الليلة الحادي عشرة: (بر الوالدين)

فالوالدان لهما حقٌّ عليك في حياتهم وبعد مماتهم، ففي حياتهما الإحسان إليهما وتلبية رغباتهما، وبعد مماتهم الدعاء لهم والتصدُّق عنهما؛ قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا..}

  • التصنيفات: نصائح ومواعظ -

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فالوالدان لهما حقٌّ عليك في حياتهم وبعد مماتهم، ففي حياتهما الإحسان إليهما وتلبية رغباتهما، وبعد مماتهم الدعاء لهم والتصدُّق عنهما؛ قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].

 

هل عرَفنا حقَّ الوالدين؟ ولسان حال الأم في الكبر: يا بُني عندما ترتعش يدي، أو يسقط طعامي على صدري، أو لا أَقْوى على لباس ثيابي، فلا تتضجَّر مني، فقد كنت في سنوات طفولتك أعلِّمك ما لا أستطيع فعله اليوم. يا بُني، لا تَمَل مِن ضَعف ذاكرتي وبُطء كلماتي، إذا كرَّرت عليك الكلمات أو أعدتُ الذكريات، فكم كررتُ من أجلك الكلمات والحكايات؛ لأنها كانت تُفرحك.

 

يا بُني، إن لم أعُد أنيقة جميلة الرائحة، فلا تَلُمْني، وقد كنت أَحرِم نفسي لأجعلك أنيقًا جميل الرائحة.

 

يا بُني، كنتُ معك حين وُلدتَ، فكن معي حين أَموت، ارحَم ضعفي وخُذ بيدي، فغدًا تبحث عمن يأخذ بيدك.

 

ألستَ عما قريب ستتزوَّج، وربما الآن متزوِّج؟! ألا تخاف أن تُعاقَب في دنياك بعقوق البنين، وفي أخراك بالبُعد والسخط من رب العالمين...

 

برِّوا آباءكم تَبِرَّكم أبناؤُكم، وكونوا من أهل البر والإحسان، فإن الدنيا أسلاف وكما تَدين تُدان.

 

ومِن عِظَم حقِّ الأم، قد رُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَنِي، وَخَطَبَهَا غَيْرِي، فَأَحَبَّتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَغِرْتُ عَلَيْهَا فَقَتَلْتُهَا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: تُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْتَ، فَذَهَبْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: لِمَ سَأَلْتَهُ عَنْ حَيَاةِ أُمِّهِ؟ فَقَالَ:إِنِّي لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَةِ؛ رواه البخاري في الأدب المفرد؛ قال الألباني رحمه الله:صحيح.

 

وقد جاء في الحديث المتفق علية أن الأم له ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وكذلك حث الإسلام على برِّ الأب؛ فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ»؛ (رواه مسلم رحمه الله 1510).

 

والموفَّق من وفَّقه الله عز وجل لبر والديه والإحسان إليهما في هذه الدنيا قبل الممات.

 

اللهم اغفِر وارحَم والدَيْنا كما ربَّيانا صغارًا، وبالله التوفيق..

 

وصلِّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

_____________________________________________________
الكاتب: عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي