مشكلة وهي فيم يكتُب، والجواب سهل ويسير؛ فكل شيء تراه أو تسمعه أو تقرأه أو حتى خاطر يمر بقلبك يصلح للكتابة فيه، كما أن تلاوتك للقرآن بتدبر يثير فيك الكثير من المواضيع التي يمكنك الكتابة فيها، أيضا الأحاديث النبوية وغير ذلك كثير، المهم أن تبدأ وتستمر في القراءة المقرونة بالكتابة.

.********

ليس كل المسلمين يصلي المفروضة في جماعة بل الأغلب يصليها في البيت ومنهم من لا يعرف المسجد إلا يوم الجمعة وهناك من يزعم أنه مسلم ولا يصلي إطلاقا وهذا على خطر عظيم فقد جاء في الحديث  «العهدُ الذي بينَنا وبينَهم الصلاةُ، فمَن تركَها فقد كفرَ»   «بينَ الرجلِ وبينَ الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ» ، لكن حديثنا بالذي منَّ الله عليه بالحضور للصلاة في جماعة المسلمين، الحديث عن حالهم بعد الصلاة فهم أنواع أيضا: فمنهم من يخرج من المسجد إثر التسليم كأنما يهرب من سجن، ومنهم من يسبح وتتحرك شفتيه وأصابعه وقلبه في واد آخر، حتى إنك لو كلمته لاستمرت أصابعه في حركتها تلقائيا كأن التسبيح حركة الأصابع فقط، والذي ينبغي أن تتواطؤ حركة اللسان مع حضور القلب، والذكر باب عظيم من أبواب الخير لذا يحرص الشيطان على صرف المسلم عنه، فإن لم يستطع صرفه بالكلية صرف قلبه عن التفكر فيما يقول، والأمر يحتاج إلى مجاهدة كما أن الخشوع يحتاج مجاهدة أيضا، وغالبا من خشع في صلاته ففي الذكر بعد الصلاة يكون حاضر القلب متفكرا فيما يقول، وبهذا يحصل على الأثر العظيم للذكر في الدنيا قبل الآخرة.

 وصلى الله على المصطفى وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان.

[email protected]

 

[1] رواه مسلم

[2] موقع الإسلام سؤال وجواب رقم السؤال (9067)