لغة الحوار بين الزوجين

إيمان الخولي

ما أغلى عندنا من استقرارنا الأسري إذا كان قائمًا على التفاهم والحوار، الذي يعمل على تفريغ المشاعر المكبوتة من خلال التعبير لشريك الحياة عما يُزعجه منه، وتعزيز الثقة بالنفس...

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -

إن الإسلام أمرنا بالتعارف والتواصل؛ إذ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

 

فالانعزال عن الناس وقطع العلاقات ليس من الدين في شيء.

 

من منا يحب أن يعيش صامتًا طوال الوقت؟ الإنسان مخلوق اجتماعي، يألف ويُؤْلَف، يحب من يشاركه همومه وآماله، تؤثِّر فيه الكلمة؛ فكلمةٌ ترفعه إلى السماء، وكلمةٌ تُحبطه وتُشعره بالفشل، كلمةٌ تبني، وكلمةٌ تهدم.

 

وعلى المستوى الأسري:

نرى آباءً يُعاقبون أبناءهم بالصمت وعدم الكلام معهم؛ فالخصام والصمت يُؤلمنا لأننا بطبيعتنا عاطفيُّون، فإذا كانت لغة الحوار مهمة بين الناس بصفة عامة، فهي بالنسبة للزوجين أساس التفاهم والانسجام بينهما، ولكن كثيرًا ما نسمع شكوى غياب الحوار بين الزوجين؛ يدخل الزوج بيته مقطِّبًا جبينه، يتناول طعامه، ويجلس أمام شاشة التلفاز صامتًا لساعات، والزوجة منهمكة في أعمال المنزل وواجبات الأولاد، وفي نهاية اليوم تكون متعبةً مُجهدة... هكذا تمضي الأيام ويغيب الحوار من بيوتنا.

 

نتعامل مع حياتنا الزوجية على أنها مهمة ومسؤولية يجب أن ننجح فيها بغض النظر عن حالة الطرف الآخر: هل هو راضٍ أم أنه يُعاني ويحتاج إلى من يشاركه همومه، ويُفضي إليها، وتُفضي إليه؟ يعيش كلٌّ منهما في عالمه الداخلي. والغريب أنهما كانا في فترة الخطوبة لا يَسأمان من الحديث معًا، يُخبر كلٌّ منهما الآخر بالمواقف الحياتية اليومية التي مر بها خلال يومه. فما الذي حدث إذًا؟

 

لماذا يعيش كل طرف في عالمه الخاص ويحتفظ بأسراره لنفسه؟

 

قد يرجع انعدام الحوار إلى التربية الخاطئة منذ الصغر في الأسرة؛ فالأب أو الأم لم يُعطيا الفرصة الكافية ليُعبِّر الطفل عن رأيه، وإذا اندفع ليُعبِّر عن رأيه سَخِرا منه، فيكبر وتتكوَّن لديه شخصية مهزوزة تخشى أن تُعبِّر عن رأيها فيُلام عليه، فيُؤْثِر الصمت، أو أن الطرف الآخر في العلاقة الزوجية شخصية متسلطة تُلقي اللوم دائمًا على الطرف الآخر، وتُشعره بالذنب دائمًا، فتُؤْثِر الزوجة السلامة حتى لا تتضخِّم الأمور، أو قد يكون الشخص بطبيعته انطوائيًّا لا يحب الاندماج في المجتمع.

 

ماذا إذا غاب الحوار بين الزوجين؟

 

نجد كل طرف يُحدِّث نفسه أنه لم يُخطئ في حق الآخر، وأنه فعل ما عليه، فترى الزوج يُحدِّث نفسه أنه أدى واجباته كلها دون تقصير، وتحمَّل مشاق الحياة من أجل أن يوفر لأسرته متطلباتهم، فلماذا لا تُقدِّر الزوجة جهده وما يفعله من أجلهم؟

 

ويستمر الحوار الداخلي لديه، فتراه ينتقص من قدر ما تفعله، ويقول في نفسه: ماذا تفعل هي؟ تجلس أمام التلفاز أو تتحدث في الهاتف! وعلى الجانب الآخر، يدور حوار داخلي للزوجة: أنها تتحمل المسؤولية وحدها، تتعب في أعمال المنزل، ورعاية الأبناء، والاهتمام بدراستهم، تلوم نفسها كل يوم على استمرارها في هذه العلاقة، فقد ضاع عمرها وهي تُضحي دون مقابل!

 

هذا ما يحدث إذا غاب التواصل بين الزوجين، ويومًا بعد يوم تصبح قناعة كل طرف أن الآخر لا يستحق حبه، ويسيء تفسير المواقف، ثم تتحول هذه القناعات إلى سلوكيات في هيئة عبارات سلبية ومواقف عدائية، فتَرى الزوج أو الزوجة يثور لأتفه الأسباب، وكأنه بركان انفجر؛ وبناء عليه، يتخذ أحد الطرفين قرار الانفصال، فيتعجب الطرف الآخر من القرار، مع أنه لم يكن إلا نتيجة حوارات سلبية داخلية لم يُعبَّر عنها، ولم يُفرَّغ ما بداخل النفس أولًا بأول.

 

إن من أهمية الحوار أنه يُصحح الأفكار الخاطئة التي يأخذها طرف عن الطرف الآخر؛ ولذلك نجد وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث»، فلا ينبغي للمسلم أن يُسيء الظن بأخيه المسلم قبل أن يتبين ويسأله: لماذا فعل هذا؟ فما بالك بزوجين تحت سقف واحد، وتجمعهما عِشرة سنوات!

 

فيجب على كل طرف ألَّا يترك نفسه للوساوس والأفكار السلبية لتهدم حياته، ويتعلم كيف يُعبِّر عن مشاعره بطريقة سليمة، ولا يعتبر الرجل أن الأخذ برأي الزوجة انتقاصًا من رجولته؛ فبما أنه هو الذي يقود الحياة الزوجية، كيف يُسلِّم برأي زوجته؟ والحقيقة أن هذه الأفكار فرضها الإعلام من أفلام ومسلسلات، وليست من الدين؛ الذي بيَّن أن قِوامة الرجل تكليف إلهي، وليس تشريفًا، وهذا لا يتعارض مع أن تُبدي المرأة رأيها أو تعترض على شيء.

 

ففي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((كنا معشرَ قريش قومًا نغلب النساء، فلما قدِمنا المدينةَ وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم، فطفِق نساؤنا يتعلَّمن من نسائهم... فتغضبت يومًا على امرأتي، فإذا هي تراجعني، فأنكرتُ أن تراجعني، فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟! فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لَيُراجِعْنَه، وتَهْجُرُه إحداهن اليومَ إلى الليل، فانطلقتُ، فدخلتُ على حفصة (ابنته)، فقلت: أتُراجعين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟! فقالت: نعم، هكذا كان يفعل النبي مع زوجاته، وتفعل نساء الأنصار مع أزواجهن)).

 

وها هو يستشير أم سلمة في إحدى الغزوات، ويأتي بعض المستشرقين ليقولوا: إن الإسلام قلَّل من شأن المرأة، ولم يجعل لها رأيًا، وجعلها تعيش مغلوبةً على أمرها!

 

وهل يحتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشورة والأخذ برأي أحدٍ وهو أكمل الرجال، وسيد الخلق أجمعين؟ ولكنه يضع دعائم الزواج الناجح الذي يقوم على مشاركة الرأي والحوار.

 

إن من عظمة الرجل أن يُشرك زوجته أو أهل بيته معه فيما يُفكر، أما الرجل الذي لديه نقص فهو الذي يُمارس الديكتاتورية على أهل بيته، وهذا يكون نتيجة تربية خاطئة منذ الصغر والقدوات السيئة التي شاهدها في طفولته.

 

وأنت هل سألت نفسك يومًا: لماذا ينفر الطرف الآخر من الحوار معي؟ إما أنك ديكتاتور في البيت لا تسمح لأحدٍ أن يقول رأيه، أو أنك لا تُدرك نفسية الطرف الآخر وأبعادها، أو أنك تتكلم بلغة استفزازية أو فيها هجوم على الآخر، تحتاج إلى وقت طويل لتُصحح الصورة السابقة.

 

إن ما يقتل الحوار بين الطرفين أيضًا أن تجد من يُقاطعك في الحديث ليُخبرك أنه يعرف ما تقول.

 

ومن معوقات الحوار: الاستهزاء بالطرف الآخر، وإصدار تعليقات تحمِل التهكم والسخرية من فكرة الآخر، فهذا كله يُنقص من رصيدك عند الطرف الآخر، ويقتل المشاعر الطيبة بينكما.

 

ومن معوقات الحوار: التعميم في الكلام؛ مثل أن يقول: "أنت دائمًا تقول كذا"، أو "كل مرة تفعل هذا الأمر"، وهذا يقتل التواصل مع الآخر، ويَجعل الآخر يلجأ إلى إنهاء الحديث منذ البداية، فأنت في نظره سيئ طوال الوقت، فما جدوى الحديث والحوار إذًا؟!

 

كيف تُنمي الحوار؟

 

من الأيام الأولى للزواج، يجب أن تكون اللقاءات بين الزوجين مبنية على الحوار وتبادل الآراء، حتى يعرف كل منهما الآخر، ويكتشف ما يفكر فيه، ويبحثان عن مناطق التقاء واهتمامات مشتركة بينهما، كما يكتشف ما يُغضب الطرف الآخر حتى يتجنبه.

 

وهذا كله حتى لا يعيش الزوجان في جزيرتين منفصلتين لغياب التفاهم والحوار الإيجابي؛ فيأتي الحوار الناجح لينقل الزوجين من "الأنا" إلى "النحن"، فيكون هناك طموحات واهتمامات مشتركة، ويتبنَّى كل طرف هذه الطموحات، ويصبح الحلم واحدًا، فتُخلق نوع من التوأمة الروحية التي تجعل الشريكين لا يستغني أحدهما عن الآخر.

 

أسمع من يقول: "ولكننا مختلفان!" نعم، نحن مختلفان، ولكن الحوار الإيجابي يجعل أحد الشريكين يسعى لأن يرى الجانب الآخر من شريكه الذي قد يكون غفل عنه، فيتفهم كيف يُفكر شريك حياته.

 

من الأشياء التي تُنمي الحوار أيضًا هو اختيار الوقت المناسب، فلا يتحدث أحد الزوجين وهو تحت ضغط نفسي أو منهكٌ، فقد يصدر منه كلمات وتصرفات تُزعج الآخر، فيجب عليه الاعتذار وقت الضغط عن الحديث، ولا تضغط عليه أن يتحدث، وإلا تحول الحوار إلى مشاجرة.

 

إذا كنت لا تُجيد الحوار، فتدرَّب على ذلك مرةً بعد مرة، يبدأ الأمر بالحديث عن أمور يظنها البعض تافهة أو لا تستدعي الاهتمام، أو بالتحدث عن أحداث مجتمعية عامة، ثم تتدرج إلى ما هو أعمق من ذلك.

 

من الأمور أيضًا التي تساعد على نجاح الحوار: ألَّا يتحول إلى محاكمة وتذكير بالأخطاء الكثيرة السابقة، وكأنه يهدف من الحوار أن يخرج غالبًا لا مغلوبًا، فجلسات الحوار ليس الهدف منها أن يخسر طرف ويكسب آخر، وكأنهما يصارعان عدوًّا، وليس أهل بيته وشريكه في الحياة.

 

ومن المُعينات أيضًا:

• إظهار الاهتمام للطرف الآخر، وألَّا تنشغل عنه بأي شيء أثناء الحوار، ولا تُسفِّه من رأيه حتى وإن كان حديثه غير مقبول لديك.

 

• احترام الطرف الآخر، وعدم استفزازه أثناء الحوار أو السخرية منه، أو التقليل من شأن ما يتحدث عنه، فعلى كل طرف أن ينتبه إلى ما يُؤلم الطرف الآخر ويُثير غضبه حتى يتجنبه، وإن كان قد قاله بحسن نية.

 

• التركيز على المشاعر: ما تشعر به أنت الآن؛ مثل أن تقول: "أنا أشعر بكذا"، أو "أنا لا أريد كذا"، بدلًا من عبارات: "إنك دومًا..." أو "لا بد أن تفعل كذا"، ولا تتحدث عن الخطأ الذي قام به الطرف الثاني، قد يحتاج الأمر إلى كثير من التشجيع والصبر في البداية حتى يصبح عادة.

 

مثال:

"إني أشعر بالوحدة لأننا لا نقضي وقتًا كافيًا مع بعضنا."

 

قد يُخطئ البعض في التعبير عن المشاعر فيقول: "إني أشعر أنك لا تثق بي"، فهذه عبارات تحمل معنى النقد في داخلها، ركِّز على ما تشعر به، واطلب ما تريده بشكل مباشر.

 

مثال:

"أريد أن تفعل كذا"، "أريد أن تقول لي: إنك تُحبني، مثل أول أيام الزواج."

 

بدلًا من محاولة إخفاء المشاعر التي تخرج في أوقات أخرى بتصرفات غير مبررة، ولا يجد لها الطرف الآخر تفسيرًا، مجرد الاستياء بصمت لا يُحقق النتائج المطلوبة.

 

مقترح: اجعل لها يومًا تسمعها فيه، ولك يومًا تسمعك فيه، بدون لوم أو نقد.

 

قالت إحدى الزوجات: عندما استخدمتُ هذه الطريقة، اكتشفتُ زوجي من جديد؛ فهناك مشكلات كنتُ أتصوَّر أنني أعرف فيها موقف زوجي جيدًا، لكنها سمعت كلامًا لم يكن يخطر ببالها، وكأنها تتعرف عليه من جديد.

 

يتساءل أحد الزوجين: هل من المناسب أن نتذكر أحداثًا وقعت في الماضي، وأُذكِّر بها الطرف الآخر؟ نعم، الماضي مهم؛ لأن المشكلة قد تتفاقم ونحن لا ندري أن لها جذورًا من الماضي لم تُحل وقتها، أو أن أصل المشكلة يرجع إلى التربية منذ الطفولة، فيمكن الجلوس والتحدث عن الماضي لعله يشفي الألم النفسي الذي تركه بداخلنا.

 

والأَولَى في الحوار أن نُركز على الوقت الحاضر والمشكلة القائمة؛ لأن الحديث عن الماضي قد يزيد المشاكل، وكأنك تدور في دائرة مفرغة لا تخرج منها.

 

ولكي ينجح الحوار ويتنامى الحب بين الطرفين؛ لا بد أن يعرف كل منهما كيف يُقدم الدعم لشريك حياته.

 

الرجل يحتاج أن يشعر أنه محل ثقة من زوجته، ولا يحب أن يسمع النصائح والإرشادات، وهذا على عكس ما تفعله المرأة، فقد اعتادت على إلقاء اللوم عليه، ولا تدري أنها يمكن أن تساعده ليُخرج أفضل ما عنده عندما تقول له: "إن هذا التصرف لا يُرضيني"، وأنها غير مرتاحة له، دون أن تصدر حكمًا على شخصه بأنه مخطئ أو فاشل.

 

والأفضل أن تُشعره بالتقبُّل في البداية من دون الحاجة إلى التغيير، فإذا شعر بتقبلها له، نظر إلى بعض التصرفات التي لا تُحبها، وبادر إلى إصلاحها والتغيير من نفسه حتى يُرضيها، بدون سماع خُطب ومحاضراتٍ.

 

كما أن الرجل لا يحب أن تُعامله زوجته كالطفل الذي يحتاج إلى التوجيه طوال الوقت؛ فهو لا يطلب المساعدة إلا إذا استفرغ الوسع، وإلا شعر أنها إهانة له؛ فعلى سبيل المثال: إذا اشترى شيئًا من السوق ولم يُعجبها، فلا تلومه عليه، إنما تقدم له المساعدة في شكل تقبُّل الأمر في البداية، ثم تقول له: "هل يمكن في المرة القادمة أن نذهب معًا للتسوق؟" أو تقول: "المرة القادمة لا تشترِ كذا؛ لأني لا أُحبه"، وهكذا.

 

عندما يصمت الرجل، فكأنه يقول لزوجته: "أرجوكِ اتركيني قليلًا وسأعود إليكِ"، ولكن المرأة تفسره بأنه لا يُطيق الكلام معها ولا يحبها، وهذا يرجع إلى تنشئة المرأة منذ الصغر؛ فقد قابلَت حالة من الرفض لها من أب أو أم، فكبِرت وعندها حساسية لكل شيء يشير إلى الرفض.

 

يعتقد كثير من الأزواج أن المرأة عندما تبدأ بالحديث عن الصعوبات التي تواجهها ومشاعرها السلبية، أنها تُلقي باللوم عليه، ولكن هذا ليس صحيحًا، فعلى الزوجة أن تُطمئن الزوج ببعض الكلمات؛ مثل: "كم أنا سعيدة بالحديث معك"، أو: "شكرًا لك لأنك استمعت لي."

 

أو تُطمئنه أنه ليس السبب في المشكلة، ولكنها تريد أن تُفضفض إليه؛ فهذه العبارات لها الأثر الإيجابي في الحوار بينهما.

 

مثال للغة الحوار مع المرأة: تقول زوجة: "أنا تعبت اليوم من أعمال المنزل."

 

فيكون رد فعل الزوج الذي لا يفهم لغة المرأة: "كيف ذلك؟ وقد ساعدتُ في ترتيب كذا أو في عمل واجبات الأولاد".

 

أما رد فعل زوج يعرف ما تقصده زوجته: "ربنا يُعينكِ ويُقويكِ، فعلًا كان يومًا شاقًّا عليكِ"، هي لا تشتكي لتسمع نصائح، هي تُحب من يُهون عليها ويُقدِّر ما تفعله.

 

وعلى الزوج أن يتعلم كيف يستمع للزوجة من غير أن يغضب أو ينفعل، ليعلم أولًا أن الغضب يأتي من إساءة فهم ما تقصده المرأة، وعدم فهم طبيعة المرأة، حاول أن تتفهمها واستمع لها من دون تعليق؛ فقد لا تتفق معها فيما تقوله، ولكن هذا لا ينقص مما تشعر به زوجتك.

 

لا تحاول أن تعرض حلولًا لمشكلتها قبل أن تنتهي هي من عرض مشكلتها، واجعلها تشعر أنك تُقدِّر ما تقول وتدعمها فيه.

 

وإذا وجهت لك اللوم، امتنع عن الدفاع عن نفسك حتى تستمع لوجهة نظرها حتى النهاية.

 

ومن الإنصاف بين الطرفين عدم إغفال الجانب الإيجابي في شخصية الطرف الآخر، والحكم عليه بموضوعية؛ وهذا ما أوصانا به القرآن الكريم: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 237].

 

إذا لم تتمكن من فهم وجهة نظرها، فهذا لا يمنعك أن تكون مستمعًا جيدًا، فهذا يُحسن التواصل بينكما، ويحتاج إلى التدريب والممارسة.

وقد يكون أبسط كلمة يقولها الزوج لزوجته حين يعود من العمل: "كيف كان يومكِ؟" فتبدأ بالحديث، وإن كنت متعبًا، فتقول لها: "سوف أستمع لكِ، ولكن ليس الآن."

 

وفي النهاية، ما أغلى عندنا من استقرارنا الأسري إذا كان قائمًا على التفاهم والحوار، الذي يعمل على تفريغ المشاعر المكبوتة من خلال التعبير لشريك الحياة عما يُزعجه منه، وتعزيز الثقة بالنفس، ويُقوي شخصية كل فرد من أفراد الأسرة، كما يُصحح الفكرة الخاطئة التي يأخذها طرف عن الطرف الآخر حين يفهم وجهة نظره!

 

والذي بدوره في النهاية يجلب السعادة لنا، فكيف لا نسعى لتحسين علاقتنا بشريك الحياة، ونبذل الجهد في الوصول بالحياة الزوجية إلى وضع يجعل حياتي مع زوجي - أو زوجتي - جنة الله على الأرض، ونعمة تستحق الشكر؟