الحذر من الغيبة والنميمة
الغِيبة والنميمة من كبائر الذنوب التي حذر الإسلام منها، وتستوجب من فاعلها التوبة والاستغفار، فالغِيبة هي ذِكْرُ الآخر بما يكره من العيوب.."
- التصنيفات: مساوئ الأخلاق -
الغِيبة والنميمة من كبائر الذنوب التي حذر الإسلام منها، وتستوجب من فاعلها التوبة والاستغفار، فالغِيبة هي ذِكْرُ الآخر بما يكره من العيوب؛ جاء في صحيح أبي داود: ((أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغِيبة، فقال: «ذِكْرُك أخاك بما يكره»، قيل: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه»، أما النميمة فهي نقل الحديث من شخص إلى آخر بهدف الإفساد والشر؛ قال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمَّام»؛ (رواه مسلم).
أيها الآباء، عُنيَ الإسلام بأدب الحديث، وحُسن المنطق، وحفظ اللسان من الحرام والآثام؛ استشعارًا لقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، وقال النووي رحمه الله عن الغِيبة: "سواء ذكرته بلفظك، أو في كتابك، أو رمزت، أو أشرت إليه بعينك، أو يدك أو رأسك، وضابطه: كل ما أفهمتَ به غيرك نقصانَ مسلمٍ، فهو غِيبة محرَّمة"؛ (من كتاب الأذكار).
يقول أحد الشباب: دائمًا تحصل بيني وبين صديقي مشاكل ولا أستطيع كظم غضبي بسبب المشاكل، فأبدا بإخبار الآخرين عن هذه المشاكل فأغتابه وأتكلم في عِرضه، أعلم أن هذا لا يجوز، حاولت التخلص من هذه العادة السيئة، لكن لم أستطع، أنا لا أقصد أذيَّته لكن للتنفيس عن غضبي، ساعدوني، كيف أتخلص من هذه العادة السيئة؟
وللتخلص من هذه العادة السلبية على النَّمَّام والمغتاب:
• أن يتذكر عِظَمَ الذنب الذي يقترفه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «تجد من شِرار الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه»؛ (متفق عليه).
• أن يتذكر مقدار الحسنات التي يخسرها بسبب الغِيبة والنميمة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتدرون من الْمُفْلِس» ؟ قالوا: يا رسول الله، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنِيَت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم، فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار»؛ (رواه مسلم).
• أن ينظر المغتاب والنمام إلى عيوب نفسه ويحاول إصلاحها، وأنه ليس كاملًا، فهل يرضى أن يغتابه الناس وأن ينتقصوا منه؟ عليه أن يعرف أن هذا الشعور يسبِّب الألم للآخرين.
• البحث عن الصحبة الصالحة ومجالسة أهل الخير؛ فهم يبتعدون عن الغِيبة، بل ينصحونه بتركها إن حاول التحدث بها.
• الحرص على قراءة سِيَرِ الصالحين، والتعلم من أخلاقهم، ومدارسة أقوالهم وأفعالهم حول الغِيبة والنميمة.
• معاقبة النفس ببعض السلوكيات الإيجابية إذا وقع في الغِيبة والنميمة؛ مثل: حرمان النفس من الذهاب للنادي، أو ترك الأجهزة الإلكترونية مدة يوم أو يومين، أو صيام يوم، وهكذا.
• تذكير أصحاب المجلس بخطورة النميمة على صاحبها وعلى الآخرين، والتحذير من عقوبتها في الدنيا والآخرة.
• أن يعلم أن الغِيبة والنميمة سبب في فساد المجتمع، وتدمير العلاقات الاجتماعية، وأنها تُسبِّب الحقد والكراهية بينهم.
• أن يبحث عن سبب الغِيبة والنميمة، ويحاول علاجه أو قطعه، فإن كان بسبب صاحب سوءٍ تَرَكَه، أو معلومة خاطئة تأكد منها.
• أن يتحلَّل من صاحبه إذا وقع في غِيبته أو نميمته، فإن خشِيَ فسادًا أعظمَ، دعا له بالهداية والصلاح، وذكره بخير أمام الآخرين، خاصة أمام من ذكره بسوء عندهم.
• استشارة المتخصصين في تغيير السلوك السلبي لطلب المساعدة.
أسأل الله العظيم أن يصلح أولادنا، وأن ينبتهم نباتًا حسنًا، وأن يُطهِّر قلوبهم من الشهوات والشبهات، وأن يحفظهم من كل شر وفتنة، وصلى الله على سيدنا محمد.
___________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش