عودة الروح إلى الأمة

أجل.. بدأت معالم الحيوية تدب في أوصال أمتنا!! بعد وهن لم يكن خافياً على ذي عينين، والفضل في ذلك لله تعالى أولاً ثم للأبطال الميامين في الشام الذين بذلوا سيلاً من الدماء الزكية بلا كلل ولا ملل، فما وهنوا ولا ضعفوا ولا استكانوا حتى اضطروا العالم كله إلى الشعور بالخزي والعار من نفسه.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


أجل.. بدأت معالم الحيوية تدب في أوصال أمتنا!! بعد وهن لم يكن خافياً على ذي عينين، والفضل في ذلك لله تعالى أولاً ثم للأبطال الميامين في الشام الذين بذلوا سيلاً من الدماء الزكية بلا كلل ولا ملل، فما وهنوا ولا ضعفوا ولا استكانوا حتى اضطروا العالم كله إلى الشعور بالخزي والعار من نفسه.


ولسوف يخلد التاريخ لأهل الشام بطولتهم الاستثنائية هذه، والتي جعلتهم تعبيراً عملياً بهياً لما ورد في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم من تزكيات للشام وأهل الشام.
ولا ننسى تونس الحرة التي أطلقت الشرارة كما قلنا في كلمتنا السابقة، عندما ردت على مجازر الأسد في حمص بطرد سفيره منها، وحضَّت الأشقاء وسائر الأحرار على التأسي بخطوتها الرائدة.


لكن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بموقفها القوي والمتماسك هي الإيذان الفعلي ببدء تحرك حازم لوضع الأمور في نصابها، فسوف تلحق بها أكثر الدول العربية، وتتخلف عنها دول يحكمها طغاة، وأخرى تقودها قم بالواسطة فلا شأن لها في العير ولا في النفير، وهذا الموقف الشجاع أنهى رهانات الصفويين على اختلافات خليجية أطلت برأسها في فترة سابقة، إذ كانت دول أعضاء في مجلس التعاون قد تخلفت عن شقيقاتها التي سحبت سفراءها من دمشق وكانت مواقفها رمادية في اجتماعات جامعة الدول العربية، وهنا ينتهي زمن الابتزاز الصفوي النهاية الوخيمة التي يستحقها.


والدليل أن الموقف التركي تشجع بعد ساعات من القرار الخليجي ليؤكد أنه سيتحول جهداً عملياً منظماً، تحتشد فيه القوى الحية في أمة الإسلام لتدافع عن وجودها، وتبعاً لكل ما سلف فلن تتأخر التعبيرات الواقعية الملموسة عن المساندة المفروضة للشعب السوري الصبور؛ لكي يتحرر من الطاغوت ويحرر الأمة من ويلات الأخطبوط المجوسي الجديد بقصم عموده الفقري في سوريا التي تخيل من قبل أنه استلبها بالتآمر مع أداته الطائفية الحاقدة هناك.


وعلينا أن نشهد بالفضل لأهله، حتى لو كان ذلك الفضل واجباً على الذين نهضوا بمسؤوليته، فالموقف الخليجي مهما جاء متأخراً يظل هو العنصر الأكبر في إكراه المترددين العرب على حسم موقفهم والذهاب إلى مجلس الأمن بصرف النظر عن مآلات ذلك الذهاب.


فهناك تجلت حكمة الخليجيين وحنكتهم عبر مغامرة محسوبة بدهاء محمود في موضعه، إذ ارتضوا ظاهرياً مشروع قرار باهت في المجلس استناداً إلى معرفة دقيقة بأن الروس سوف يستخدمون حق النقض ضده في كل الأحوال، وبهذه المراهنة الحصيفة استقطب الموقف العربي بلداناً أعضاء في مجلس الأمن كانت مواقفها الأصلية تتراوح بين المعارضة الصريحة للمشروع العربي وبين الامتناع عن التصويت، فعزمت على تأييد المشروع من خلال تعرية الموقف الروسي المتعنت لتنتهي الصورة بإجماع أممي جعل موسكو وبكين معزولتين منبوذتين، تسعيان عبثاً إلى تبرير الخزي الذي اقترفتاه عن سابق عمد وتصميم، ليهوي بهما في مستنقع ازدراء أممي شامل.


غير أن حفاوتنا ببوادر الحراك الحيوي عربياً وإسلامياً، لا ينبغي لها أن تلهينا عن واجب الإلحاح على صانعي القرار في الدول الرئيسية المؤثرة لكي يسرعوا في خطواتهم لإنقاذ الشعب السوري العزيز من مخالب الوحوش الذين لا يرقبون فيه إلاً ولا ذمة، فالجزار الهمجي ضاعف من دمويته بعدما زودته موسكو وبكين البغيضتان بحماية آنية من ردع دولي مهما كان واهناً ومحدوداً.


وكما أكدنا في الكلمة السابقة، يجب على الشرفاء في أمة الإسلام أن يلقوا بكامل ثقلهم لمؤازرة الشعب السوري بكل ما يستطيعون سياسياً واقتصادياً وإنسانياً مع دعم الجيش السوري الحر، المؤهل لتهشيم العصابة المتسلطة على سوريا بالرغم من ترسانتها العسكرية الضخمة، فهو يحظى بتأييد السوريين الأحرار ويتمتع بمعنويات هائلة، بسبب عقيدته الدينية الكريمة وروحه الاستشهادية العالية وقناعته الراسخة بالحرب المشرّفة التي يخوضها، في حين يقاتل كلابُ السلطة طمعاً بالمال الحرام والمتع الوضيعة، أو بدافع الحقد الطائفي المقيت.