المسائل العقدية المتعلقة باسم الله الفتاح وآثار الإيمان به
الفَتَّاحُ يَدُلُّ على صِفَةِ الفتح، وهو مِن الصفاتِ الفعليةِ المتعلِّقةِ بمشيئتهِ جلَّ وعلا، قال سبحانهُ وبحمدِه: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}
- التصنيفات: الأسماء والصفات -
معنى اسم الله الفتاح في لغة العرب، قال ابن جرير: (أصلُ الفتحِ في كلامِ العربِ النصرُ والقضاءُ والحُكْمُ) انتهى، وقال شعيبٌ عليه السلام: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89]، قال ابنُ جريرٍ: (أي: احْكُمْ بينَنا وبينَهم) (انتهى).
وأمَّا معناه في الاصطلاح: قال الحَليميُّ: (الفَتَّاحُ: وهو الحاكمُ، أيْ يَفْتحُ ما انغلَقَ مِن عبادهِ، ويُميِّزُ الحقَّ مِن الباطل، ويُعلي الحقَّ ويُخزي الباطلَ) انتهى، و(قالَ الخَطَّابيُّ: ويكُونُ مَعنى الفَتَّاحُ أيضًا: الذي يَفْتَحُ أبوابَ الرِّزْقِ والرَّحْمَةِ لِعِبَادِهِ، ويَفْتَحُ الْمُنْغَلِقَ عليهِمْ مِن أُمُورِهِم وأسبابهِمْ، ويَفْتَحُ قُلُوبَهُم وعُيُونَ بَصَائِرِهِم لِيُبْصِرُوا الحَقَّ، ويكُونُ الفاتِحُ أيضًا بِمعنى النَّاصِرِ، كقولهِ سُبحانهُ: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: 19]، قالَ أهلُ التفسيرِ: مَعناهُ إنْ تَسْتَنْصِرُوا فقدْ جَاءَكُمُ النَّصْرُ) (انتهى).
وقال السعديُّ: («الفتَّاحُ» الذي يحكمُ بين عبادِه بأحكامِه الشرعيَّةِ، وأحكامِه القدريةِ، وأحكامِ الجزاءِ، الذي فَتَحَ بلُطْفِهِ بصائرَ الصادقِينَ، وفتحَ قلوبَهم لِمَعْرفتِه ومَحبتِه والإنابةِ إليه، وفتحَ لعبادِه أبوابَ الرحمةِ والأرزاقِ الْمُتنوعَةِ، وسَبَّبَ لَهُم الأسبابَ التي ينالُونَ بها خيرَ الدُّنيا والآخرةِ، {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2] (انتهى).
واسمُ اللهِ الفَتَّاح وَرَدَ إطلاقُه في القرآنِ الكريمِ في موضعٍ واحدٍ بصيغةِ الإفرادِ مُقترنًا باسمِ اللهِ العليمِ، قال تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26].
ووردَ بصيغة التفضيلِ ضِمن الأسماء الْمُضافة في موضعٍ واحدٍ، قال تعالى: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89].
ولم يَرِد في القرآنِ الكريمِ ولم يَثبُت في السُّنةِ أنَّ مِن أسماءِ اللهِ اسمُ الفاتح.
وينبغي لكَ أخي المسلم أن تُسمِّي أولادكَ بأسماءِ اللهِ تعبيدًا للهِ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إلى اللهِ: عبدُ اللهِ وعبدُ الرَّحْمَنِ» (رواه مسلمٌ)، وقالَ ابنُ حزمٍ: (واتفَقُوا على استحسانِ الأسماءِ الْمُضافةِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، كعبدِ الرَّحْمَنِ وما أشبهَ ذلكَ) ( انتهى).
ومما يجبُ الإيمانُ بهِ في توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ أنَّ كُلَّ اسْمٍ للهِ يَتضَمَّنُ صفةً مِن صفاتهِ جلَّ وعلا، فاسمُه سبحانه العزيزُ يَدُلُّ على صِفةِ العِزَّة، واسمُه العليمُ يَدلُّ على صفةِ العِلْمِ، واسمُه الفَتَّاحُ يَدُلُّ على صِفَةِ الفتح، وهو مِن الصفاتِ الفعليةِ المتعلِّقةِ بمشيئتهِ جلَّ وعلا، قال سبحانهُ وبحمدِه: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26]، فَرَبُّنا سبحانه فَتَحَ لعبادِه كُلَّ ما يحتاجونهُ مِن أبواب الخيرِ والرِّزقِ والرحمةِ في الدُّنيا والآخرةِ، فتحًا لا يُساويهِ ولا يُماثلُه أحدٌ مِن خلقهِ، فتحًا بحكمه القَدَريِّ والشرعيِّ، وهذا كلُّه مِن آثارِ هذه الصفةِ الجليلةِ للهِ عزَّ وجلَّ، قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله: (فأَسْمَاؤُهُ كُلُّها مُتَّفِقَةٌ في الدَّلالَةِ على نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ، ثُمَّ كُلُّ اسْمٍ يَدُلُّ على مَعْنىً مِنْ صِفَاتِهِ، ليسَ هو الْمَعنى الذي دَلَّ عليهِ الاسمُ الآخَرُ؛ فالعزِيزُ يَدُلُّ على نَفْسِهِ معَ عِزَّتِهِ، والخالِقُ يَدُلُّ على نَفْسِهِ معَ خَلْقِهِ، والرَّحِيمُ يَدُلُّ على نَفْسِهِ معَ رحْمَتِهِ، ونَفْسُهُ تَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ صِفَاتِهِ، فَصَارَ كُلُّ اسْمٍ يَدُلُّ على ذاتِهِ والصِّفَةِ الْمُخْتَصَّةِ بهِ) (انتهى).
عبدَ اللهِ: اعلم أن لفظة الفتح ورَدَت في القرآن في حقِّ اللهِ على أربعةِ أوجهٍ: (الوجه الأول: الفتح بمعنى القضاء، وذلك قوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1].. الوجه الثاني: الفتح يعني الإرسال، وذلك قولُه في سورةِ الملائكةِ -فاطر- {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} [فاطر: 2] يعني ما يُرسلُ اللهُ للناسِ مِن رزقٍ.. الوجه الثالث: الفتحُ بعينه الذي هو ضدُّ الإغلاقِ، وذلكَ قولُه في الزُّمَر: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: 73]، يعني الفتح بعينهِ.. الوجه الرابعُ: الفتحُ يعني النصر، وذلك كقوله في سورةِ المائدةِ: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} [المائدة: 52]، يعني بالنصرِ).
عبدَ اللهِ: ذكَرَ اللهُ أنَّ مفاتيحَ الخيرِ كلّها بيده سبحانه، قال جلَّ وعلا: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2]، ولا يُمكنُ لأحدٍ أنْ يجمع أو يَحْصُرَ فُتوحاتِ اللهِ، لأنَّ فتحَ الله لا يَعلمهُ إلا هو، ومن نماذج فتوحاتهِ: أولًا: فتحه بركاتِ السماءِ والأرضِ، {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 96]، ثانيًا: فتحه سبحانه لبعض عباده الخيرَ قبلَ موتهِ، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أَرَادَ اللهُ بعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ، قيلَ: وما اسْتَعْمَلَهُ؟ قالَ: يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ» (رواه الإمام أحمد وصحَّحه محققو المسند)، ثالثًا: فتحه سبحانه لعباده باب التوبة كل يوم، قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ بالْمَغْرِبِ بَابًا مَفْتُوحًا للتَّوْبَةِ مَسِيرَتُهُ سَبْعُونَ سَنَةً لا يُغْلَقُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» (رواه ابنُ خزيمة في صحيحه وحسَّنه الألباني)، رابعًا: فتحه لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم أنواع المحامد يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «فأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ ويُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وحُسْنِ الثَّناءِ عليهِ شَيئًا لَمْ يَفْتَحْهُ لأَحَدٍ قَبْلِي» (الحديث رواه مسلم)، خامسًا: فتحُه لأوليائهِ كفتحهِ لعليٍّ رضي الله عنه خيبر، قال صلى الله عليه وسلم: «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًَا رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ على يَدَيْهِ» (الحديث رواه البخاري)، سادسًا: فتحُ الاستدراجِ للعُصاة، بأن يَفتحَ اللهُ لهم أبواب النِّعَمِ وهُم في غيِّهم حتى يأخُذهُم على غِرَّةٍ وهم ساهُون، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا على مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ»، ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] (رواه الإمام أحمد وحسَّنه مُحقِّقو المسند).
وإذا أردتَ يا عبدَ اللهِ أن يفتح الله لكَ أبوابَ الخيرِ فابتعد عن المعاصي، قال صلى الله عليه وسلم: «ما قَالَ عَبْدٌ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ قَطُّ مُخْلِصًا، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، حَتَّى تُفْضِيَ إلى العَرْشِ، مَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ» (رواه الترمذي وحسَّنه)، وقال أبو حازمٍ: (إِذَا عَزَمَ الْعَبْدُ عَلَى تَرْكِ الآثَامِ أَتَتْهُ الْفُتُوحُ) (رواه ابنُ أبي الدُّنيا في الإخلاصِ والنيَّة)،
وعليكَ عبدَ اللهِ أن تتحرَّى المواطِنَ التي كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يدعو فيها بفتح أبواب الفضل والرحمة، ومنها: الدعاء عند الدخول والخروج من المسجد، (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وإذا خَرَجَ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» (رواه مسلم)، وقال أبو بكر بن خزيمة: (كنتُ إذا أردتُ أنْ أُصنِّفَ الشيءَ دخلتُ الصلاةَ مُستخيرًا حتى يُفتحَ لي فيها، ثمَّ أَبتدئُ التصنيف) (انتهى)، فتعبَّد يا عبدَ اللهِ بدُعاءِ اللهِ باسمِه الفتَّاح، قال ابنُ القيِّم: (وشَهِدْتُ شَيْخَ الإِسْلامِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ إذا غشيتهُ الْمَسَائِلُ وَاسْتَعْصَتْ عليهِ فَرَّ مِنها إلى الاسْتِغْفَارِ والتَّوْبَةِ والاسْتِعانةِ باللهِ، واللَّجَأِ إليهِ، واسْتِنْزَالِ الصَّوَابِ مِن عِنْدِهِ، والاسْتِفْتَاحِ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ، فَقَلَّمَا يَلْبَثُ الْمَدَدُ الإِلَهِيُّ أَنْ يَتَتَابَعَ عَلَيْهِ مَدًَّا، وتَزْدَلِفُ الْفُتُوحَاتُ الإِلَهِيَّةُ إلَيْهِ بأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، ولا رَيْبَ أَنَّ مَنْ وُفِّقَ لهَذا الافْتِقَارَ عِلْمًا وحَالًا، وَسَارَ قَلْبُهُ في مَيَادِينِهِ حَقِيقَةً وقَصْدًا، فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ التَّوْفِيقِ).
عبدَ اللهِ: إنَّ لإيمانكَ باسمِ اللهِ الفتَّاح مِن الآثارِ الإيمانية الشيء الكثير، فمنها: أولًا: يُورثُكَ اليقين بأن اللهَ هو الحاكمُ بين عبادِه في الدنيا والآخرة عدلًا وقسطًا، ثانيًا: يُورثُكَ التضرُّعَ والالتجاءَ إلى ربِّكَ بهذا الاسمِ العظيمِ بأن يَفتحَ لك أبواب الخيرِ في الدَّارينِ، ثالثًا: يُورثُكَ بأنَّ اللهَ هو الناصرُ لعبادِه المؤمنينَ، رابعًا: يُورثُكَ بأنَّ فتحَ اللهِ للعبادِ البرَّ منهم والفاجر، هو فتحٌ بحكمةٍ لا يعلَمُها إلا هو، خامسًا: يُورِثُكَ بأنَّ فتحَ اللهِ لعبادِه المؤمنين لا يكونُ إلاَّ بطاعتهِ واتباعِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، سادسًا: يُورِثُكَ بأنَّ الفتحَ منه تعالى لا يكونُ إلاَّ بفعلِكَ الأسبابَ كالإيمان بالله وتقواهُ ومَحبَّتِه ورسولِه ودُعائهِ وتَحرِّي أوقات الفتح الإلهي كالثلث الأخيرِ مِن الليلِ ثمَ بتوكُّلِكَ عليهِ جلَّ جلالُه، سابعًا: يُورِثُكَ الخوفَ إذا فُتحت لكَ أبوابُ الخيراتِ وأنتَ مُقيمٌ على معصيتهِ أن يكون ربُّك الفتاح يَستدرِجُكَ بذلكَ فإذا أَخَذَكَ لَم يُفلْتِكَ، {إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102]، ثامنًا: يُورثكَ اليقين بأن مفاتيح العلم والهدى والخير، ومفاتيح الغيب وما انغلق من الأمور، كلُّها بيدِ اللهِ وحده، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59]، تاسعًا: يُورثكَ اطمئنان نفسِك وارتياحِ قلبِكَ بأنَّ رِزْقَكَ لَن يَضيع وحقوقُك لن تُنسى لأنَّ اللهَ الفتَّاح سيفْتَحُ ويكشفُ الحقائق ولو بعد حينٍ، فمهما طال عليكَ ظلمٌ فسيفتَحُ الله بينك وبين خصمِكَ ولو بعد حينٍ، فله سُبْحَانَهُ الحكمة من تأخير فتحهِ لكَ ونصرِكَ على مَن ظَلَمَك، عاشرًا: يُورِثُك الإيمان باليوم الحقيقي للفتحِ الأكبر، وهو يومُ القيامة، {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} [السجدة: 29]، فإن الله سُبْحَانَهُ في ذلك اليوم يقضي ويفصلُ بين جميع العباد، وهو سُبْحَانَهُ لا يَحتاج إلى شُهودٍ ليفتح بين خلقه؛ لأنه لا تَخفى عليه خافية، وما كان غائبًا عمَّا حَدَث لَك مِن ظُلْمٍ في الدنيا، قال تبارك وتَعَالَى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 7]، {وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61]، {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26]، فلا تستعجل نصرَ الله فإن نصره قريب، إلى غير ذلك من الآثار.