أولئك المقربون
ومن استشعر القرب وسابق إليه بأنواع القربات، نعم بالأنس بالله، وتلذذ بمناجاته، وكابد الليل قائماً وقاعداً وعلى كل حال، لاهجاً بالدعاء والاستغفار، مترنماً بآي القران.
- التصنيفات: التقوى وحب الله -
سمى الله الطاعة قربة كما في الحديث القدسي: «وماتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه».
فالطاعة وتكرارها تقربنا من الله، فكلما استكثرنا من الطاعات كانت خطوات قرب إلى الله سبحانه وتعالى.
سيقابل تقربك لربك قرب ربك سبحانه منك، فقد أخبر أنه سبحانه قريب من عباده فقال تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} وقال في الحديث القدسي: ( «من تقرب إلي شبراً تقربت منه ذراعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولة».
فقرب الله قربان؛ قرب عام يشمل الخلق كلهم كما في قوله سبحانه: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}، وقرب خاص يختص بأوليائه كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد»، وكقربه من الذاكرين كما في قوله سبحانه في الحديث القدسي: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي» وكقربه من الداعي كما في قوله {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
فلما عرف العارفون هذه المنزلة تسابقوا لنيلها، كما في قوله تعالى: {والسابقون السابقون * أولئك المقربون}، بل كانت محل دعائهم ( رب ابن لي بيتاً في الجنة) فقد اختارت آسية القرب منه سبحانه في الجنة، وكانت الفردوس أفضل الجنان لكون سقفها عرش الرحمن.
ومن استشعر القرب وسابق إليه بأنواع القربات، نعم بالأنس بالله، وتلذذ بمناجاته، وكابد الليل قائماً وقاعداً وعلى كل حال، لاهجاً بالدعاء والاستغفار، مترنماً بآي القران.
ومن ذاق حلاوة القرب من الله عز وجل لم يرضَ بالبعد، ومن وجد أنس القرب استغنى بربه عن خلقه.
____________________________________________
الكاتب: د. سعد الشمري