خصائص شهر رمضان المبارك ومزاياه

عبد الله بن جار الله الجار الله

ينبغي أن تُسْتَغَلَّ أوقات رمضان بالأعمال الصالحة؛ من صلاة وصدقةٍ وقراءة قرآنٍ، وذكرٍ لله، ودعاء واستغفار، فهو مزرعة للعباد لتطهير قلوبهم من الفساد، ويجب أيضًا حِفظ الجوارح عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرَّم والسماع

  • التصنيفات: ملفات شهر رمضان -

1- صوم رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام ومبانيه؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة آية: 183]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام»؛ (متفق عليه).

 

وفي الحديث: «من أفطَر يومًا من رمضان من غير عذرٍ لم يَقضه صيام الدهر وإن صامه»؛  (رواه الترمذي وغيره)، والصيام من أعظم وسائل التقوى، ومن أعظم الأسباب لتكفير السيئات ومضاعفة الحسنات، ورفع الدرجات، وقد اختصَّه الله لنفسه من بين سائر الأعمال، فقال فيما رواه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم: «الصوم لي وأن أَجزي به، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوفُ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»؛ (متفق عليه).

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه»؛  (متفق عليه).

 

فلا بد لحصول المغفرة بصيام رمضان من هذين الشرطين، وهما:

(أ) الإيمان الصادق بهذه الفريضة.

(ب) احتساب الأجر عليها عند الله تعالى.

 

2- وفي رمضان أُنزل القرآن هدًى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان.

 

3- وفي رمضان تُسن صلاة التراويح، وهي قيام رمضان اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخلفائه الراشدين؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه»؛  (متفق عليه).

 

4- وفي رمضان ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، وهي ليلة تُفتح فيها أبوابُ السماء، ويُستجاب فيها الدعاء، ويُقدَّر فيها ما يكون في السنة من أقدار؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه»؛ (متفق عليه).

 

وهي في العشر الأواخر منه، وتُرجى في ليالي الوتر، فهي آكدُ من غيرها؛ فينبغي للمسلم الراجي رحمةَ ربِّه الخائف من عذابه - أن ينتهز الفرصة في تلك الليالي، فيجتهد في كل ليلة من ليالي العشر بالصلاة وقراءة القرآن، والذكر والدعاء والاستغفار، والتوبة النصوح، لعل الله أن يتقبَّل منه ويغفر له، ويرحمه ويستجيب دعاءه.

 

5- وفي رمضان كانت غزوة بدر الكبرى التي فرَّق الله في صبيحتها بين الحق والباطل، فانتصَر فيها الإسلام وأهله، وانهزَم الشِّرك وأهله.

 

6- وفي رمضان كان فتح مكة ونصْر الله رسوله؛ حيث دخل الناس في دين الله أفواجًا، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الشرك والوثنية الكائنة في مكة، فأصبحت دار إسلام.

 

7- وفي رمضان تُفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار، وتُغَلُّ فيه الشياطين.

 

وكم في رمضان من البركات والخيرات، فيجب أن نغتنمَ هذه الفرصة؛ لنتوب إلى الله توبة نصوحًا، ونعمل صالحًا عسى أن نكون من المقبولين الفائزين.

 

ويُلاحظ أن بعض الناس هداهم الله قد يصوم ولا يصلي، أو يصلي في رمضان فقط، فمثل هذا لا يُفيده صوم ولا حجٌّ ولا صدقة؛ لأن الصلاة عمودُ الإسلام الذي يقوم عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل، فقال: يا محمد، مَن أدرك رمضان فخرَج ولم يُغفَر له، فمات فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين»؛ (رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه) [1] .

 

فينبغي أن تُسْتَغَلَّ أوقات رمضان بالأعمال الصالحة؛ من صلاة وصدقةٍ وقراءة قرآنٍ، وذكرٍ لله، ودعاء واستغفار، فهو مزرعة للعباد لتطهير قلوبهم من الفساد، ويجب أيضًا حِفظ الجوارح عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرَّم والسماع، المحرم والأكل والشراب المحرم؛ ليزكوَ الصوم ويُقبَل، ويستحق الصائم المغفرة والعتقَ من النار.

 

وفي فضل رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وأوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتقٌ من النار»؛  (رواه ابن خزيمة في صحيحه).

 

وقال عليه الصلاة والسلام: «رأيت رجلًا من أمتي يلهث عطشًا فجاءه صيام شهر رمضان، فسقاه وأرواه»؛  (رواه الحكيم الترمذي والديلمي والطبراني في الكبير).

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفِّرات لِما بينهنَّ إذا اجتُنبت الكبائر»؛  (رواه مسلم).

 

فهذه الفروض تكفِّر الصغائر بشرط اجتناب الكبائر، والكبائر جمع كبيرة، وهي ما فيه حدٌّ في الدنيا أو وعيدٌ في الآخرة؛ مثل: الزنا والسرقة وشرب الخمر، وعقوق الوالدين وقطيعة الأرحام، والمعاملة بالربا وأخذ الرِّشوة، وشهادة الزور، والحكم بغير ما أنزل الله.

 

وفي الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضلُ الصدقة: صدقة في رمضان»، ولو لم يكن فيه من الفضائل إلا أنه كان وقتًا لفريضة من فرائض الإسلام، وظرفًا لنزول القرآن، وفيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، لكفى وبالله التوفيق [2].

 

 


[1] انظر (النصائح الدينية) ص 37 - 39.

[2] انظر كلمات مختارة ص 74 – 76.

_________________________________________________________