لماذا حرق المصاحف الآن في أفغانستان؟

في الوقت الذي تتجه فيه أفغانستان لمرحلة من الاستقرار نوعا ما من خلال قرب انتهاء الاحتلال الأمريكي ودخول الحكومة الأفغانية في مفاوضات مع حركة طالبان ، يأتي جنود الاحتلال كعادتهم بفعل بغيض أثار غضب وسخط الشعب الأفغاني وهدد بحالة من القلق والتوتر في البلاد بأكملها..

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


في الوقت الذي تتجه فيه أفغانستان لمرحلة من الاستقرار نوعا ما من خلال قرب انتهاء الاحتلال الأمريكي ودخول الحكومة الأفغانية في مفاوضات مع حركة طالبان ، يأتي جنود الاحتلال كعادتهم بفعل بغيض أثار غضب وسخط الشعب الأفغاني وهدد بحالة من القلق والتوتر في البلاد بأكملها وهي التي كانت في طريقها نحو الاستقرار واستتباب الأمن.


وعلى مدار اليومين الماضيين اشتعلت أفغانستان بالتظاهرات الغاضبة في العاصمة كابول للتنديد بحرق المصحف الشريف في قاعدة باجرام الأمريكية، وقد سقط عدد من الأفغان قتلى بيد الشرطة الأفغانية التي أطلقت الأعيرة النارية لتفريق المتظاهرين، فيما أطلقت مروحيات أمريكية قذائف ضوئية لتفريق الغاضبين الذين احتشدوا خارج القاعدة وردوا أيضا بدورهم بالرصاص المطاطي. ومنعت السفارة الأمريكية في كابول موظفيها من مغادرة المبنى وسط اتساع نطاق الاحتجاجات.


وكان أكثر من ألفي أفغاني احتشدوا خارج بوابات قاعدة باجرام الجوية -وهي المركز الرئيسي لقوات الناتو التي تقودها الولايات المتحدة وتقع إلى الشمال مباشرة من كابول- بعدما عثر عمال أفغان على بقايا متفحمة لنسخ من القرآن بينما كانوا يجمعون القمامة من القاعدة.


وقدم البيت الأبيض ووزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا اعتذارا عن الواقعة وزعم بعض المسؤولين أن المصاحف التي أحرقت تم سحبها لأن المعتقلين كانوا يستخدمونها للتواصل في ما بينهم (عن طريق رسائل داخلها)!، فيما قال الجنرال جون ألين قائد قوات الناتو "إن جنود قوة المعاونة الامنية الدولية تخلصوا من عدد كبير من المواد الاسلامية والتي تشمل القرآن بشكل "غير لائق" !.. وحين علمنا بهذه الأفعال تدخلنا فورا وأوقفناهم عن ذلك".
كما ندد الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بالعملية بينما استنكرت حركة طالبان ما قام به جنود الاحتلال، مشيرة على لسان متحدثها إلى أن هذه تقريبا المرة العاشرة التي يحطون فيها من أقدس قيم المسلمين منذ الغزو قبل 11 عاما.

ووصفت عدد من الصحف الأمريكية الحادث بأنه كارثة علاقات عامة بالنسبة لواشنطن، في الوقت الذي تحاول فيه تهدئة الأوضاع في البلاد قبل انسحاب قوات الناتو من أفغانستان عام 2014.

وتأتي تلك الواقعة في الوقت الذي يتوجه فيه الرئيس الأفغاني لإجراء مفاوضات مع طالبان من أجل إحلال الاستقرار في البلاد، خاصة بعد تأكيده أن حكومته تجري محادثات يومية مع الحركة عبر وسطاء، وبحسب محللين فإن توقيت وقوع هذا الحادث قد يكون مقصودا لإثارة التوتر وتقويض أي مفاوضات من قبل أن تبدأ من خلال إثارة غضب الشعب الأفغاني وحركة طالبان ودخول البلاد في دوامة من العنف والانتقام مرة أخرى، خاصة أنه في الفترة الأخيرة ومن خلال الصحف الأجنبية بدأت واشنطن تثير فزاعة سيطرة طالبان على أفغانستان بعد رحيل قواتها وتسليمها للقوات الأفغانية.


فهاهي الصحف البريطانية والأمريكية تنقل عن تقرير عسكري أمريكي وصفته بالسري قوله إن "طالبان بدعم من باكستان تقترب من استعادة السيطرة على أفغانستان بعد أن تنسحب قوات الناتو"، متهما جهاز المخابرات الباكستاني بمساعدة طالبان في شن هجمات على القوات الأجنبية الأمر الذي نفته إسلام أباد، كما اعتبر محلل أمني باكستاني التقرير بأنه يهدف فقط إلى إثارة القلق، مشيرا إلى أن قوات الأمن الأفغانية المدعومة من المجتمع الدولي ستقاوم سيطرة طالبان على السلطة.


وبالعودة لحادثة حرق المصاحف، الذي ليس مستبعدا أن يكون متعمدا في هذا التوقيت فقد توقعت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور أن يثير غضب الأفغان بشكل مماثل لما حدث في عام 2010 حينما هدد القس الأمريكي المتطرف تيري جونز بحرق نسخة من القرآن الكريم خارج كنيسته بولاية فلوريدا، وحين قام أتباع هذا القس بتنفيذ تهديداته بعد عام من ذلك قام عدد من المتظاهرين في ابريل عام 2011 باجتياح مخيم لجنود من قوات الامم المتحدة بمدينة "مزار شريف" شمالي أفغانستان وقاموا بقتل ما لا يقل عن 11 جنديا.


وبعد دعوة كرزاي الأربعاء لقيادة حركة طالبان للمشاركة فى محادثات سلمية مباشرة مع حكومته من أجل أمن واستقرار البلاد، هل تستجيب طالبان وتتغلب على محاولة حرقها من جانب واشنطن وتمضى في محادثات السلام من أجل النهوض بأفغانستان بعد ما يزيد من عقد كامل من الدماء والقتال؟ .. هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.


إيمان الشرقاوي - 29/3/1433 هـ