"لا تحسبُوهُ شرًّا لكُم بل هو خيرٌ لكم"

بعض آيات القرآن رغم أنها لصيقة بحوادث نزولها على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن فيها تربية للمؤمن عجيبة، وكأنها حكمة مخاطبة المؤمنين بها في كل زمان ومكان!

  • التصنيفات: نصائح ومواعظ -

بعض آيات القرآن رغم أنها لصيقة بحوادث نزولها على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن فيها تربية للمؤمن عجيبة، وكأنها حكمة مخاطبة المؤمنين بها في كل زمان ومكان!

في زمان كالذي نعيشه فيه ما فيه من الابتلاء الشديد والأذى الكثير والمكر والفتنة والظلم والعجز.. تبدو حاجتنا لهذه التربية القرآنية أشدّ من أي وقت مضى.

مثلًا في حادثة الإفك يُخاطب الله عز وجل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه والصحابة الذين لحقهم أذى المنافقين بقوله:

"لا تحسبُوهُ شرًّا لكُم بل هو خيرٌ لكم"

فأول ما يتبادر للذهن حين تسمع هذه الآية، أين الخير مع كل هذا الأذى؟!

ابن العربي له إجابة عجيبة يقول: "حقيقة الخير أنه ما زاد نفعه على ضره، وحقيقة الشر ما زاد ضره على نفعه، وأن خيرًا لا شر فيه هو الجنة، وشرًا لا خير فيه هو جهنم؛ ولهذا صار البلاء النازل على الأولياء خيرًا؛ لأن ضررَه من الألم قليل في الدنيا، وخيره من الثواب كثيرٌ في الآخرة"!

كأنه يقول إذا كانت الآخرة امتداد للدنيا، والخير الحقيقي ما رجحت منافعه على مضاره، وإن اشتمل على بعض الألم.. فكيف ومنفعة واحدة من هذه المنافع هي "الجنة"؟!
وإذا كان الشر الحقيقي ما غلب ضرره على نفعه، وإن تخلّله بعض اللذة، فكيف وضرر واحد من مضاره هي "النار"؟!

فكأن معنى الآية.. إنكم تحسبون أنه شر بالنظر إلى الأذى الذي نالكم في الدنيا، لكنه على الحقيقة خير لكم بالنظر إلى ما ينتظركم في الآخرة.

نعم ربما تكون العاقبة في الدنيا "خيرٌ لكم" بالنيل من عدوكم، وكشف المنافقين بينكم، وتشريف المؤمن، وتقبيح المنافق، لكن الخير الذي لا شر فيه ولا شر بعده؛ في الآخرة.
فشرُ الدنيا شرٌ بميزان الظن، خيرٌ بميزان الحقّ، إذا عملتم وصبرتم.

_______________________________________
الكاتب: محمد وفيق زين العابدين