اهتم بموضع نظر الله إليك

أبو الهيثم محمد درويش

هو وديعة الله  عندك .. فإياك  أن  تفرط  به أو تهمله ..
هو  محل  نظر  الله  عز وجل .. وهو  أنفس وأشرف وأغلى  مضغة  يمتلكها  الإنسان ..

  • التصنيفات: أعمال القلوب -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

مما نعانيه في واقعنا الإسلامي بل في أرقى الأماكن وأطهرها وهي مساجدنا التي تضم نخبتنا ، - فالنخبة بلا شك هم أهل الصلاة - نعاني من مشكلة انفصام القلب عن الأعمال، فتجد بعض العابدين المصلين فيهم بعض الحسد وبعض الكبر،  بل وبعض الغل للمسلمين، وترى دعاة على المنابر يوصون أتباعهم بالافتراق والشقاق والمسارعة في إلقاء التهم والتشويه لأقرانهم من الدعاة أو مريديهم، بل تجد الخلافات الدائمة خاصة في أوساط كبار السن في المساجد تشعل الفتيل لأسباب لا ترقى، فهذا يريد إضاءة خافتة وذاك يريد إضاءة عالية , وهذا يريد تهوية أعلى وهذا يريدها أقل وآخر يعترض على إطالة الإمام دقيقة أو زيادته تسبيحة..إلخ

وإن كان هذا في المساجد فما في الأسواق وفي المدارس وفي المنتديات وعلى الفضائيات وغيرها، أكبر وأوسع.

المرض الظاهر في العامل المشترك في كل هذا : غياب سلامة القلوب.

نهتم بالظاهر ونهمل الباطن إلا من رحم الله.

قال سفيان بن عيينة رحمه الله: إذا وافقت السريرة العلانية فذلك العدل، وإذا كانت السريرة أفضل من العلانية، فذلك الفضل، وإذا كانت العلانية أفضل من السريرة فذلك الجور، وهذا الظلم.

انتباه :

القلب موضع نظر الرب سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: « إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم» [رواه مسلم]

وفي هذا الحديث علَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الناسَ لا تَتفاضَلُ بحُسْنِ المظاهِرِ أو كَثرةِ الأموالِ، وإنما تتفاضلُ بطَهارةِ القلوبِ، والخَشيةِ من اللهِ، والسَّعيِ في الأعمالِ الصالحةِ، كما في هذا الحَديثِ، حيثُ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ اللهَ تعالى لا يَنظُرُ إلى صُوَرِكم، وأموالِكم"، أي: إنَّ اللهَ سبحانه وتعالى لا يَنظُرُ إلى أجسامِ العبادِ؛ هلْ هي كَبيرةٌ أو صَغيرةٌ، أو صَحيحةٌ أو سَقيمةٌ، ولا يَنظُرُ إلى الصُّوَرِ؛ هل هي جميلةٌ أو ذَميمةٌ؛ ولا يَنظُرُ إلى الأموالِ كثيرةٍ أو قليلةٍ؛ فلا يُؤاخِذُ اللهُ عزَّ وجلَّ عبادَه، ولا يُحاسبُهم على هذه الأمورِ وتَفاوُتِهم فيها، "ولكنْ يَنظُرُ إلى قُلوبِكم"، أي: إلى ما فيها من التَّقْوى واليقينِ، والصدقِ والإخلاصِ، وقصدِ الرياءِ والسُّمعةِ، وسائرِ الأخلاقِ الحَسنةِ والقبيحةِ، "وأعمالِكم"، أي: وينظُرُ إلى أعمالِكم من حيثُ صلاحُها وفسادُها؛ فيثيبُ ويُجازي عليها؛ فلَيسَ بَيْنَ اللهِ وبَيْنَ خلْقِه صِلةٌ إلَّا بِالتَّقْوى؛ فمَنْ كان للهِ أتْقَى كان من اللهِ أقربَ، وكان عندَ اللهِ أكرمَ؛ إذَنْ فعلى المَرْءِ ألَّا يَفخرَ بِمالِه ولا بِجَمالِه ولا بِبدنِه ولا بِأولادِه ولا بِقُصورِه، ولا بِشيءٍ من هذه الدُّنْيا أبدًا، إنَّما إذا وفَّقه اللهُ لِلتَّقوى؛ فهذا من فَضلِ اللهِ عليه؛ فَلْيحمدِ اللهَ عليه، وإنْ خُذِلَ فلا يَلومَنَّ إلَّا نفْسَه. [الدرر السنية : الموسوعة الحديثية]

*   القلب  *

هو وديعة الله  عندك .. فإياك  أن  تفرط  به أو تهمله ..
هو  محل  نظر  الله  عز وجل .. وهو  أنفس وأشرف وأغلى  مضغة  يمتلكها  الإنسان ..
فهو  طريقك  إلى الله ..
لأن  السفر  إلى  الله ليس  سفراً بالأقدام وإنما  هو  سير  القلوب  إلى الله .. يقول الله  تعالى : { يوم  لا  ينفع  مال ولا بنون  إلا من  أتى الله  بقلب  سليم }

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره:

وقوله :  {يوم لا ينفع مال ولا بنون}  أي : لا يقي المرء من عذاب الله ماله ، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا :  { ولا بنون}  ولو افتدى بمن في الأرض جميعا ، ولا ينفع يومئذ إلا الإيمان بالله ، وإخلاص الدين له ، والتبري من الشرك; ولهذا قال :  { إلا من أتى الله بقلب سليم} أي : سالم من الدنس والشرك .
قال محمد بن سيرين : القلب السليم أن يعلم أن الله حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور .

بصلاح القلب تنصلح جميع الأحوال بإذن الله:

جاء في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «" ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"» .


اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك