قصة موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام
محمد بن علي بن جميل المطري
مجموعة من كل الروايات الصحيحة للقصة، جمعها الباحث صهيب بن عبد الجبار من كل روايات الصحيحين ومسند أحمد وسنن الترمذي في كتابه العظيم: ((الجامع الصحيح للسنن والمسانيد)).
- التصنيفات: الحديث وعلومه -
مجموعة من كل الروايات الصحيحة للقصة، جمعها الباحث صهيب بن عبد الجبار من كل روايات الصحيحين ومسند أحمد وسنن الترمذي في كتابه العظيم: ((الجامع الصحيح للسنن والمسانيد)).
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (قام موسى عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا, فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: أن عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال: يا رب فدلني عليه، فقيل له: احمل حوتا مالحا في مكتل، فإذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه حيث ينفخ فيه الروح، فانطلق بفتاه يوشع بن نون، وحملا حوتا في مكتل، وقال لفتاه: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قال: ما كلفت كثيرا , فذلك قوله جل ذكره: {{وإذ قال موسى لفتاه}} ، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما, فرقد موسى واضطرب الحوت فخرج فسقط في البحر, {{فاتخذ سبيله في البحر سربا}} , فأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فجعل لا يلتئم عليه حتى صار مثل الكوة - قال سفيان بن عيينة: قال لي عمرو بن دينار: هكذا, كأن أثره في حجر، وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما، فقال فتاه: لا أوقظه، فلما استيقظ موسى عليه السلام نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، فلما أصبح موسى قال لفتاه: {{آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}} ، ولم يجد موسى مسا من النصب حتى جاوز المكان الذي أُمر به، فقال له فتاه: {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة، فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا}، فكان للحوت سربا, ولموسى وفتاه عجبا, فقال موسى: {{ذلك ما كنا نبغ * فارتدا على آثارهما قصصا}} , فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فوجدا في البحر كالطاق ممر الحوت، فقال موسى: هاهنا وصف لي، فأطاف بها، فإذا هو بالخضر مسجى بثوب, فسلم عليه موسى فكشف الخضر عن وجهه وقال: هل بأرضي من سلام؟! من أنت؟! فقال: أنا موسى، فقال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: ما جاء بك؟! قال: {{هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا؟ قال إنك لن تستطيع معي صبرا}} يا موسى، إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه، أما يكفيك أن التوراة بيديك, وأن الوحي يأتيك؟! {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا}؟ شيء أمرت به أن أفعله, إذا رأيته لم تصبر, {قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا}، فقال له الخضر: {{فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا}} ، قال: نعم، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر, ليس لهما سفينة، فمرت بهما سفينة، فكلموهم أن يحملوهما، فعرفوا الخضر، فقالوا: عبد الله الصالح خضر، لا نحمله بأجر، فحملوهما بغير نول، فجاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر نقرة أو نقرتين في البحر، فقال الخضر: يا موسى ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر، فـخرج من كان فيها وتخلف ليخرقها، فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه فخرقها, ووتد فيها وتدا, فقال موسى: {{أخرقتها لتغرق أهلها}} ، قوم حملونا بغير نول, عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها؟! {{لقد جئت شيئا إمرا}} ، - قال مجاهد: منكرا - {{قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا؟ قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا}} ، فكانت الأولى من موسى نسيانا، والوسطى شرطا، والثالثة عمدا، فلما خرجا من البحر مروا بغلام يلعب مع الصبيان, فأخذ الخضر برأسه فقلعه بيده هكذا - وأومأ سفيان بأطراف أصابعه كأنه يقطف شيئا - ، وفي رواية: فأضجعه, ثم ذبحه بالسكين، فذعر عندها موسى عليه السلام ذعرة منكرة فقال: {{أقتلت نفسا زكية}} مسلمة {{بغير نفس}} لم تعمل بالحنث {{لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا؟}} - قال ابن عيينة: وهذه أشد من الأولى - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا المكان: رحمة الله علينا وعلى موسى, لولا أنه عجل لرأى العجب، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة، {{قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا}} ، ولو صبر لرأى العجب, قال أبي: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه فقال: رحمة الله علينا وعلى أخي كذا - {{فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية}} لئاما, فطافا في المجالس فــ {استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض} قال: مائل، {{فأقامه}} أومأ الخضر بيده هكذا - وأشار سفيان كأنه يمسح شيئا إلى فوق - فاستقام، فقال له موسى مما نزل بهم من الجهد: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا، عمدت إلى حائطهم؟ {لو شئت لاتخذت عليه أجرا}، - قال سعيد بن جبير: أجرا نأكله - { {قال: هذا فراق بيني وبينك}} ، فأخذ موسى عليه السلام بطرف ثوبه فقال: حدثني، قال: { {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا * أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}} ، قال سعيد بن جبير: وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: {وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا}، فأردت إذا هي مرت به وجدها منخرقة فيدعها لعيبها، فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها، {{وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين}} وكان ابن عباس يقرأ: { {وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين}} ، يقول: وأما الغلام فطُبِع يوم طُبِع كافرا، وكان أبواه قد عطفا عليه {{فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا}} يقول: فخشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه، فلو أنه أدرك أرهقهما طغيانا وكفرا، {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة} لقوله: {{أقتلت نفسا زكية}} {{وأقرب رحما}} يقول: هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر، فوقع أبوه على أمه فعلقت، فولدت منه خيرا منه زكاة وأقرب رحما, {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا}، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وددنا أن موسى صبر حتى يقص علينا من أمرهما).
رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي، وهذا السياق فيه جمع كل الروايات الصحيحة للقصة.