الفتن والاختبارات

السائر الى الله لابد أن يمتحن ويبتلى ويتعرض لشتى أنواع الفتن والاختبارات حتى يظهر الإيمان وينقى ويصفو..

من أعظم ما يحقر الدنيا ويزهدها في نفسه ويعينه على الثبات والصبر تذكر ما أعد الله لعباده الصالحين في الجنة من نعيم..

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة».

تأمل (غالية) تستحق البذل والكد والعمل والتعب والعطاء وإنما هي أيام قلائل ثم النعيم الخالد الدائم..

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصبر أصحابه -رضي الله عنهم- بها عند اشتداد الأذى عليهم «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة».
وكذا كان الأصحاب -عليهم رضوان الله- يصبرون أنفسهم عند حضور مواقف الصدق والإيمان..

قال عبدالله بن رواحة -رضي الله عنه- قبيل استشهاده:
أَقسَمتُ يا نَفسُ لَتَنزِلِنَّـــــــــه   **   لَتَنزِلِنَّه أَو لا لَتُكرَهِنَّـــــــه
إِن أَجلَبَ الناسُ وَشَدّوا الرَنَّة   **   ما لي أَراكِ تَكرَهينَ الجَنَّة!

وعلى هذا الاعتقاد والشوق لذاك النعيم سار العلماء والمجاهدون إلى زماننا هذا..

من أعظم مواعظ الحياة التي ما زال أثرها في نفسي لقاء مع امرأة كبيرة في السن قبل ٢٠ سنة -تقريبا- قتل زوجها وأبناؤها الثلاثة في سبيل نصرة الإسلام.. ودُمرت أسرتها في الله ولله..
قال لها مقدم اللقاء محسرا لها: لماذا كل هذا؟

فردت بثبات عجيب وصوت تكسوه الثقة والطمأنينة والرضى بجميل القضاء: يا ابني الإسلام غالي !

الإسلام غالي وكل ما يقدم له قليل في حقه وحق السلعة الغالية..

رحم الله تلك المرأة الصالحة حية كانت أو ميتة وزوجها وأولادها وكل من نصر الإسلام وضحى من أجله وقدمه ولم يقدم عليه..