كلام نافع للأخضري يصف زمانه في القرن العاشر الهجري، فكيف لو رأى زماننا؟!

محمد بن علي بن جميل المطري

كلام نافع للأخضري يصف زمانه في القرن العاشر الهجري، فكيف لو رأى زماننا؟!.........................

  • التصنيفات: التاريخ والقصص -

 

قال العلامة الأخضري الجزائري رحمه الله (المتوفى سنة 983 هـ) في آخر شرحه على متن السُّلَّم المنورق (ص: 40):

عاشر القرون هو قرننا هذا الذي ظهرت فيه الفتن، واشتد فيه البأس، وقوي فيه النحس، واشتد فيه طغيان الكافرين، وانتشر فيه ظلم الظالمين، وكثرت فيه شرار الخلائق ولم يبق إلا آثار الطرائق، والناس فيه ساهون مهطعون لحطام الدنيا، معرضون عن الدرجات العليا، مسابقون فيه إلى هواهم ليوقعهم في أهوى المهاوي، وأسوأ المساوي، وليس لهم تفكر في هاذم اللذات، ولا تأهب فيما بعد الممات، كأنهم في الدنيا مخلدون، وهم للفناء مشاهدون، يخدم الواحد منهم طول عمره على منفعة ساعة ويضيع منفعة الأبد، فما أشغلها من إضاعة!

فلو استيقظ هذا النائم، ونظر بعين قلبه، وفكّر في مآل أمره؛ لسارع للطاعة، واشتغل بالسنة والجماعة، لكن كثر ذنبه، وقسا قلبه، وظهر عيبه؛ فخذله ربه، فلم تنفع فيه موعظة، ولا صار من أهل اليقظة. إن كان قبل هذا الزمان عبدة الأوثان، فأهل هذا الزمان عبدة الشيطان، شاع الشر وانتشر لقرب هجوم الآيات الكُبَر.

اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه، ولا تجعلنا ممن اتخذ إلهه هواه، واحشرنا في زمرة أوليائك، وجملة أصفيائك، يوم لا يستغنى إلا بك، يوم لا ملجأ منك إلا إليك، يوم لا خير إلا لديك، وأعنا على هذا الزمان الصعب الذي كسفت فيه شموس الحق، وشاع فيه ظلام الباطل بين الخلق، وسدّ الأفق دخان الهوى، وانتشر في الأقاليم واستوى، فلا حرص ولا حزن إلا على الدنيا.

ترى الواحد إذا ضيَّع من الدنيا مثقال حبة تأسف عليه وتحيّر، وتكدّر قلبه وتغيّر، ويُضيِّع من خير الآخرة ما لا نسبة للدنيا بحذافيرها منه، فلا يخطر له ذلك ببال؛ وما ذلك إلا من علامة الخذلان والضلال، ومن علامات الخسران والنكال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.