التراكم العشوائي لا يَبنيك!
العشوائية في السماع قد تكون بالفعل ممتعة لحظيًّا، وأما المنهجية فقد يعتريك الملل، ولكن نهاية هذا الأمر جيدة مع مرور الوقت.
- التصنيفات: نصائح ومواعظ -
 
بعضنا يسمع محاضرات وفيديوهات قصيرة هُنا وهناك، يسمع مقطعًا في السيرة، ونصف ساعة في التاريخ، وساعة في العقيدة، ومثلها في الفقه، ودقائق من النوع القصير دقيقة ودقيقتين، وكلها عبارة عن مقتطعات من محاضرات أو سلاسل كاملة، ثم تُغلق هاتفك وقد استمعت إلى مقتطفات صنعت فيك فتاتٍ مُتفرقًا لا يبني فيك شيئا.
وذلك هو التراكم العشوائي الذي لا يُعلمك، بل يُعرفك، تتعرف على معلومة فقط دون أن تتعلمها، دون أن تبني فيك ثمرة متينة، أن تحشد معلومات من هنا وهناك دون أن تبني فهمًا، وأن تُكثر من السماع دون أن تُنتج فكرة بداخلك.
وعكس ذلك "السماع المنهجي" كل واحد فينا يمسك هاتفًا يستطيع أن يسمع على الأقل ساعة في يومه، لأنه بالفعل يسمعها لكنه بشكل عشوائي، فلو أنت من الذين منّ الله عليهم بحب السماع للمحاضرات الطويلة والبودكاست والسلاسل، فحاول أن تستمع بشكل منهجي.
ومثال ذلك: لو عند ساعة تستمع فيها إلى شيء كل يوم، فغالبا قد تُضيع نصف هذه الساعة بالبحث عن هذا الشيء! المقترحات والمحتويات كثيرة، والمشتتات أكثر، فنصيحتي أن تُخصص يومًا لا تستمع فيه، بل تُرتب أوراقكك فيه، أن تُجهّز محاضرات الأسبوع التي ستستمع إليها، وترتبها على الأيام، كأن تختار بودكاست لكل يوم من أيام الأسبوع، أو سلسلة كاملة تُنهيها في شهر أو أقل، أو كتاب صوتي تسمعه في أسبوع، وهلمَّ جرّا.
بهذه الطريقة ستستغل وقتك في بناء نفسك، وبعد فترة ستجد ثمرة في فكرك وعقلك وإيمانك بإذن الله.
حتى في استماعك للقرآن، فلو أنت في رحلة حفظ القرآن؛ فحاول أن تستمع إلى السورة التي سيأتي الدور عليها كنوع من أنواع التحضير، أو تستمع إلى ما أتممت حفظه كنوع من أنواع المراجعة، ولكن بشكل منهجي، أن تُحدد جزءًا أو اثنين تستمع إليهم طوال الأسبوع، ثم تنتقل إلى غيرهم حسب خطتك، فلو أنت قد ختمت حفظ القرآن، يمكنك مثلا أن تستمع إلى مصحف الحدر السريع للشيخ أحمد ديبان، فتراجع القرآن مرة كل ثلاث أو أقل أو أكثر عن طريق السماع.
الشاهد: العشوائية في السماع قد تكون بالفعل ممتعة لحظيًّا، لأنك تنتقل من موضوع إلى موضوع، ومن حال إلى حال، من فائدة إلى مزاح، من أخبار إلى غيرها، أما المنهجية فهي أشبه بالمحاضرة الجامعية، أنت تجلس وتستمع إلى شخص واحد في موضوع واحد، فقد يعتريك الملل، ولكن نهاية هذا الأمر جيدة مع مرور الوقت.
_______________________________________
الكاتب: أبو مسلم الرفاعي.
